دعْ بين جلدى والعظام مكانا – مهيار الديلمي

دعْ بين جلدى والعظام مكانا … يسعُ الغرام ويحملُ الأحزانا

واستبقِ طرفي ربّما غلط الكرى … بطروقهِ فسلكته وسنانا

ما كان ما حملَ الوشاة ُ نصيحة ً … ممّن يوثِّق ناقلاً بهتانا

عذلوك ِفيّ فغيروكِ سريرة ً … ورأيتِ شيبا فاستحلتِ عيانا

عذلٌ يرى عدلا وجورُ ذوائبٍ … سمَّوه لي عزا فجرَّ هوانا

ما غيِّرتْ بالشَّيبِ لوناً لمَّتي … حتى تغيَّر صاحبي ألوانا

بيضاء سوَّدتِ الصحيفة َ عنده … واستعجلته بوصلها الهجرانا

إن يجتنب منها الهشيمَ مصوِّحا … فبما اجتنى ريعانها ريحانا

يا من يُعيِّرُ في الكرى ويلذُّهُ … لله أجفانا له أجفانا

إن الذين نسوا برامة َ عهدنا … سعدوا وأشقانا به أوفانا

ظعنوا فشبتُ وما كبرتُ وإنما … راحَ الشباب يشيِّعُ الأظعانا

أجدُ الديارَ كما عهدتُ وإنما … شكوايَ أنّى أفقدُ الجيرانا

يا تاركي أنسى العناقَ فراقه … أشكو إليك الريحَ والأغصانا

لان الصَّفا يومَ الوداع لرحمتي … لو أنّ قلبَ الوادعية لانا

يا وحدتي ما أكثر الإخوانا … نظراً وأكثرَ فيهم الخوَّانا

في كلِّ مطرحِ لحظة ٍ حولي أخٌ … صفوٌ إذا هزَّ الغنى الأفنانا

راعٍ معي إبلي فإن هي أعجفتْ … إبلي تقلَّبَ أو يعدنَ سمانا

إن عضَّني ريبُ الزمان أعانه … وتراه يأبى ما أصبتُ زمانا

أشريه في خفض المعيشة غاليا … ويبيعني في ضنكها مجَّانا

ألقاهمُ عددَ الكواكب كثرة ً … حولي وألقى وحدي الحدثانا

كفِّر وكن مستثنيا إلا إذا … أقسمتَ أنك لا ترى إنسانا

كم أُسمعُ الصُّمَّ البلاغة مفهما … وأرى عجائبَ فضلي العميانا

فأن الزمان صحا وصحَّ بواحدٍ … فبطول حملي جهله سكرانا

ولئن وجدتُ من المحاسن عينها … فبفرط ركضي أطلبُ الأعيانا

يفديكَ ضاغنة ٌ عليك ضلوعهُ … حسدا يغادر ماءها نيرانا

حيرانُ راشك منبتاك وحصَّه … خورُ العروقِ ففتَّه طيرانا

أمسى الأذلَّ بأرضه وبرغمه … وعززتَ أنت بهجرك الأوطانا

لم يستشرك لها وظنَّ برأيه … خيرا فخابَ عن الشِّيار وخانا

ومن العجائب أن يشلَّك قارحا … عنها ويرجو ضمَّها قرحانا

لا نام بعدك إن حلا نومٌ له … طرفٌ يفارقُ فضلك اليقظانا

وعلى التقارب والنوى فتملَّني … خلاًّ تسرُّبه دنا أو بانا

ترضاه ما شهد النديَّ وما خلا … ودّاً وحمدانيَّة ً ولسانا

ممّن يكون أشفَّ عندك كلّما اس … تشففته وكشفتَ عنه بيانا

إن أعجبتك اليومَ منه خلّة ٌ … أوفتْ خلالُ غدٍ وبنَّ حسانا

واسمع لها عذراءَ بكرا كلّما … خطبتْ لديك فأردفتك عوانا

هي نفثة ُ السحر التي قد أرخت الس … اداتُ مثلك لي بها الأرسانا

مما شريتُ هوى الملوك بمثله … قدماً فصاروا لي به إخوانا

صيَّرتها ثمناً لمثلك إنني … أبدا أغالي دونها الأثمانا

وصداقها المقبوضُ وصلك أختها … بعرى الوزيرِ وزفُّها حملانا

وجلاؤها في معرض الوصف الذي … يجلو لها الأبصارَ والآذانا

فلربَّ مجلوّ مغطّى ً حسنهُ … تجنيه بآستحسانك الإحسانا

أختانِ فاحفظني بجهدك فيهما … بكريم سوقهما ليَ الأحيانا

بلِّغه أنَّ الفضلَ في المعنى وإن … أسموا فلاناً عنده وفلانا

فلعلَّ يمنك أن يغادرني بها … بعد الأسى مستبشراً جذلانا

لولا أمانتك التي اشتهرتْ إذا اس … تودعتَ سرّاً أو ضمنتَ ضمانا

ما كنتُ أسمحُ أن أولِّيها أبا … تلقى نظائرَ عنده أقرانا

ولخفتُ غيْرتهن في تنفيرها … والحزمُ ألاَّ آمنَ الغيرانا