دارُ أمنٍ وقِرارِ – ابن الرومي

دارُ أمنٍ وقِرارِ … واعتلاء واقتدارِ

ومعافاة وشكر … لا ابتلاء واصطبارِ

أُسِست والطير بال … يمن وبالسعد جواري

حلَّها بحر وأوفت … فوق بحر ذي غِمار

وعليٌّ أشبه البح … رين حقاً بالبحار

مَنْزل يشهد بالنْ … نُبل كُبارٌ لِكُبار

لم يزل يبنَى بناء ال … مجد مرفوعَ المنار

سبقَ السُّبّاق عفواً … غير مشقوق الغبار

سَبْقَ وثاب الجراثي … م سبوحٍ في الخَبار

سيد الكتّاب طُرّاً … ليس في ذاك تماري

خيرُ دارٍ حلَّ فيها … خيرُ أرباب الديار

وقديماً وفّق الل … هُ خِياراً لخيار

بُنِيْتَ بالمرمر المس … نون والتبر النُّضار

ولُباب الساج لابل … بِيَلَنْجوج القَماري

واكتست ثوبَ بياضٍ … ليلُهُ مثل النهار

فأتت زهراءَ تُعشى … بائتلاقٍ واستعار

ذات لمعٍ واتضاحٍ … فهْي من نور ونار

قُسِم الإشراقُ منها … بين سقف وجدار

ألبِسَ الزّرّين والجِب … سين من بعد اختيارِ

حين لم يرض شعاراً … لهما دون دثار

عُلِّيَا الزَّينَ مراراً … كُرِّرتْ بعد مرار

جنة تُذْكِرُ بالجنْ … نَة قلباً ذا اعتبار

ذاتُ بُستانين قد زِي … نا بنَوْر وثمار

في غصونٍ ناعماتٍ … مثل أوصال العَذارِي

تتقي من يجتني من … ها بلين واهتصار

في بقاع دَمثاتٍ … عطراتِ المستثار

تتداعى الغُنُّ فيها … من قيان وقَمَار

وتَراعَى الوحش فيها … من ألوف ونَوار

جمعتْ وحش المقا … صير إلى وحش القفار

كم بها سرباً من ال … وحش كحيلاً باحورار

ذا رقابٍ كالمضاحي … وقرون كالمَداري

كم بها سرباً من الإن … س له فيها تباري

ذا وجوهٍ كالمرايا … وقدودٍ كالسواري

تصرع الفارس منه … نّ عن الطِّرف المُطار

أعينٌ فيهنَّ سكرٌ … دونه سكر العُقار

وقديماً عجز الأس … وار عن ذات السوارِ

يا لهاتيك وجوهاً … في ثياب الكَيْمُخار

و الحريرِ الحرّ والعُصْ … فر مرفضِّ الشرار

منظرٌ لا يسأل النْ … ناظر جوداً باغتفار

من جميع الزَّين كاسٍ … من جميع الشَّين عاري

كم بها من صُدُغ أسْ … وَدَ معشوقِ المَدار

حول خدٍّ فيه ماءٌ … واقفٌ للعين جاري

فيه لوعاتٌ وفيه … ريُّ أكبادٍ حِرار

ذي عِذار يترك النْ … ناسك مخلوعَ العذار

كم بها من شاربٍ أخ … ضرَ حلو المُسْتدار

كسَرار الشهر بل أخ … فى مَخَطَّا من سرار

تحته ثغرٌ يباهي … ه لدَى كلِّ افترار

في فمٍ يَنْفح مسكاً … حين يدنو للسِّرار

ملك عفٌّ تلقّى … كل فحش بازورار

ما اكتسى مَلْبس شينٍ … لا ولا ملبس عار

أنشأ الدار التي أن … شأ لإفراط اغترار

بل بِنًى تُذْكِرهُ الجن … نة في خير عَقَار

مَثَّل الفردوس في الدنْ … يا بليغاً ذا اختصار

بمبان كالرَّواسي … وصِحانٍ كالصَّحاري

وحَكاها في سناءٍ … ما اكتستْه من شَوارِ

نُجِّدَتْ من خير نجدٍ … ملكتْ أيدي التِّجار

ذا تماثيلٍ حسان … من صغار وكبار

نشرتْ أسرة َ كسرى … دَسْتبْدا في دَوار

أو رماة في طِرادٍ … خلف سربٍ أو صُوار

أو رعيلٍ من حمير ال … وحش مشبوبِ الحِضار

خلفَه كل حثيث الرْ … رَكض في نقعٍ مُثارِ

كلهم مُشليٍ كلابٍ … مُسْلَهمّاتٍ ضَواري

قد نحا سهماً لظبيٍ … أو لثور أو حمار

مُتِّعتْ بالسيد المذ … كور في يوم الفخار

وَلْينَم فيها خَليّاً … من همومِ وحِذار

إنها من شكل دار ال … فوز لا دار البوارِ

كعبة يعمُرها النْ … ناس بحج واعتمار

طالبي فضل عليٍّ … وعطاياهُ الغِزار

فهمُ بين أيادي … مُستماحٍ مُستجار

مستماحِ المال في المع … روف محميِّ الذِّمار

مستشارٍ حين تُخشَى … عَثراتُ المتشار

أيها الجار الذي أص … بح مأمولَ الجوارِ

والذي لا يصرف الآ … مِلُ عنه باعتذار

أنزل الدار المُبَنّا … ة َ على سُقْيا القطار

وعلى استقبال وجهٍ … من ربيع ذي اخضرار

مُتوشٍّ باصفرار … وبياض واحمرار

ذي نجوم من خُزَامَى … وشموس من بَهار

وتَسربل ثوب عيشٍ … ليس بالثوب المُعار

أخْلِق الدار التي أن … شأْتَ إخلاق الإزار

أبْلِها في طاعة اللَّ … ه وجدِّد ألف دار

ولْيطُل عمرك مسرو … راً بأيامٍ قصار

يصِل الله بها خل … دك في دار القرار

حيث لا تعدم في الدا … رين منه خير جار

ليت شعري عنك هل أهْ … هَلت أمري لادّكار

نظراً يُحسن أني … لم أدعْ حُسن انتظاري