رأتْ عيني لمُنْكَرة ٍقواما – ابن الرومي

رأتْ عيني لمُنْكَرة ٍقواما … ووجهاً يشبه البدرَ التماما

فلم أبرحْ صريع هوى ً كأنِّي … شربتُ به معتَّقة مُداما

شكا قلبي جناية َ طرْفِ عيني … وقال رأى فأغْرى بي غراما

فقلتُ وقد جَنَى شراً عليه … ألستَ تراه قد هجر المناما

فقال الجسم أشكو ذا وهذا … فإنهما أعاراني سقاما

فقلتُ ثلاثة ٌ كلٌّ جَناهُ … أقام بِكمْ بلاؤكُمُ وداما

فطرْفي ساهرٌ والجسم مُضْنى ً … وقلبي ليس يبرحُ مُستهاما

ومُنكرة ٌ تظنُّ الحبَّ لِعْباً … وقد قعدَ الهوى فيها وقاما

أظنُّ اليومَ قد غابتْه شهراً … وشهراً لا أراها فيه عاما

تحل بقرية النعمانِ عَمْداً … تُطيلُ بها على رغمي المُقاما

رمى الرحمنُ مولاها بموْتٍ … وعجَّل لي من الوعد انتقاما

لئن نَعُمَتْ لما رثَّتْ حبالٌ … لها عندي ولا أمست رِماما

ولكني أجدِّدُ كلَّ يومِ … بها وجداً وشوقاً واهتماما

بقلبي جمرة ٌ للشوقِ تُذكى … تزيدُ على تباعُدِها اضطراما

تُرَى الأيامُ تُدْنِي بعدَ بُعْدٍ … وتُعطينا اجتماعاً والتئاما

وتَشفِي من جَوَى الأبراحِ صبّاً … يكاد يموتُ سٌقماً واغتماما

فكُفّا بالذي أبلى وعافى … عن المشغولِ بالحُبِّ المَلاما

تُراني أبدَع العشاقِ عِشْقاً … وأولَ هائمٍ في الحب هاما