درَّ لها خلفُ الغمامِ فسقى – مهيار الديلمي

درَّ لها خلفُ الغمامِ فسقى … ومدَّ منْ ظلٍّ عليها ما رقى

ورابها ليلُ جمادى أْن ترى … منْ لهبِ الجوزاءِ يوماً محرقا

فنهضتْ بسوقها ودرجتْ … كهلاً أثيثاً ومعينا غدقا

حتَّى تخيَّلتُ رباها حوِّلتْ … بالخصبِ غدرا وحصاها ورقا

لو جاءَ يعطي خبراً عنْ جنَّة ٍ … رائدها راعيها لصدقا

خضنا بألحاظِ العيونِ طرقا … منها وأخفافُ المطيِّ طرقا

ملجمة ٌ تركبُ منْ دهماءها … على متاعٍ منْ ضحاها غسقا

تحبسنا صدورها والحبُّ في … أعجازها يجذبُ منء تعلَّقا

كلُّ فتى ً يخلفُ وجهَ شمسها … غاربهُ حتَّى يعودَ المشرقا

إذا المطايا لجأتْ ببوعها … إلى الوريدِ دعدعوها العنقا

تعسُّفاً حتّى ينقِّي سوقها … طلابها أيَّامها على النَّقا

تغنَّ بالجرعاءِ يا سائقها … فإنْ ونتْ شيئاً فزدها الأبرقا

واغنَ عنِ السِّياطِ في أرجوزة ٍ … بحاجرٍ ترى لسِّهامَ المرَّقا

واستقبلِ الرِّيحَ الصَّبا بخطمها … تجدْ سرى ً ما وجدتْ منطلقا

إنَّ لها عندي الحمى وأهلهِ … إنْ حملتْ لعقاً وعلقاً

والجانبِ الممنوع منْ وادي الغضا … هنَّأَ ما نقَّبَ أوْ ما عرَّقا

كمْ بالغضا يا زفرتي على الغضا … منْ شافعٍ ردَّ وعهدٍ سرقا

ونظرة ٍ للهِ منها حكمهُ … يومَ تخاصمِ القلوبَ الحدقا

وطارحٍ للنَّكثِ يثني حبلهُ … حتَّى يكونَ الرُّمَّة َ الممزَّقا

قدْ حبسوا ظبية َ هلاّ حبسوا … دمعاً إلى ذكرتها مستبقا

وبردَ الليلُ على ما لفَّقوا … لكنهمْ لا يبردونَ لاحرقا

أما وكانَ قسما أبرَّهُ … والظَّلمِ ما أشمَّ أو ما ذوَّقا

والبانِ يحنو هذهِ لهذه … بالجيدِ حتَّى دنيا فاعتنقا

وما سرى بينَ الغررِ والكرى … طيفٌ لها ردَّ الظَّلامَ قلقا

خطفِ القلوب ثمَّ طارتْ شعبا … أضغاثهُ عنِّي وطاحتْ شققا

فقمتُ أجلو لبسَ طرفي ويدي … أنفضُ رحلي وأقصُّ الطُّرقا

ثمَّ وهمتْ أنْ بدراً زراني … فبتُّ لا أسألُ إلاَّ الأفقا

لقدْ مشى الواشي على سمعي بها … في ضيّقِ الفجِّ زليقَ المرتقى

شأنكَ لا يبري الجوى إلاَّ الّذي … أدوى ولا يفري سوى منْ خلقا

قدْ عوَّذوا وعقدوا تمائمي … وأنقعُ السَّلوة َ راقٍ وسقى

وما يعودُ الحولُ إلاَّ عادني … منها مسيسٌ لا يحلُّ بالرُّقى

وليلة ٍ والحيُّ بعدُ لمْ يخفْ … أعينهمْ ولاالغيورَ المشفقا

واللامزُ المرتابُ سلمٌ صدرهُ … وجارة ُ البيتِ التي لا تتَّقى

قسمتها شكلانِ منْ وصالها … وعتبها بينَ النَّعيمِ والشقا

ثمَّ افترقنا ومعي وثيقة ٌ … تقربُ ما بينَ الفراقُُ واللقا

يا صاحبي وقولة ٍ مصمية ٍ … لا تفتحُ الألسنُ منها مغلقا

يغني اللهاة َ رفعها وخفضها … حتّى يقالُ غلطاً أو سرِقا

ترى البليغَ حولها مجمحما … يومَ تراهُ الأشدقَ المنطَّقا

منْ أمّهاتِ الفضلِ أمّا نثرت … أو نظمتْ كانتْ لجوجا عنقا

ركبتها أقتحمُ النَّادي بها … جامحة ً تفوتُ بي أنْ ألحقا

تضحكُ بالمجري معي يريدها … ضحكَ الصِّناعِ بيمينِ أخرقا

… … … … …نعيمها … … … … … …ظهرها والعنقا

منِ اللواتي تستصبُّ نحوها … نفسُ الوقورِ أوْ يكونُ الأنزقا

لو راودتْ أشمطَ وفَّى مائة ً … يشو بقدسٍ وبصيفِ الأبلقا

يعتجرُ الشَّملة َ حيطاناً إذا … قرَّ ويحتشُّ إذا ما استرزقا

أهوى لها يأخذُ منْ عاجلها … أوبقه آجلها ما أسترزقا

حملتُ عنها حرَّة ً كريمة ً … لوْ ألصقُ العارُ بها ما لصقا

وصاحبٍ كالغلِّ باتَ منكبي … منْ ربقة ِ الودِّ بهِ مطوَقا

أرمُّ منْ أخلاقهِ ملوَّنا … يصبغُ لي في كلِّ يومٍ خلقا

تكثَّرتْ بعددٍ منْ أسرتي … نفسي فأصبحتُ المقلَّ المملقا

وطوَّفتْ تسألُ في قبائلٍ … غريبة ٍ أينَ تكونًُ الأصدقا

فما رأتْ إلاَّ النِّفاقَ مسدلاً … على المودَّاتِ وإلاَّ الملَّقا

شمتُ الأنامَ خلَّباً إلا فتى … منَقيصرٍ أمطرَ لمَّا برقا

أفرقَ رأسُ الدَّهرِ منْ جنوبهِ … بهِ وصحَّ رأيهُ وحقَّقا

غنيتُ منهُ بأخٍ فداؤهُ … كلُّ أخٍ أصبحتُ منهُ مخفقا

وملئتُ كفّي بهِ وأفضلتْ … جوهرة ً أمَّ شفوفٍ ونقا

باعٍ لها الغوَّاصٌ ذاتَ نفسهِ … مغامراً لحبِّها معمِّقا

يهوي بهِ الفقرُ ومنْ شعارهِ … إمّا الغنى ربَّ وأمَّا الغرقا

ومجّهُ البحرُ فلو أبصرته … بها مضيَّاً ولها معتنقا

ترى الحصى والرَّملَ في يمينه … كيفَ انتحى عيناً بها وورقا

كرهتُ في المختارِ كلَّ حاسدٍ … يحسبُ في اجتماعنا التَّفرُّقا

وبعتُ خلاَّني بهِ بيعَ فتى ً … يعلمُ أنَّ الرِّبحَ حيثُ صفقا

عرَّفنيهِ خبرتي بغيرهِ … منْ جرَّبَ النَّاسَ درى وحذقا

وصحَّ لي بعدَ رجالٍ مرضوا … وكثرة ُ التيهِ تريكِ الطُّرقا

ظنّ غلوِّي فيكَ قومٌ سرفا … وفرطَ مدحي زخرفا مختلفا

وزادَ حتَّى لنْ يقولوا حاضرٌ … ودّ فقالوا بدويٌّ عشقا

ولو رآكَ منْ رآاكَ بنظري … وخبرتي قالََ بليغٌ صدقا

جاءَ بكَ الدّهرُ على شرائطي … تحفة َ عمدٍ لا على مااتفقا

رأيا لهُ القرطاسُ والسَّهمُ سوا … وراحة ً في المحلِ تجري دفقا

وسامراً والنّضارُ قدْ اخمدها … ربُّ المئينِ وجفانا فهُّقا

وخلقا إذا غضبتَ واسعاً … وعذراً إذا وهبتَ ضيقا

وجانباً في الودِّ ظلاًّ بارداً … ردَّ إلى الودِّ فؤاداً معتقا

رشتَ جناحيَّ التحمت معرِقا … زوريَ حتّى طرتَ بي محلِّقا

فتحتَ عيناً في العلا بصيرة ً … حتَّى رأيتَ غايتي مدقِّقا

ودلَّكَ المجدُ على فضيلتي … دلالة ً كنتَ لها موفَّقا

لمْ تكُ في الإيمانِ لي مقلِّدا … ولمْ يكنْ يسركَ بي تخلُّقا

أنتَ إذا الدَّهرُ رمى شاكلتي … درعي وأنتَ منذري إنْ فوّقا

ما غمّضتْ عنّي عينُ حاجة س … فارتادها طرفكَ إلّا رمقا

وقمتَ في أثارها مجلِّياً … بعثَ القنيصِ المضرحيَّ الأزرقا

فلا تصبني فيكَ عينُ حاسدٍ … يالقذى محدّقا ومطرقا

ولا تنلكَ الحادثاتُ بيدٍ … حتَى تشلَّ ساعداً ومرفقا

ونهضتْ عنِّي بما أوليتهُ … رواحلُ الشَّعرِ تجوبُ الأفقا

ثقائلاً يسوقها خفائفا … على الوجا لا تطمئنُ قلقا

رافعة ً واضعة ً أعناقها … يوماً ويوماً مغرباً ومشرقا

إنْ ظمئتْ فالشَّمسُ ولعابها … أو سبغتْ جرتْ تداري الرمقا

تحملُ كلَّ مستعادٍ ذكرها … عمَّ البلادَ صيتها وطبِّقا

هي العذارى البيضُ لمْ تلقَ لها … مبتكراً غيري ولا مستطرقا

إذا أقامت رشفتْ أو ظعنتْ … نفتْ على الأفواهِ نشراً عبقا

إذا الكلامُ نسبتْ أصولهُ … كانتْ أصولاً والكلامُ أسؤقا

أو طرحَ الشِّعرُ فماتَ فجأة … بقينَ ماطال وماطابَ البقا

ينصُّ شيطانَ القريضِ سمعهُ … مرتقيا في جوِّها مسترقا

لطائمٌ سوائرٌ إذا غدا … ذكركَ في أعجازها معلَّقا

تعلَّقتْ باسمكَ حتّى خرقتْ … بكَ السَّماءَ طبقاً فطبقا