خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم – ابن الرومي

خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم … وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ

فظلم الليالي أنهن أشبْنني … لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم

وظُلم الغواني أنهن صرمنني … لظلم الليالي إنني لمُظلَّم

تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي … وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم

فإن أغد محزوم السهام فربما … غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم

ورب مَهاة صدتها بين نظرتي … ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ

أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ … فأستدرج الأقناص من حيث تعلم

رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته … كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ

فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه … فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم

وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ … ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ

ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها … وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم

هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ … لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ

يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها … سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم

لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه … دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم

مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما … ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ

كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ … وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ

إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ … غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ

أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً … وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ

سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها … شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ

سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله … يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ

من الهيفِ لو شاءت لقامت … بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم

كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ … لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم مص خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم

وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ … فظلم الليالي أنهن أشبْنني

لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم … وظُلم الغواني أنهن صرمنني

لظلم الليالي إنني لمُظلَّم … تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي

وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم … فإن أغد محزوم السهام فربما

غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم … ورب مَهاة صدتها بين نظرتي

ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ … أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ

فأستدرج الأقناص من حيث تعلم … رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته

كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ … فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه

فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم … وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ

ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ … ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم … هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ

لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ … يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها

سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم … لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه

دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم … مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما

ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ … كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ

وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ … إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ

غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ … أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً

وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ … سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها

شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ … سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله

يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ … من الهيفِ لو شاءت لقامت

بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم … كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ

لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم … وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ

يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم … مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً

إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم … وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ

فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ … على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ

وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ … يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً

وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم … يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ًخصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم

وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ … فظلم الليالي أنهن أشبْنني

لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم … وظُلم الغواني أنهن صرمنني

لظلم الليالي إنني لمُظلَّم … تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي

وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم … فإن أغد محزوم السهام فربما

غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم … ورب مَهاة صدتها بين نظرتي

ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ … أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ

فأستدرج الأقناص من حيث تعلم … رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته

كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ … فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه

فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم … وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ

ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ … ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم … هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ

لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ … يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها

سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم … لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه

دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم … مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما

ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ … كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ

وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ … إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ

غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ … أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً

وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ … سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها

شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ … سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله

يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ … من الهيفِ لو شاءت لقامت

بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم … كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ

لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم … وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ

يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم … مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً

إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم … وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ

فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ … على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ

وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ … يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً

وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم … يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً

تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم … نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه

ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ … بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ

على الخَدِّ للعين التي هي أظلم … ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ

على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ … تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها

بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ … عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ

تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم … يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه

من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم … وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ

يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم … رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها

ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم … تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ

تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ … وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع

وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم … إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ

لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم … مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ

وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم … لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ

على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم … أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها

على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم … كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ

حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ … خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني

بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ … وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً

فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ … لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ

تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ … يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ

مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ … كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ

لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا … يغازلني فيها غزالان منهما

ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ … إذا نصبا جيديهما فكلاهما

سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ … ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ

لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ … غزال وإبريق رذُومٌ وغادة

تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ … فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ

وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ … لعيني مُراعي شخصه فيه مأس

وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم … فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى

هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ … وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم

تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ … مها كالمها إلا جبالَ متونها

وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم … وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ

وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم … يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً

وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ … دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها

خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ … فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها

تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ … دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ

إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ … وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا

لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ … فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ

ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ … قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ

ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ … وقد طال ماذادتِ بها غير أنه

أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم … بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ

يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم … وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ

كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ … تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً

قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ … نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ

أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ … فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ

وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ … ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها

من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ … تخايلُ منه في خضاب تخاله

طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ … كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه

على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ … وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا

إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ … وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ

جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ … ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده

وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ … شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا

تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ … فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه

ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ … ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها

جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ … ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها

هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ … وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ

فليس لنجم في غواشيه منجمُ … عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه

وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ … لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه

بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ … عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ

كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ … يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ

هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ … نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ

من العيس في يهماء والليل أيهمُ … فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى

كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ … يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله

ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ … على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ

ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ … من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها

لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ … خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة

وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ … ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ

فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ … يُخال بها من رنّ هذي وهذه

إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ … تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله

وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ … وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه

وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ … وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها

سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ … أظلّ إذا كافحتها وكأنني

بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ … نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ

تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ … بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها

ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ … ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً

وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ … بذلك قد عللتُنفسي كُلّه

ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ … سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه

وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُن خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم … وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ

فظلم الليالي أنهن أشبْنني … لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم

وظُلم الغواني أنهن صرمنني … لظلم الليالي إنني لمُظلَّم

تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي … وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم

فإن أغد محزوم السهام فربما … غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم

ورب مَهاة صدتها بين نظرتي … ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ

أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ … فأستدرج الأقناص من حيث تعلم

رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته … كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ

فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه … فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم

وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ … ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ

ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها … وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم

هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ … لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ

يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها … سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم

لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه … دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم

مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما … ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ

كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ … وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ

إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ … غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ

أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً … وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ

سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها … شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ

سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله … يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ

من الهيفِ لو شاءت لقامت … بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم

كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ … لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغمه

وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ … يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم

مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً … إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم

وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ … فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ

على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ … وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ

يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً … وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم

يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً … تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم

نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه … ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ

بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ … على الخَدِّ للعين التي هي أظلم

ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ … على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ

تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها … بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ

عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ … تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم

يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه … من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم

وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ … يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم

رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها … ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم

تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ … تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ

وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع … وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم

إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ … لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم

مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ … وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم

لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ … على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم

أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها … على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم

كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ … حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ

خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني … بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ

وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً … فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ

لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ … تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ

يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ … مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ

كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ … لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا

يغازلني فيها غزالان منهما … ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ

إذا نصبا جيديهما فكلاهما … سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ

ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ … لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ

غزال وإبريق رذُومٌ وغادة … تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ

فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ … وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ

لعيني مُراعي شخصه فيه مأس … وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم

فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى … هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ

وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم … تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ

مها كالمها إلا جبالَ متونها … وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم

وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ … وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم

يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً … وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ

دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها … خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ

فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها … تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ

دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ … إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ

وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا … لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ

فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ … ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ

قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ … ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ

وقد طال ماذادتِ بها غير أنه … أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم

بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ … يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم

وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ … كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ

تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً … قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ

نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ … أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ

فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ … وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ

ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها … من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ

تخايلُ منه في خضاب تخاله … طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ

كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه … على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ

وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا … إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ

وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ … جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ

ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده … وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ

شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا … تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ

فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه … ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ

ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها … جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ

ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها … هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ

وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ … فليس لنجم في غواشيه منجمُ

عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه … وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ

لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه … بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ

عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ … كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ

يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ … هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ

نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ … من العيس في يهماء والليل أيهمُ

فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى … كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ

يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله … ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ

على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ … ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ

من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها … لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ

خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة … وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ

ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ … فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ

يُخال بها من رنّ هذي وهذه … إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ

تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله … وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ

وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه … وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ

وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها … سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ

أظلّ إذا كافحتها وكأنني … بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ

نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ … تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ

بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها … ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ

ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً … وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ

بذلك قد عللتُنفسي كُلّه … ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ

سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه … وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُ

أعمُّهُمُ مدحاً وأختصُّ منهمُ … وأخاهم عبيدَ اللَّه والحق يُلْزَمُ

فتى منهمُ في فضله متقدّمٌ … على أنه في سِنهِ متقدَّمُ

يُعدُّ إذا عُدَّ الملوك مبدَّأً … كما عُدَّ رأساً للشهور المحرَّمُ

له في المعالي والمكارم إخوة ٌ … وليس له فيها على ذاك تَوْأمُ

بنى بالمساعي سُؤدداً لا يُزيلُهُ … صروفُ الليالي أويزولَ يَلمْلَمُ

فتًى لا أسمّيه فتى لحداثة ٍ … ولكن لأخلاق له لاتَكَهَّمُ

من الأريحياتِ التي تُمتَرى الندى … فتَنْدَى وتلقَى عمرة ً فتقحَّمُ

إذا النعلُ شمَّتْ في المجالسِ مرة ً … فإن له نعلاً تُشَمُّ وتُلْثَمُ

وما دُبِغتْ بالمسك بل صُوفحت به … له قدمٌ في كلّ مجدٍ تَقدم

فتى ليس من يومٍ يمر ولا يُرَى … لنعماه فيه أو لبؤساء ميسمُ

يُمرُّ العطايا والمنايا لأهلها … على هِينة منه ولا يتندّمُ

له فعلاتٌ من سماحٍ ونجدة ٍ … لمنْ يعتفي عُرْفاً ومن يتعرَّمُ

يقومُ لها المالُ المؤثَّل والعِدَى … إذا قام للنار الحصادُ المحزَّمُ

فتى عزمه سيفٌ حسامٌ وسيفُه … قضاءٌ إذا لاقى الضريبة َ مُبْرمُ

يباشرُ أطرافَ القنا وهْو حاسرٌ … ويلقى لسانَ الذمّ وهْو مُلأمُ

مُقبَّلُ ظهرِ الكفّ وهّابُ بطنها … له راحة ٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ

فظاهرُها للناس رُكن مُقبَّلٌ … وباطنها عينٌ من العُرفِ غيلمُ

فتى لو رأى الناسُ الأمورَ بعينهِ … لما جهلوا أن المحامد مَغْنَمُ

يدُلُّ عليه السائلين ارتياحهُ … ووجهٌ بسيما الأكرمين مُسوَّمُ

إذا سئل استحيا من اللَّه أن يُرى … بموضعٍ مَرْجُوٍ وراجيه يُحرمُ

يرى شرَّ يومَيْ ماله يومَ كسبهِ … وأفضلَ يوميه إذا ناب مَغْرَمُ

فتى حسنتْ أسماؤه وصفاته … فأضحت بها أيدي الكواعب تُوشمُ

ولو وسمَ الناسُ الجباهَ بمدحهِ … إذاً لاستلذوا الوسمَ والوسمُ يؤلمُ

إذا ما أسرَّتْ أنفسُ القومِ ذِكْرَه … تبينتهُ فيهم ولم يتكلموا

تطيبُ به أنفاسهُ فتذيعُهُ … وهل سِرُّ مسكٍ أُودِعَ الريحَ يُكْتَم

فتى كَمُلتْ فيه الفضائلُ كلُّها … هنيئاً له الحظُّ الوفاءُ المتمَّمُ

فلاة خلَّة ٌ منها أضرَّتْ بخلَّة … على أنه في كُلّها متقسَّمُ

وما اقتسمتْ شتى الفضائل واحداً … فكاد من التقصير فيهنَّ يسلمُ

إلى أيّ مافيه قصدتَ حسبته … هو الغرضُ المقصودُ فيه الميمَّمُ

ليُنْظَمَ فيه ذلك الدرُّ سُلّكَتْ … مريرتُه والدرُّ في السلك يُنظَمُ

خلالٌ جفا عنها الجفاة ُ خلائفاً … وخلقاً وهل للدرّ في الحبل مَنْظمُ

ومازال عبدُ اللَّه يعلم أنّه … قديماً لهاتيك الشناشنِ أخزمُ

تبينُ فيه وهْو في المهدِ أنه … سيرفعُ من بُنْيانه وسيدْعَمُ

وأنْ سوف يحييه بماهو فاعلٌ … إذا هو واراه الضريحُ المطمطمُ

لذلك أقفاه وسماه باسمه … وفي الحقّ يُقْفَى مثلهُ ويكرمُ

وماكان لاستصغارهِ اسمهُ … أبى ذاك من معناه فخم مفخَّمُ

ولكنَّ أسماءَ الأحبّة ِ لم تزلْ … تُصَغَّر في أهليهمُ وترخَّمُ

وماضرَّ من أضحى له اسم مُصغَّرٌ … ومعنى مُجلٌّ في الصدورِ معظّمُ

هو الغرة البيضاءُ من آل مُصْعب … وهم بعده التحجيل والناس أدهمُ

لتَفتَرَّ عنه في مواطن جَمَّة ٍ … رُزَيْق فما مفترُّها عنه أهتم

كفاها به من مَضْحَكٍ يومَ زينة … ومن مَكْلح في الحربِ حين تَجَهَّمُ

ثنايا لعمري وُضَّحٌ لا يشيِنُها … ونابُ عضاضٍ مِقْصلٌ حين يَضْغَمُ

ألكْنِي إلى عمرو بن ليث رسالة ً … لها حين يدوى الغيبُ غيبٌ مُسلَّمُ

فإنا غدونا نحمدُ اللَّه أوَّلاً … فواتحَ من حمدٍ بحمدك تُختَمُ

على نعمة ٍ ألبستناها جديدة ً … هي الوشي حُسْناً والحبير المنمنمُ

لك المسمعُ المصغى إليه إذا غدت … لبوساً لنا والمنظرُ المتوسَّمُ

رعيتَ سدانا بالأمير فكلّنا … بذلك ممنونٌ عليه ومُنعَمُ

توخّى بنا المرعى المرِىء نباتُه … وجنَّبنَا المرعى الذي يُتَوَخَّمُ

وذبَّ الذئابَ الطُّلْسَ عنا فأصبحتْ … ومنها طريدُ الخوفِ والمتحرَّم

وأثبتَ للأمرِ الذي يستديمه … أواخيَّ صدْقٍ أقسمتْ لاتَجَذَّمُ مص خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم

وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ … فظلم الليالي أنهن أشبْنني

لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم … وظُلم الغواني أنهن صرمنني

لظلم الليالي إنني لمُظلَّم … تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي

وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم … فإن أغد محزوم السهام فربما

غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم … ورب مَهاة صدتها بين نظرتي

ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ … أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ

فأستدرج الأقناص من حيث تعلم … رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته

كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ … فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه

فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم … وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ

ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ … ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم … هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ

لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ … يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها

سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم … لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه

دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم … مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما

ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ … كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ

وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ … إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ

غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ … أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً

وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ … سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها

شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ … سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله

يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ … من الهيفِ لو شاءت لقامت

بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم … كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ

لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم … وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ

يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم … مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً

إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم … وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ

فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ … على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ

وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ … يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً

وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم … يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً

تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم … نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه

ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ … بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ

على الخَدِّ للعين التي هي أظلم … ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ

على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ … تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها

بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ … عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ

تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم … يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه

من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم … وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ

يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم … رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها

ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم … تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ

تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ … وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع

وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم … إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ

لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم … مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ

وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم … لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ

على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم … أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها

على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم … كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ

حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ … خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني

بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ … وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً

فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ … لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ

تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ … يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ

مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ … كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ

لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا … يغازلني فيها غزالان منهما

ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ … إذا نصبا جيديهما فكلاهما

سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ … ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ

لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ … غزال وإبريق رذُومٌ وغادة

تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ … فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ

وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ … لعيني مُراعي شخصه فيه مأس

وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم … فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى

هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ … وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم

تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ … مها كالمها إلا جبالَ متونها

وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم … وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ

وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم … يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً

وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ … دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها

خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ … فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها

تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ … دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ

إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ … وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا

لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ … فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ

ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ … قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ

ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ … وقد طال ماذادتِ بها غير أنه

أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم … بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ

يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم … وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ

كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ … تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً

قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ … نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ

أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ … فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ

وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ … ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها

من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ … تخايلُ منه في خضاب تخاله

طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ … كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه

على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ … وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا

إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ … وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ

جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ … ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده

وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ … شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا

تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ … فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه

ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ … ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها

جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ … ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها

هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ … وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ

فليس لنجم في غواشيه منجمُ … عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه

وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ … لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه

بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ … عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ

كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ … يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ

هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ … نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ

من العيس في يهماء والليل أيهمُ … فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى

كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ … يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله

ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ … على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ

ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ … من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها

لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ … خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة

وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ … ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ

فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ … يُخال بها من رنّ هذي وهذه

إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ … تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله

وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ … وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه

وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ … وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها

سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ … أظلّ إذا كافحتها وكأنني

بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ … نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ

تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ … بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها

ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ … ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً

وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ … بذلك قد عللتُنفسي كُلّه

ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ … سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه

وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُ … أعمُّهُمُ مدحاً وأختصُّ منهمُ

وأخاهم عبيدَ اللَّه والحق يُلْزَمُ … فتى منهمُ في فضله متقدّمٌ

على أنه في سِنهِ متقدَّمُ … يُعدُّ إذا عُدَّ الملوك مبدَّأً

كما عُدَّ رأساً للشهور المحرَّمُ … له في المعالي والمكارم إخوة ٌ

وليس له فيها على ذاك تَوْأمُ … بنى بالمساعي سُؤدداً لا يُزيلُهُ

صروفُ الليالي أويزولَ يَلمْلَمُ … فتًى لا أسمّيه فتى لحداثة ٍ

ولكن لأخلاق له لاتَكَهَّمُ … من الأريحياتِ التي تُمتَرى الندى

فتَنْدَى وتلقَى عمرة ً فتقحَّمُ … إذا النعلُ شمَّتْ في المجالسِ مرة ً

فإن له نعلاً تُشَمُّ وتُلْثَمُ … وما دُبِغتْ بالمسك بل صُوفحت به

له قدمٌ في كلّ مجدٍ تَقدم … فتى ليس من يومٍ يمر ولا يُرَى

لنعماه فيه أو لبؤساء ميسمُ … يُمرُّ العطايا والمنايا لأهلها

على هِينة منه ولا يتندّمُ … له فعلاتٌ من سماحٍ ونجدة ٍ

لمنْ يعتفي عُرْفاً ومن يتعرَّمُ … يقومُ لها المالُ المؤثَّل والعِدَى

إذا قام للنار الحصادُ المحزَّمُ … فتى عزمه سيفٌ حسامٌ وسيفُه

قضاءٌ إذا لاقى الضريبة َ مُبْرمُ … يباشرُ أطرافَ القنا وهْو حاسرٌ

ويلقى لسانَ الذمّ وهْو مُلأمُ … مُقبَّلُ ظهرِ الكفّ وهّابُ بطنها

له راحة ٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ … فظاهرُها للناس رُكن مُقبَّلٌ

وباطنها عينٌ من العُرفِ غيلمُ … فتى لو رأى الناسُ الأمورَ بعينهِ

لما جهلوا أن المحامد مَغْنَمُ … يدُلُّ عليه السائلين ارتياحهُ

ووجهٌ بسيما الأكرمين مُسوَّمُ … إذا سئل استحيا من اللَّه أن يُرى

بموضعٍ مَرْجُوٍ وراجيه يُحرمُ … يرى شرَّ يومَيْ ماله يومَ كسبهِ

وأفضلَ يوميه إذا ناب مَغْرَمُ … فتى حسنتْ أسماؤه وصفاته

فأضحت بها أيدي الكواعب تُوشمُ … ولو وسمَ الناسُ الجباهَ بمدحهِ

إذاً لاستلذوا الوسمَ والوسمُ يؤلمُ … إذا ما أسرَّتْ أنفسُ القومِ ذِكْرَه

تبينتهُ فيهم ولم يتكلموا … تطيبُ به أنفاسهُ فتذيعُهُ

وهل سِرُّ مسكٍ أُودِعَ الريحَ يُكْتَم … فتى كَمُلتْ فيه الفضائلُ كلُّها

هنيئاً له الحظُّ الوفاءُ المتمَّمُ … فلاة خلَّة ٌ منها أضرَّتْ بخلَّة

على أنه في كُلّها متقسَّمُ … وما اقتسمتْ شتى الفضائل واحداً

فكاد من التقصير فيهنَّ يسلمُ … إلى أيّ مافيه قصدتَ حسبته

هو الغرضُ المقصودُ فيه الميمَّمُ … ليُنْظَمَ فيه ذلك الدرُّ سُلّكَتْ

مريرتُه والدرُّ في السلك يُنظَمُ … خلالٌ جفا عنها الجفاة ُ خلائفاً

وخلقاً وهل للدرّ في الحبل مَنْظمُ … ومازال عبدُ اللَّه يعلم أنّه

قديماً لهاتيك الشناشنِ أخزمُ … تبينُ فيه وهْو في المهدِ أنه

سيرفعُ من بُنْيانه وسيدْعَمُ … وأنْ سوف يحييه بماهو فاعلٌ

إذا هو واراه الضريحُ المطمطمُ … لذلك أقفاه وسماه باسمه

وفي الحقّ يُقْفَى مثلهُ ويكرمُ … وماكان لاستصغارهِ اسمهُ

أبى ذاك من معناه فخم مفخَّمُ … ولكنَّ أسماءَ الأحبّة ِ لم تزلْ

تُصَغَّر في أهليهمُ وترخَّمُ … وماضرَّ من أضحى له مُصغَّرٌ

ومعنى مُجلٌّ في الصدورِ معظّمُ … هو الغرة البيضاءُ من آل مُصْعب

وهم بعده التحجيل والناس أدهمُ … لتَفتَرَّ عنه في مواطن جَمَّة ٍ

رُزَيْق فما مفترُّها عنه أهتم … كفاها به من مَضْحَكٍ يومَ زينة

ومن مَكْلح في الحربِ حين تَجَهَّمُ … ثنايا لعمري وُضَّحٌ لا يشيِنُها

ونابُ عضاضٍ مِقْصلٌ حين يَضْغَمُ … ألكْنِي إلى عمرو بن ليث رسالة ً

لها حين يدوى الغيبُ غيبٌ مُسلَّمُ … فإنا غدونا نحمدُ اللَّه أوَّلاً

فواتحَ من حمدٍ بحمدك تُختَمُ … على نعمة ٍ ألبستناها جديدة ً

هي الوشي حُسْناً والحبير المنمنمُ … لك المسمعُ المصغى إليه إذا غدت

لبوساً لنا والمنظرُ المتوسَّمُ … رعيتَ سدانا بالأمير فكلّنا

بذلك ممنونٌ عليه ومُنعَمُ … توخّى بنا المرعى المرِىء نباتُه

وجنَّبنَا المرعى الذي يُتَوَخَّمُ … وذبَّ الذئابَ الطُّلْسَ عنا فأصبحتْ

ومنها طريدُ الخوفِ والمتحرَّم … وأثبتَ للأمرِ الذي يستديمه

أواخيَّ صدْقٍ أقسمتْ لاتَجَذَّمُ … ه فلا تسهمنَّ الحظَّ فيه فإنه

جزيلٌ ومامَنْ كان مثلك يُسْهَمُ … تحمّل ما حُملتَه من أمانة ٍ

فناءَ بها منه ضليعٌ عَثمثُم … حليم إذا ما الحلمُ أُحمِدَ غِبُّهُ

وأدَّى إلى العُقْبى التي هي أسلمُ … جهولٌ على الأعداء جهلَ نكاية ٍ

يداوَى به جهلُ الجهولِ فيُحْسمُ … وحاشاه من جهلِ الغباوة أنه

أطبُّ بأحناء الأمور وأحكمُ … عَفُوٌّ إذا ما الذنبُ لم يعْدُ حدَّه

إلى الوِتْرِ تَبَّاعٌ قفا الوتر أرقمُ … أخوذٌ بوثقي عروتَيْ كلّ خُطَّة ٍ

تروكُ الهوينا للتي هي أحزمُ … حلا لشفاه الذائقين وإنه

على لهوات الآكلين لعلْقَمُ … وداوَى من الأدواءِ حتّى أماتها

بأدوية ٍ لم يدرِ ماهنّ حِذيمُ … فذو الزيغِ يُسْتَأنَى وذو الغيث يُنْتَحَى

وذو النفر يُسْتَدْنى وذو الشَّغْب يُوقمُ … وكانت همومٌ لاتزال تهمُّها

رجالٌ فقد عادت مغايظَ تكظمُ … ولاغروَ أن ذلّتْ له بعد عزّة ٍ

أنوفٌ عِدًى أضحتْ تُخَشُّ وتُحزَم … تكنفُ هذا الدين والملكَ منكما

يلمْلم في أنضادهِ ويرْمرمُ … رسا جبلا حَزْمٍ وعزمٍ وقوة ٍ

بمثلهما تحمى القواصي وتُعْصَمُ … لتحملْ رقابٌ مائلاتٌ رؤوسها

حذارِ وإلا فالمليمون ألومُ … هو السيفُ يجني كلَّ رأسٍ دنا له

وقدماً إذا استصرم الدومُ يصرمُ … فأقصرَ قومٌ وانتهوا عن سفاهم

وهامُهمُ بين المناكب جُثَّمُ … وإلا فإني ضامنٌ أنْ يبُزَّها

مجاثمَها سيفٌ من البأسِ مخذمُ … بكفَّي عبيد الله يهوي بحدّه

إلى حيث أهوى الحقُّ لا يتلعثم … همام إذا اعوجّتْ عوالي رماحِهِ

غدت بين أحناء الضلوع تُقوَّمُ … له الراية السوداء تخفقُ فوقَها

مع النصر رايات من الطير حُوَّمُ … يحمنَ عليها واثقاتٍ بأنها

ستُجزَر أشلاءَ الطغاة وتُلْحَمُ … وماحربهُ حربٌ إذ نابذ العدا

ولكنها أرضٌ عليهم تُدمْدِمُ … أخو الرأي والبأسِ اللذيْن كلاهما

يُكادُ به الجيش اللُّهام فيُهْزمُ … يُرى أو يُلاقى وحدَه فكأنما

يُرى أو يُلاقى ألفُ ألفٍ مصممُ … له عندَ قدْحِ الرأي من خطراته

وعند انتضاء العزم للأمر يدْهَمُ … سُكونٌ كإطراقِ الشُّجاع وسورة ٌ

كسورته لابل أشدَّ وأعْرَمُ … هو الليث طوراً بالعراء وتارة ً

له بين أجامِ القنا متأجَّمُ … مُساورُ قِرنٍ أو مجيلُ جوائلٍ

من الرأي مكرُ الله فيهنَّ مدغَمُ … ليطرقْهُ ضيفٌ أو لتطرقه نوبة ٌ

فما للقرى عن طارقيه مُعتَّمُ … لكلّ نزيل قد أعدَّ عتاده

فللضيف ترحيب ومَثْوًى مكرمُ … وإن كانت الأخرى ولانزلتْ به

فبأسٌ بمثليْه منالشر يؤدمُ … يدبرهُ رأيٌ سديدٌ بمثله

تُرمّ مصاعيبُ الأمور وتخطم … إذا ما أصاب الخطبَ لم يك فلتة ً

ولاهفوة ً في إثرها متندَّمُ … به يهتدي الضُّلالُ عند ضلالهم

إلى سنَنَ القصدِ الذي هو أقومُ … عجبتُ لرأي يُستضاءُ ودونه

سماءُ سماحٍ لاتزال تَغَيَّمُ … ليفخرْ عبيدُ اللَّه فهْو الذي له

بفضلِ الحجى والبأسِ والجود يُحكَمُ … ومافخرَ مَنْ لَو فاخر الفخر أصبَحَتْ

مقاليدُه عفواً إليه تسلَّمُ … له الحلم لو يُلْقَى على الناسِ بعضُه

تعافوا فلم يُسفَك على الأرضِ محجمُ … إلى البأس لو يمنى به الدهر مرة ً

لأغضى كما يغْضى الذليل المهضَّمُ … إلى الجود لو يُعْدِي أقلُّ قليلهِ

أكفَّ الورى لم يُحْمَ للمال مَحْرَمُ … خلائِقُ لو فُضَّتْ على الناسِ كلّهم

محاسنُها لم يبق في الناس مَشْتَمُ … وإن عُدَّتِ الآدابُ يوماً وأهلُها

فذكراه ريحانُ القلوبِ المشمَّمُ … هو المرسَلُ الأمثالُ في كلّ منطقٍ

يظلَّ بماء العين في الخدّ يُرْسَمُ … من الشعراء الأعذبين قريحة ً

وعلاَّمَة ٌ بحرٌ من العلم مُفَعمُ … إذا ما جَرى في حلبة عربية ٍ

تخلّف عن شأويه قُسٌّ وأكثَمُ … جواد ثنى غرْبَ الجيادِ بغربه

فظلَّ يجاري ظلّها وهْيَ صُيَّمُ … سبوق متى يطلبْ سبوقٌ لحاقَه

يفتْهُ به غَمْرُ البديهة مرْجَمُ … لحوقٌ إذا خاضَ العجاجة َ شقَّها

فلا الشأو مقصورٌ ولا الوجه أقتمُ … حلفتُ بأصوات الوفود التي لها

بصحراءَ جمع مَجْأَرٌ ومُهَيْنَمُ نم خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم … وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ

فظلم الليالي أنهن أشبْنني … لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم

وظُلم الغواني أنهن صرمنني … لظلم الليالي إنني لمُظلَّم

تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي … وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم

فإن أغد محزوم السهام فربما … غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم

ورب مَهاة صدتها بين نظرتي … ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ

أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ … فأستدرج الأقناص من حيث تعلم

رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته … كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ

فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه … فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم

وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ … ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ

ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها … وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم

هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ … لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ

يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها … سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم

لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه … دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم

مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما … ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ

كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ … وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ

إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ … غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ

أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً … وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ

سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها … شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ

سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله … يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ

من الهيفِ لو شاءت لقامت … بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم

كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ … لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم

وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ … يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم

مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً … إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم

وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ … فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ

على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ … وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ

يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً … وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم

يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً … تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم

نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه … ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ

بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ … على الخَدِّ للعين التي هي أظلم

ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ … على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ

تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها … بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ

عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ … تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم

يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه … من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم

وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ … يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم

رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها … ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم

تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ … تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ

وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع … وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم

إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ … لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم

مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ … وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم

لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ … على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم

أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها … على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم

كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ … حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ

خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني … بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ

وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً … فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ

لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ … تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ

يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ … مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ

كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ … لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا

يغازلني فيها غزالان منهما … ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ

إذا نصبا جيديهما فكلاهما … سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ

ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ … لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ

غزال وإبريق رذُومٌ وغادة … تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ

فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ … وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ

لعيني مُراعي شخصه فيه مأس … وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم

فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى … هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ

وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم … تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ

مها كالمها إلا جبالَ متونها … وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم

وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ … وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم

يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً … وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ

دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها … خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ

فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها … تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ

دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ … إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ

وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا … لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ

فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ … ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ

قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ … ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ

وقد طال ماذادتِ بها غير أنه … أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم

بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ … يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم

وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ … كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ

تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً … قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ

نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ … أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ

فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ … وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ

ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها … من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ

تخايلُ منه في خضاب تخاله … طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ

كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه … على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ

وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا … إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ

وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ … جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ

ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده … وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ

شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا … تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ

فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه … ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ

ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها … جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ

ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها … هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ

وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ … فليس لنجم في غواشيه منجمُ

عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه … وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ

لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه … بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ

عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ … كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ

يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ … هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ

نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ … من العيس في يهماء والليل أيهمُ

فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى … كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ

يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله … ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ

على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ … ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ

من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها … لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ

خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة … وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ

ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ … فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ

يُخال بها من رنّ هذي وهذه … إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ

تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله … وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ

وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه … وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ

وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها … سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ

أظلّ إذا كافحتها وكأنني … بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ

نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ … تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ

بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها … ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ

ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً … وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ

بذلك قد عللتُنفسي كُلّه … ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ

سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه … وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُ

أعمُّهُمُ مدحاً وأختصُّ منهمُ … وأخاهم عبيدَ اللَّه والحق يُلْزَمُ

فتى منهمُ في فضله متقدّمٌ … على أنه في سِنهِ متقدَّمُ

يُعدُّ إذا عُدَّ الملوك مبدَّأً … كما عُدَّ رأساً للشهور المحرَّمُ

له في المعالي والمكارم إخوة ٌ … وليس له فيها على ذاك تَوْأمُ

بنى بالمساعي سُؤدداً لا يُزيلُهُ … صروفُ الليالي أويزولَ يَلمْلَمُ

فتًى لا أسمّيه فتى لحداثة ٍ … ولكن لأخلاق له لاتَكَهَّمُ

من الأريحياتِ التي تُمتَرى الندى … فتَنْدَى وتلقَى عمرة ً فتقحَّمُ

إذا النعلُ شمَّتْ في المجالسِ مرة ً … فإن له نعلاً تُشَمُّ وتُلْثَمُ

وما دُبِغتْ بالمسك بل صُوفحت به … له قدمٌ في كلّ مجدٍ تَقدم

فتى ليس من يومٍ يمر ولا يُرَى … لنعماه فيه أو لبؤساء ميسمُ

يُمرُّ العطايا والمنايا لأهلها … على هِينة منه ولا يتندّمُ

له فعلاتٌ من سماحٍ ونجدة ٍ … لمنْ يعتفي عُرْفاً ومن يتعرَّمُ

يقومُ لها المالُ المؤثَّل والعِدَى … إذا قام للنار الحصادُ المحزَّمُ

فتى عزمه سيفٌ حسامٌ وسيفُه … قضاءٌ إذا لاقى الضريبة َ مُبْرمُ

يباشرُ أطرافَ القنا وهْو حاسرٌ … ويلقى لسانَ الذمّ وهْو مُلأمُ

مُقبَّلُ ظهرِ الكفّ وهّابُ بطنها … له راحة ٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ

فظاهرُها للناس رُكن مُقبَّلٌ … وباطنها عينٌ من العُرفِ غيلمُ

فتى لو رأى الناسُ الأمورَ بعينهِ … لما جهلوا أن المحامد مَغْنَمُ

يدُلُّ عليه السائلين ارتياحهُ … ووجهٌ بسيما الأكرمين مُسوَّمُ

إذا سئل استحيا من اللَّه أن يُرى … بموضعٍ مَرْجُوٍ وراجيه يُحرمُ

يرى شرَّ يومَيْ ماله يومَ كسبهِ … وأفضلَ يوميه إذا ناب مَغْرَمُ

فتى حسنتْ أسماؤه وصفاته … فأضحت بها أيدي الكواعب تُوشمُ

ولو وسمَ الناسُ الجباهَ بمدحهِ … إذاً لاستلذوا الوسمَ والوسمُ يؤلمُ

إذا ما أسرَّتْ أنفسُ القومِ ذِكْرَه … تبينتهُ فيهم ولم يتكلموا

تطيبُ به أنفاسهُ فتذيعُهُ … وهل سِرُّ مسكٍ أُودِعَ الريحَ يُكْتَم

فتى كَمُلتْ فيه الفضائلُ كلُّها … هنيئاً له الحظُّ الوفاءُ المتمَّمُ

فلاة خلَّة ٌ منها أضرَّتْ بخلَّة … على أنه في كُلّها متقسَّمُ

وما اقتسمتْ شتى الفضائل واحداً … فكاد من التقصير فيهنَّ يسلمُ

إلى أيّ مافيه قصدتَ حسبته … هو الغرضُ المقصودُ فيه الميمَّمُ

ليُنْظَمَ فيه ذلك الدرُّ سُلّكَتْ … مريرتُه والدرُّ في السلك يُنظَمُ

خلالٌ جفا عنها الجفاة ُ خلائفاً … وخلقاً وهل للدرّ في الحبل مَنْظمُ

ومازال عبدُ اللَّه يعلم أنّه … قديماً لهاتيك الشناشنِ أخزمُ

تبينُ فيه وهْو في المهدِ أنه … سيرفعُ من بُنْيانه وسيدْعَمُ

وأنْ سوف يحييه بماهو فاعلٌ … إذا هو واراه الضريحُ المطمطمُ

لذلك أقفاه وسماه باسمه … وفي الحقّ يُقْفَى مثلهُ ويكرمُ

وماكان لاستصغارهِ اسمهُ … أبى ذاك من معناه فخم مفخَّمُ

ولكنَّ أسماءَ الأحبّة ِ لم تزلْ … تُصَغَّر في أهليهمُ وترخَّمُ

وماضرَّ من أضحى له مُصغَّرٌ … ومعنى مُجلٌّ في الصدورِ معظّمُ

هو الغرة البيضاءُ من آل مُصْعب … وهم بعده التحجيل والناس أدهمُ

لتَفتَرَّ عنه في مواطن جَمَّة ٍ … رُزَيْق فما مفترُّها عنه أهتم

كفاها به من مَضْحَكٍ يومَ زينة … ومن مَكْلح في الحربِ حين تَجَهَّمُ

ثنايا لعمري وُضَّحٌ لا يشيِنُها … ونابُ عضاضٍ مِقْصلٌ حين يَضْغَمُ

ألكْنِي إلى عمرو بن ليث رسالة ً … لها حين يدوى الغيبُ غيبٌ مُسلَّمُ

فإنا غدونا نحمدُ اللَّه أوَّلاً … فواتحَ من حمدٍ بحمدك تُختَمُ

على نعمة ٍ ألبستناها جديدة ً … هي الوشي حُسْناً والحبير المنمنمُ

لك المسمعُ المصغى إليه إذا غدت … لبوساً لنا والمنظرُ المتوسَّمُ

رعيتَ سدانا بالأمير فكلّنا … بذلك ممنونٌ عليه ومُنعَمُ

توخّى بنا المرعى المرِىء نباتُه … وجنَّبنَا المرعى الذي يُتَوَخَّمُ

وذبَّ الذئابَ الطُّلْسَ عنا فأصبحتْ … ومنها طريدُ الخوفِ والمتحرَّم

وأثبتَ للأمرِ الذي يستديمه … أواخيَّ صدْقٍ أقسمتْ لاتَجَذَّمُ

فلا تسهمنَّ الحظَّ فيه فإنه … جزيلٌ ومامَنْ كان مثلك يُسْهَمُ

تحمّل ما حُملتَه من أمانة ٍ … فناءَ بها منه ضليعٌ عَثمثُم

حليم إذا ما الحلمُ أُحمِدَ غِبُّهُ … وأدَّى إلى العُقْبى التي هي أسلمُ

جهولٌ على الأعداء جهلَ نكاية ٍ … يداوَى به جهلُ الجهولِ فيُحْسمُ

وحاشاه من جهلِ الغباوة أنه … أطبُّ بأحناء الأمور وأحكمُ

عَفُوٌّ إذا ما الذنبُ لم يعْدُ حدَّه … إلى الوِتْرِ تَبَّاعٌ قفا الوتر أرقمُ

أخوذٌ بوثقي عروتَيْ كلّ خُطَّة ٍ … تروكُ الهوينا للتي هي أحزمُ

حلا لشفاه الذائقين وإنه … على لهوات الآكلين لعلْقَمُ

وداوَى من الأدواءِ حتّى أماتها … بأدوية ٍ لم يدرِ ماهنّ حِذيمُ

فذو الزيغِ يُسْتَأنَى وذو الغيث يُنْتَحَى … وذو النفر يُسْتَدْنى وذو الشَّغْب يُوقمُ

وكانت همومٌ لاتزال تهمُّها … رجالٌ فقد عادت مغايظَ تكظمُ

ولاغروَ أن ذلّتْ له بعد عزّة ٍ … أنوفٌ عِدًى أضحتْ تُخَشُّ وتُحزَم

تكنفُ هذا الدين والملكَ منكما … يلمْلم في أنضادهِ ويرْمرمُ

رسا جبلا حَزْمٍ وعزمٍ وقوة ٍ … بمثلهما تحمى القواصي وتُعْصَمُ

لتحملْ رقابٌ مائلاتٌ رؤوسها … حذارِ وإلا فالمليمون ألومُ

هو السيفُ يجني كلَّ رأسٍ دنا له … وقدماً إذا استصرم الدومُ يصرمُ

فأقصرَ قومٌ وانتهوا عن سفاهم … وهامُهمُ بين المناكب جُثَّمُ

وإلا فإني ضامنٌ أنْ يبُزَّها … مجاثمَها سيفٌ من البأسِ مخذمُ

بكفَّي عبيد الله يهوي بحدّه … إلى حيث أهوى الحقُّ لا يتلعثم

همام إذا اعوجّتْ عوالي رماحِهِ … غدت بين أحناء الضلوع تُقوَّمُ

له الراية السوداء تخفقُ فوقَها … مع النصر رايات من الطير حُوَّمُ

يحمنَ عليها واثقاتٍ بأنها … ستُجزَر أشلاءَ الطغاة وتُلْحَمُ

وماحربهُ حربٌ إذ نابذ العدا … ولكنها أرضٌ عليهم تُدمْدِمُ

أخو الرأي والبأسِ اللذيْن كلاهما … يُكادُ به الجيش اللُّهام فيُهْزمُ

يُرى أو يُلاقى وحدَه فكأنما … يُرى أو يُلاقى ألفُ ألفٍ مصممُ

له عندَ قدْحِ الرأي من خطراته … وعند انتضاء العزم للأمر يدْهَمُ

سُكونٌ كإطراقِ الشُّجاع وسورة ٌ … كسورته لابل أشدَّ وأعْرَمُ

هو الليث طوراً بالعراء وتارة ً … له بين أجامِ القنا متأجَّمُ

مُساورُ قِرنٍ أو مجيلُ جوائلٍ … من الرأي مكرُ الله فيهنَّ مدغَمُ

ليطرقْهُ ضيفٌ أو لتطرقه نوبة ٌ … فما للقرى عن طارقيه مُعتَّمُ

لكلّ نزيل قد أعدَّ عتاده … فللضيف ترحيب ومَثْوًى مكرمُ

وإن كانت الأخرى ولانزلتْ به … فبأسٌ بمثليْه منالشر يؤدمُ

يدبرهُ رأيٌ سديدٌ بمثله … تُرمّ مصاعيبُ الأمور وتخطم

إذا ما أصاب الخطبَ لم يك فلتة ً … ولاهفوة ً في إثرها متندَّمُ

به يهتدي الضُّلالُ عند ضلالهم … إلى سنَنَ القصدِ الذي هو أقومُ

عجبتُ لرأي يُستضاءُ ودونه … سماءُ سماحٍ لاتزال تَغَيَّمُ

ليفخرْ عبيدُ اللَّه فهْو الذي له … بفضلِ الحجى والبأسِ والجود يُحكَمُ

ومافخرَ مَنْ لَو فاخر الفخر أصبَحَتْ … مقاليدُه عفواً إليه تسلَّمُ

له الحلم لو يُلْقَى على الناسِ بعضُه … تعافوا فلم يُسفَك على الأرضِ محجمُ

إلى البأس لو يمنى به الدهر مرة ً … لأغضى كما يغْضى الذليل المهضَّمُ

إلى الجود لو يُعْدِي أقلُّ قليلهِ … أكفَّ الورى لم يُحْمَ للمال مَحْرَمُ

خلائِقُ لو فُضَّتْ على الناسِ كلّهم … محاسنُها لم يبق في الناس مَشْتَمُ

وإن عُدَّتِ الآدابُ يوماً وأهلُها … فذكراه ريحانُ القلوبِ المشمَّمُ

هو المرسَلُ الأمثالُ في كلّ منطقٍ … يظلَّ بماء العين في الخدّ يُرْسَمُ

من الشعراء الأعذبين قريحة ً … وعلاَّمَة ٌ بحرٌ من العلم مُفَعمُ

إذا ما جَرى في حلبة عربية ٍ … تخلّف عن شأويه قُسٌّ وأكثَمُ

جواد ثنى غرْبَ الجيادِ بغربه … فظلَّ يجاري ظلّها وهْيَ صُيَّمُ

سبوق متى يطلبْ سبوقٌ لحاقَه … يفتْهُ به غَمْرُ البديهة مرْجَمُ

لحوقٌ إذا خاضَ العجاجة َ شقَّها … فلا الشأو مقصورٌ ولا الوجه أقتمُ

حلفتُ بأصوات الوفود التي لها … بصحراءَ جمع مَجْأَرٌ ومُهَيْنَمُه

لأصبح مَنْ سامَى الأميرَ كرائمٍ … منالَ الثريا وهو أعسم أجذَم

أبا أحمد أنت الأميرُ بحقه … على كل حال والمعاطسُ رُغَّمُ

ألست الذي يُعدى على الدهر إن عدا … ويُنْصفُ منه كلُّ من يتظلم

بحسبك هذي ما حُييت إمارة ً … تُجَلُّ بها حقَّ الجلال وتُعْظَمُ

ولاية َ لاعزْل وكلُّ منيحة ٍ … من الخيم أبقى من سواها وأدومُ

من اللائي يجبي أهلُها الحمدَ التي … جِبا أهلها دينارُ عيْن ودرهم

سلكتَ سبيل المجد وحدَك ممعناً … ولم يبقَ منها موطىء يُتَرسَّمُ

فلم نَرَكَ استوحشتَ منها لوحْدَة … ولاجُرْتَ عن قصد لأنك مُعلَمُ

وهل يوحشُ الإفرادُ من هو وحدَه … خميسٌ تضيق الأرض عنه عرمرمُ

فأصبحتَ قد غادرتَ كلَّ ثنيَّة … لها منهجٌ يهدي الأدلاَّء لَهجمُ

وفي الناس من يسمو بهمة ِ غيره … إلى ذروة المجد التي تُتَسَنَّمُ

ينامُ عن المعروف إلا مبارياً … بمعروفه معروفَ من يتكرمُ

وينكص في الهيجاء إلا مباهياً … وإن كان للْحامي هنالك مَقدَمُ

فياتي منالعلياء والمجد ما أتى … كمقتحمٍ في غمرة وهو مُقْحَمُ

كذاك المبادي والمسامي وإنما … يُسامَى كريمٌ بالمكارم مُلزَمُ

ولاحمد إلاَّ لامرىء ذي قريحة … يهشُّ أخوها للتي هي أكرمُ

هشاشته للماء تنسجُ متنهُ … شمالٌ خَريقٍ وَهْوَ حَرَّان أهْيَمُ

على حينَ لم تبعثه إلا طبيعة ٌ … تَيَقَّظُ للعلياء والناسُ نُوَّمُ

بمثلك فَلْتَرمْ الملوكُ ثغورَها … فما جانبٌ يُولَى بمثلك أثلمُ

علمتك فيك الخيرُ والشرُّ كلُّه … وكلك خيرٌ عندَ منَ يتفهم

وقد لُمسَتُ من صفيحتيك مرمسٌ … وجُرّبْتَ قِدْماً والمجرَّبُ أعلمُ صم خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم

وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ … فظلم الليالي أنهن أشبْنني

لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم … وظُلم الغواني أنهن صرمنني

لظلم الليالي إنني لمُظلَّم … تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي

وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم … فإن أغد محزوم السهام فربما

غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم … ورب مَهاة صدتها بين نظرتي

ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ … أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ

فأستدرج الأقناص من حيث تعلم … رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته

كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ … فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه

فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم … وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ

ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ … ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم … هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ

لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ … يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها

سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم … لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه

دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم … مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما

ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ … كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ

وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ … إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ

غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ … أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً

وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ … سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها

شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ … سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله

يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ … من الهيفِ لو شاءت لقامت

بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم … كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ

لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم … وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ

يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم … مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً

إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم … وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ

فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ … على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ

وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ … يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً

وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم … يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً

تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم … نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه

ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ … بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ

على الخَدِّ للعين التي هي أظلم … ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ

على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ … تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها

بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ … عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ

تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم … يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه

من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم … وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ

يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم … رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها

ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم … تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ

تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ … وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع

وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم … إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ

لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم … مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ

وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم … لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ

على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم … أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها

على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم … كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ

حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ … خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني

بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ … وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً

فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ … لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ

تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ … يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ

مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ … كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ

لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا … يغازلني فيها غزالان منهما

ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ … إذا نصبا جيديهما فكلاهما

سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ … ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ

لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ … غزال وإبريق رذُومٌ وغادة

تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ … فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ

وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ … لعيني مُراعي شخصه فيه مأس

وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم … فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى

هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ … وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم

تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ … مها كالمها إلا جبالَ متونها

وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم … وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ

وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم … يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً

وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ … دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها

خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ … فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها

تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ … دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ

إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ … وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا

لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ … فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ

ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ … قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ

ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ … وقد طال ماذادتِ بها غير أنه

أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم … بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ

يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم … وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ

كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ … تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً

قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ … نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ

أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ … فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ

وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ … ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها

من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ … تخايلُ منه في خضاب تخاله

طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ … كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه

على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ … وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا

إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ … وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ

جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ … ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده

وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ … شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا

تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ … فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه

ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ … ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها

جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ … ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها

هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ … وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ

فليس لنجم في غواشيه منجمُ … عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه

وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ … لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه

بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ … عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ

كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ … يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ

هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ … نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ

من العيس في يهماء والليل أيهمُ … فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى

كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ … يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله

ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ … على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ

ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ … من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها

لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ … خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة

وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ … ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ

فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ … يُخال بها من رنّ هذي وهذه

إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ … تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله

وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ … وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه

وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ … وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها

سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ … أظلّ إذا كافحتها وكأنني

بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ … نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ

تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ … بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها

ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ … ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً

وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ … بذلك قد عللتُنفسي كُلّه

ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ … سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه

وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُ … أعمُّهُمُ مدحاً وأختصُّ منهمُ

وأخاهم عبيدَ اللَّه والحق يُلْزَمُ … فتى منهمُ في فضله متقدّمٌ

على أنه في سِنهِ متقدَّمُ … يُعدُّ إذا عُدَّ الملوك مبدَّأً

كما عُدَّ رأساً للشهور المحرَّمُ … له في المعالي والمكارم إخوة ٌ

وليس له فيها على ذاك تَوْأمُ … بنى بالمساعي سُؤدداً لا يُزيلُهُ

صروفُ الليالي أويزولَ يَلمْلَمُ … فتًى لا أسمّيه فتى لحداثة ٍ

ولكن لأخلاق له لاتَكَهَّمُ … من الأريحياتِ التي تُمتَرى الندى

فتَنْدَى وتلقَى عمرة ً فتقحَّمُ … إذا النعلُ شمَّتْ في المجالسِ مرة ً

فإن له نعلاً تُشَمُّ وتُلْثَمُ … وما دُبِغتْ بالمسك بل صُوفحت به

له قدمٌ في كلّ مجدٍ تَقدم … فتى ليس من يومٍ يمر ولا يُرَى

لنعماه فيه أو لبؤساء ميسمُ … يُمرُّ العطايا والمنايا لأهلها

على هِينة منه ولا يتندّمُ … له فعلاتٌ من سماحٍ ونجدة ٍ

لمنْ يعتفي عُرْفاً ومن يتعرَّمُ … يقومُ لها المالُ المؤثَّل والعِدَى

إذا قام للنار الحصادُ المحزَّمُ … فتى عزمه سيفٌ حسامٌ وسيفُه

قضاءٌ إذا لاقى الضريبة َ مُبْرمُ … يباشرُ أطرافَ القنا وهْو حاسرٌ

ويلقى لسانَ الذمّ وهْو مُلأمُ … مُقبَّلُ ظهرِ الكفّ وهّابُ بطنها

له راحة ٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ … فظاهرُها للناس رُكن مُقبَّلٌ

وباطنها عينٌ من العُرفِ غيلمُ … فتى لو رأى الناسُ الأمورَ بعينهِ

لما جهلوا أن المحامد مَغْنَمُ … يدُلُّ عليه السائلين ارتياحهُ

ووجهٌ بسيما الأكرمين مُسوَّمُ … إذا سئل استحيا من اللَّه أن يُرى

بموضعٍ مَرْجُوٍ وراجيه يُحرمُ … يرى شرَّ يومَيْ ماله يومَ كسبهِ

وأفضلَ يوميه إذا ناب مَغْرَمُ … فتى حسنتْ أسماؤه وصفاته

فأضحت بها أيدي الكواعب تُوشمُ … ولو وسمَ الناسُ الجباهَ بمدحهِ

إذاً لاستلذوا الوسمَ والوسمُ يؤلمُ … إذا ما أسرَّتْ أنفسُ القومِ ذِكْرَه

تبينتهُ فيهم ولم يتكلموا … تطيبُ به أنفاسهُ فتذيعُهُ

وهل سِرُّ مسكٍ أُودِعَ الريحَ يُكْتَم … فتى كَمُلتْ فيه الفضائلُ كلُّها

هنيئاً له الحظُّ الوفاءُ المتمَّمُ … فلاة خلَّة ٌ منها أضرَّتْ بخلَّة

على أنه في كُلّها متقسَّمُ … وما اقتسمتْ شتى الفضائل واحداً

فكاد من التقصير فيهنَّ يسلمُ … إلى أيّ مافيه قصدتَ حسبته

هو الغرضُ المقصودُ فيه الميمَّمُ … ليُنْظَمَ فيه ذلك الدرُّ سُلّكَتْ

مريرتُه والدرُّ في السلك يُنظَمُ … خلالٌ جفا عنها الجفاة ُ خلائفاً

وخلقاً وهل للدرّ في الحبل مَنْظمُ … ومازال عبدُ اللَّه يعلم أنّه

قديماً لهاتيك الشناشنِ أخزمُ … تبينُ فيه وهْو في المهدِ أنه

سيرفعُ من بُنْيانه وسيدْعَمُ … وأنْ سوف يحييه بماهو فاعلٌ

إذا هو واراه الضريحُ المطمطمُ … لذلك أقفاه وسماه باسمه

وفي الحقّ يُقْفَى مثلهُ ويكرمُ … وماكان لاستصغارهِ اسمهُ

أبى ذاك من معناه فخم مفخَّمُ … ولكنَّ أسماءَ الأحبّة ِ لم تزلْ

تُصَغَّر في أهليهمُ وترخَّمُ … وماضرَّ من أضحى له مُصغَّرٌ

ومعنى مُجلٌّ في الصدورِ معظّمُ … هو الغرة البيضاءُ من آل مُصْعب

وهم بعده التحجيل والناس أدهمُ … لتَفتَرَّ عنه في مواطن جَمَّة ٍ

رُزَيْق فما مفترُّها عنه أهتم … كفاها به من مَضْحَكٍ يومَ زينة

ومن مَكْلح في الحربِ حين تَجَهَّمُ … ثنايا لعمري وُضَّحٌ لا يشيِنُها

ونابُ عضاضٍ مِقْصلٌ حين يَضْغَمُ … ألكْنِي إلى عمرو بن ليث رسالة ً

لها حين يدوى الغيبُ غيبٌ مُسلَّمُ … فإنا غدونا نحمدُ اللَّه أوَّلاً

فواتحَ من حمدٍ بحمدك تُختَمُ … على نعمة ٍ ألبستناها جديدة ً

هي الوشي حُسْناً والحبير المنمنمُ … لك المسمعُ المصغى إليه إذا غدت

لبوساً لنا والمنظرُ المتوسَّمُ … رعيتَ سدانا بالأمير فكلّنا

بذلك ممنونٌ عليه ومُنعَمُ … توخّى بنا المرعى المرِىء نباتُه

وجنَّبنَا المرعى الذي يُتَوَخَّمُ … وذبَّ الذئابَ الطُّلْسَ عنا فأصبحتْ

ومنها طريدُ الخوفِ والمتحرَّم … وأثبتَ للأمرِ الذي يستديمه

أواخيَّ صدْقٍ أقسمتْ لاتَجَذَّمُ … فلا تسهمنَّ الحظَّ فيه فإنه

جزيلٌ ومامَنْ كان مثلك يُسْهَمُ … تحمّل ما حُملتَه من أمانة ٍ

فناءَ بها منه ضليعٌ عَثمثُم … حليم إذا ما الحلمُ أُحمِدَ غِبُّهُ

وأدَّى إلى العُقْبى التي هي أسلمُ … جهولٌ على الأعداء جهلَ نكاية ٍ

يداوَى به جهلُ الجهولِ فيُحْسمُ … وحاشاه من جهلِ الغباوة أنه

أطبُّ بأحناء الأمور وأحكمُ … عَفُوٌّ إذا ما الذنبُ لم يعْدُ حدَّه

إلى الوِتْرِ تَبَّاعٌ قفا الوتر أرقمُ … أخوذٌ بوثقي عروتَيْ كلّ خُطَّة ٍ

تروكُ الهوينا للتي هي أحزمُ … حلا لشفاه الذائقين وإنه

على لهوات الآكلين لعلْقَمُ … وداوَى من الأدواءِ حتّى أماتها

بأدوية ٍ لم يدرِ ماهنّ حِذيمُ … فذو الزيغِ يُسْتَأنَى وذو الغيث يُنْتَحَى

وذو النفر يُسْتَدْنى وذو الشَّغْب يُوقمُ … وكانت همومٌ لاتزال تهمُّها

رجالٌ فقد عادت مغايظَ تكظمُ … ولاغروَ أن ذلّتْ له بعد عزّة ٍ

أنوفٌ عِدًى أضحتْ تُخَشُّ وتُحزَم … تكنفُ هذا الدين والملكَ منكما

يلمْلم في أنضادهِ ويرْمرمُ … رسا جبلا حَزْمٍ وعزمٍ وقوة ٍ

بمثلهما تحمى القواصي وتُعْصَمُ … لتحملْ رقابٌ مائلاتٌ رؤوسها

حذارِ وإلا فالمليمون ألومُ … هو السيفُ يجني كلَّ رأسٍ دنا له

وقدماً إذا استصرم الدومُ يصرمُ … فأقصرَ قومٌ وانتهوا عن سفاهم

وهامُهمُ بين المناكب جُثَّمُ … وإلا فإني ضامنٌ أنْ يبُزَّها

مجاثمَها سيفٌ من البأسِ مخذمُ … بكفَّي عبيد الله يهوي بحدّه

إلى حيث أهوى الحقُّ لا يتلعثم … همام إذا اعوجّتْ عوالي رماحِهِ

غدت بين أحناء الضلوع تُقوَّمُ … له الراية السوداء تخفقُ فوقَها

مع النصر رايات من الطير حُوَّمُ … يحمنَ عليها واثقاتٍ بأنها

ستُجزَر أشلاءَ الطغاة وتُلْحَمُ … وماحربهُ حربٌ إذ نابذ العدا

ولكنها أرضٌ عليهم تُدمْدِمُ … أخو الرأي والبأسِ اللذيْن كلاهما

يُكادُ به الجيش اللُّهام فيُهْزمُ … يُرى أو يُلاقى وحدَه فكأنما

يُرى أو يُلاقى ألفُ ألفٍ مصممُ … له عندَ قدْحِ الرأي من خطراته

وعند انتضاء العزم للأمر يدْهَمُ … سُكونٌ كإطراقِ الشُّجاع وسورة ٌ

كسورته لابل أشدَّ وأعْرَمُ … هو الليث طوراً بالعراء وتارة ً

له بين أجامِ القنا متأجَّمُ … مُساورُ قِرنٍ أو مجيلُ جوائلٍ

من الرأي مكرُ الله فيهنَّ مدغَمُ … ليطرقْهُ ضيفٌ أو لتطرقه نوبة ٌ

فما للقرى عن طارقيه مُعتَّمُ … لكلّ نزيل قد أعدَّ عتاده

فللضيف ترحيب ومَثْوًى مكرمُ … وإن كانت الأخرى ولانزلتْ به

فبأسٌ بمثليْه منالشر يؤدمُ … يدبرهُ رأيٌ سديدٌ بمثله

تُرمّ مصاعيبُ الأمور وتخطم … إذا ما أصاب الخطبَ لم يك فلتة ً

ولاهفوة ً في إثرها متندَّمُ … به يهتدي الضُّلالُ عند ضلالهم

إلى سنَنَ القصدِ الذي هو أقومُ … عجبتُ لرأي يُستضاءُ ودونه

سماءُ سماحٍ لاتزال تَغَيَّمُ … ليفخرْ عبيدُ اللَّه فهْو الذي له

بفضلِ الحجى والبأسِ والجود يُحكَمُ … ومافخرَ مَنْ لَو فاخر الفخر أصبَحَتْ

مقاليدُه عفواً إليه تسلَّمُ … له الحلم لو يُلْقَى على الناسِ بعضُه

تعافوا فلم يُسفَك على الأرضِ محجمُ … إلى البأس لو يمنى به الدهر مرة ً

لأغضى كما يغْضى الذليل المهضَّمُ … إلى الجود لو يُعْدِي أقلُّ قليلهِ

أكفَّ الورى لم يُحْمَ للمال مَحْرَمُ … خلائِقُ لو فُضَّتْ على الناسِ كلّهم

محاسنُها لم يبق في الناس مَشْتَمُ … وإن عُدَّتِ الآدابُ يوماً وأهلُها

فذكراه ريحانُ القلوبِ المشمَّمُ … هو المرسَلُ الأمثالُ في كلّ منطقٍ

يظلَّ بماء العين في الخدّ يُرْسَمُ … من الشعراء الأعذبين قريحة ً

وعلاَّمَة ٌ بحرٌ من العلم مُفَعمُ … إذا ما جَرى في حلبة عربية ٍ

تخلّف عن شأويه قُسٌّ وأكثَمُ … جواد ثنى غرْبَ الجيادِ بغربه

فظلَّ يجاري ظلّها وهْيَ صُيَّمُ … سبوق متى يطلبْ سبوقٌ لحاقَه

يفتْهُ به غَمْرُ البديهة مرْجَمُ … لحوقٌ إذا خاضَ العجاجة َ شقَّها

فلا الشأو مقصورٌ ولا الوجه أقتمُ … حلفتُ بأصوات الوفود التي لها

بصحراءَ جمع مَجْأَرٌ ومُهَيْنَمُ … لأصبح مَنْ سامَى الأميرَ كرائمٍ

منالَ الثريا وهو أعسم أجذَم … أبا أحمد أنت الأميرُ بحقه

على كل حال والمعاطسُ رُغَّمُ … ألست الذي يُعدى على الدهر إن عدا

ويُنْصفُ منه كلُّ من يتظلم … بحسبك هذي ما حُييت إمارة ً

تُجَلُّ بها حقَّ الجلال وتُعْظَمُ … ولاية َ لاعزْل وكلُّ منيحة ٍ

من الخيم أبقى من سواها وأدومُ … من اللائي يجبي أهلُها الحمدَ التي

جِبا أهلها دينارُ عيْن ودرهم … سلكتَ سبيل المجد وحدَك ممعناً

ولم يبقَ منها موطىء يُتَرسَّمُ … فلم نَرَكَ استوحشتَ منها لوحْدَة

ولاجُرْتَ عن قصد لأنك مُعلَمُ … وهل يوحشُ الإفرادُ من هو وحدَه

خميسٌ تضيق الأرض عنه عرمرمُ … فأصبحتَ قد غادرتَ كلَّ ثنيَّة

لها منهجٌ يهدي الأدلاَّء لَهجمُ … وفي الناس من يسمو بهمة ِ غيره

إلى ذروة المجد التي تُتَسَنَّمُ … ينامُ عن المعروف إلا مبارياً

بمعروفه معروفَ من يتكرمُ … وينكص في الهيجاء إلا مباهياً

وإن كان للْحامي هنالك مَقدَمُ … فياتي منالعلياء والمجد ما أتى

كمقتحمٍ في غمرة وهو مُقْحَمُ … كذاك المبادي والمسامي وإنما

يُسامَى كريمٌ بالمكارم مُلزَمُ … ولاحمد إلاَّ لامرىء ذي قريحة

يهشُّ أخوها للتي هي أكرمُ … هشاشته للماء تنسجُ متنهُ

شمالٌ خَريقٍ وَهْوَ حَرَّان أهْيَمُ … على حينَ لم تبعثه إلا طبيعة ٌ

تَيَقَّظُ للعلياء والناسُ نُوَّمُ … بمثلك فَلْتَرمْ الملوكُ ثغورَها

فما جانبٌ يُولَى بمثلك أثلمُ … علمتك فيك الخيرُ والشرُّ كلُّه

وكلك خيرٌ عندَ منَ يتفهم … وقد لُمسَتُ من صفيحتيك مرمسٌ

وجُرّبْتَ قِدْماً والمجرَّبُ أعلمُه … فمن كان ذا جهلٍ فإنك مُبْشَرٌ

ومنْ كان ذا حلم فإنك مؤدَمُ … وما سدٌ قولٌ في فعالك خَلَّة

ولاوَجَدَ المدّاحُ نقصاً فتمَّمُوا … وماجاوزوا إذْ أطنبوا فيك أنْ دَعَوْا

بأسمائك اللائي بها كنتَ تُوسَمُ … وما اتخذوا مدحاً إليك وسيلة ً

لأنك سيْحٌ يستقي ماءَة الفم … ولكن رأوا دونَ الكلام ونظمِهِ

حقيقيْن إذ أنتَ المنادَى المكلمُ … وما ملّئتْ منك الصدُورُ بهيبة ٍ

ولا عِظَمٌ إلا وشأنك أعظمُ … إذا مادحٌ أسدَى وألحمَ باطلاً

فمدحك مسدًى بالذي فيك مُلحَمُ … أقول لشاك بثَّهُ لم تزلْ به

من الحال أسمالٌ رِثاثٌ تُرمَّمُ … ألا أيها الشاكي إليَّ خَصاصة

تضارِعهُ في السنّ بل هيَ أقدمُ … ويشفق منها في بقية عمرهِ

أمنتَ وأنفُ الدهر أجدعٌ أكثمٌ … أمن ضيقِ مثْوى المرء في بطن أمه

إلى ضيق مثواه من القبر يُسْلَمُ … ولم يلقَ بين الضيق والضيق فُسْحَة ً

أبى ذاك أن الله بالعبد أرحم … أنَّ عبيدَ الله للناس عصْمة ٌ

بأيديهم منها عُراً لاتُفَصَّمُ … سيزجر عنك الدهرَ إن شئت زجرة ٌ

يصيخ لها خوفاً ولا يترمرم … هو المرءُ أما مالُه فمحلَّلٌ

لعافٍ وأما جاره فمحرَّمُ … لجيرانه منه مَحَلٌّ ممنَّعٌ

يضيم به الدهرَ الذليل المضيَّمُ … وكفٌّ صَنَاعٌ تجبرُ الكسرَ منهمُ

وتدملُ من ذي كَلْمهم حين يُكْلمُ … وتحتاطُ من كرّ الزمانِ عليهمُ

فتنهاه عنهم بالتي هي أحسُمُ … تتبع أظفارَ الزمان تَتَبُّعاً

بآثارها في أهله أو تُقَلَّمُ … فسرْ راشداً لاتَثْنينَّكَ طِيرة ٌ

كذوبٌ ولا رأي عن القصد أضْجَمُ … إلى ملكٍ لاتبرحُ الطيرُ دونه

وإن برحتْ للركبِ لم يتشأَّموا … إذا ماغدا الغادي إليه فإنه

على ثقة ٍ أنْ ليس في الطير أشأمُ … ترغَّم في السير القلاصُ ولاترى

قلوصاً إذا سارت إليه تُرَغَّمُ … وإن حَفِيتْ لم تُحْذ نعلاً وذُكّرتْ

به فرأيتَ المرْو بالبيد تُرْثَمُ … يثوْبُ لها بعد الحفا عند ذكرِه

أظلُّ وقاحٌ يرضخُ الصخرَ ميثَمُ … وإن ظمئتْ قالتْ لها النفسُ شمري

فعند ابن عبدالله عِدٌّ قَلَيْذَمُ … وما تَضْربُ الأكباد نحو فنائه

من العيس بل عفوا تَحُبُّ وَتَسْعَمُ … إلا رُبَّ قولٍ فيه أمكن قائلاً

ولو رامه في غيره ظلّ يكْعَمُ … تفورُ ينابيع القريض بمدحهِ

إذا جعلتْ في آخرينَ تَسدَّمُ … أطاعت معاني الشعر فيه وأصبحتْ

قوافيهِ حتّى قيل لي أنت مُلْهَمُ … به درتِ الدنيا ولولاه أصبحتْ

يعلّلُنا منها أجَدُّ مُصَرَّمُ … وكان سَنام العيش قبلَ ابن طاهر

أجَبَّ فقد أضحى به وهْو أكْوَمُ … كريم التغاضي عن قوافٍ يزرنَهُ

له مغمز فيهن بادٍ ومُعْجَمُ … يُثيبُ على النياتِ إن قال قائل

فجار عن القصد الذي يتيمَّمُ … غفورٌ لمن لم يوفِهِ كُنْهَ حقّهم خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم

وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ … فظلم الليالي أنهن أشبْنني

لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم … وظُلم الغواني أنهن صرمنني

لظلم الليالي إنني لمُظلَّم … تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي

وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم … فإن أغد محزوم السهام فربما

غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم … ورب مَهاة صدتها بين نظرتي

ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ … أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ

فأستدرج الأقناص من حيث تعلم … رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته

كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ … فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه

فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم … وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ

ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ … ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم … هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ

لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ … يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها

سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم … لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه

دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم … مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما

ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ … كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ

وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ … إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ

غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ … أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً

وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ … سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها

شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ … سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله

يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ … من الهيفِ لو شاءت لقامت

بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم … كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ

لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم … وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ

يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم … مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً

إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم … وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ

فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ … على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ

وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ … يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً

وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم … يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً

تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم … نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه

ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ … بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ

على الخَدِّ للعين التي هي أظلم … ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ

على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ … تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها

بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ … عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ

تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم … يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه

من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم … وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ

يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم … رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها

ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم … تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ

تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ … وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع

وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم … إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ

لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم … مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ

وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم … لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ

على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم … أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها

على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم … كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ

حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ … خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني

بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ … وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً

فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ … لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ

تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ … يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ

مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ … كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ

لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا … يغازلني فيها غزالان منهما

ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ … إذا نصبا جيديهما فكلاهما

سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ … ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ

لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ … غزال وإبريق رذُومٌ وغادة

تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ … فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ

وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ … لعيني مُراعي شخصه فيه مأس

وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم … فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى

هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ … وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم

تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ … مها كالمها إلا جبالَ متونها

وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم … وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ

وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم … يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً

وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ … دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها

خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ … فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها

تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ … دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ

إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ … وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا

لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ … فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ

ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ … قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ

ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ … وقد طال ماذادتِ بها غير أنه

أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم … بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ

يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم … وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ

كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ … تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً

قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ … نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ

أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ … فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ

وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ … ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها

من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ … تخايلُ منه في خضاب تخاله

طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ … كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه

على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ … وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا

إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ … وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ

جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ … ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده

وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ … شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا

تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ … فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه

ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ … ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها

جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ … ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها

هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ … وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ

فليس لنجم في غواشيه منجمُ … عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه

وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ … لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه

بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ … عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ

كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ … يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ

هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ … نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ

من العيس في يهماء والليل أيهمُ … فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى

كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ … يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله

ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ … على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ

ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ … من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها

لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ … خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة

وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ … ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ

فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ … يُخال بها من رنّ هذي وهذه

إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ … تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله

وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ … وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه

وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ … وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها

سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ … أظلّ إذا كافحتها وكأنني

بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ … نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ

تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ … بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها

ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ … ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً

وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ … بذلك قد عللتُنفسي كُلّه

ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ … سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه

وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُ … أعمُّهُمُ مدحاً وأختصُّ منهمُ

وأخاهم عبيدَ اللَّه والحق يُلْزَمُ … فتى منهمُ في فضله متقدّمٌ

على أنه في سِنهِ متقدَّمُ … يُعدُّ إذا عُدَّ الملوك مبدَّأً

كما عُدَّ رأساً للشهور المحرَّمُ … له في المعالي والمكارم إخوة ٌ

وليس له فيها على ذاك تَوْأمُ … بنى بالمساعي سُؤدداً لا يُزيلُهُ

صروفُ الليالي أويزولَ يَلمْلَمُ … فتًى لا أسمّيه فتى لحداثة ٍ

ولكن لأخلاق له لاتَكَهَّمُ … من الأريحياتِ التي تُمتَرى الندى

فتَنْدَى وتلقَى عمرة ً فتقحَّمُ … إذا النعلُ شمَّتْ في المجالسِ مرة ً

فإن له نعلاً تُشَمُّ وتُلْثَمُ … وما دُبِغتْ بالمسك بل صُوفحت به

له قدمٌ في كلّ مجدٍ تَقدم … فتى ليس من يومٍ يمر ولا يُرَى

لنعماه فيه أو لبؤساء ميسمُ … يُمرُّ العطايا والمنايا لأهلها

على هِينة منه ولا يتندّمُ … له فعلاتٌ من سماحٍ ونجدة ٍ

لمنْ يعتفي عُرْفاً ومن يتعرَّمُ … يقومُ لها المالُ المؤثَّل والعِدَى

إذا قام للنار الحصادُ المحزَّمُ … فتى عزمه سيفٌ حسامٌ وسيفُه

قضاءٌ إذا لاقى الضريبة َ مُبْرمُ … يباشرُ أطرافَ القنا وهْو حاسرٌ

ويلقى لسانَ الذمّ وهْو مُلأمُ … مُقبَّلُ ظهرِ الكفّ وهّابُ بطنها

له راحة ٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ … فظاهرُها للناس رُكن مُقبَّلٌ

وباطنها عينٌ من العُرفِ غيلمُ … فتى لو رأى الناسُ الأمورَ بعينهِ

لما جهلوا أن المحامد مَغْنَمُ … يدُلُّ عليه السائلين ارتياحهُ

ووجهٌ بسيما الأكرمين مُسوَّمُ … إذا سئل استحيا من اللَّه أن يُرى

بموضعٍ مَرْجُوٍ وراجيه يُحرمُ … يرى شرَّ يومَيْ ماله يومَ كسبهِ

وأفضلَ يوميه إذا ناب مَغْرَمُ … فتى حسنتْ أسماؤه وصفاته

فأضحت بها أيدي الكواعب تُوشمُ … ولو وسمَ الناسُ الجباهَ بمدحهِ

إذاً لاستلذوا الوسمَ والوسمُ يؤلمُ … إذا ما أسرَّتْ أنفسُ القومِ ذِكْرَه

تبينتهُ فيهم ولم يتكلموا … تطيبُ به أنفاسهُ فتذيعُهُ

وهل سِرُّ مسكٍ أُودِعَ الريحَ يُكْتَم … فتى كَمُلتْ فيه الفضائلُ كلُّها

هنيئاً له الحظُّ الوفاءُ المتمَّمُ … فلاة خلَّة ٌ منها أضرَّتْ بخلَّة

على أنه في كُلّها متقسَّمُ … وما اقتسمتْ شتى الفضائل واحداً

فكاد من التقصير فيهنَّ يسلمُ … إلى أيّ مافيه قصدتَ حسبته

هو الغرضُ المقصودُ فيه الميمَّمُ … ليُنْظَمَ فيه ذلك الدرُّ سُلّكَتْ

مريرتُه والدرُّ في السلك يُنظَمُ … خلالٌ جفا عنها الجفاة ُ خلائفاً

وخلقاً وهل للدرّ في الحبل مَنْظمُ … ومازال عبدُ اللَّه يعلم أنّه

قديماً لهاتيك الشناشنِ أخزمُ … تبينُ فيه وهْو في المهدِ أنه

سيرفعُ من بُنْيانه وسيدْعَمُ … وأنْ سوف يحييه بماهو فاعلٌ

إذا هو واراه الضريحُ المطمطمُ … لذلك أقفاه وسماه باسمه

وفي الحقّ يُقْفَى مثلهُ ويكرمُ … وماكان لاستصغارهِ اسمهُ

أبى ذاك من معناه فخم مفخَّمُ … ولكنَّ أسماءَ الأحبّة ِ لم تزلْ

تُصَغَّر في أهليهمُ وترخَّمُ … وماضرَّ من أضحى له مُصغَّرٌ

ومعنى مُجلٌّ في الصدورِ معظّمُ … هو الغرة البيضاءُ من آل مُصْعب

وهم بعده التحجيل والناس أدهمُ … لتَفتَرَّ عنه في مواطن جَمَّة ٍ

رُزَيْق فما مفترُّها عنه أهتم … كفاها به من مَضْحَكٍ يومَ زينة

ومن مَكْلح في الحربِ حين تَجَهَّمُ … ثنايا لعمري وُضَّحٌ لا يشيِنُها

ونابُ عضاضٍ مِقْصلٌ حين يَضْغَمُ … ألكْنِي إلى عمرو بن ليث رسالة ً

لها حين يدوى الغيبُ غيبٌ مُسلَّمُ … فإنا غدونا نحمدُ اللَّه أوَّلاً

فواتحَ من حمدٍ بحمدك تُختَمُ … على نعمة ٍ ألبستناها جديدة ً

هي الوشي حُسْناً والحبير المنمنمُ … لك المسمعُ المصغى إليه إذا غدت

لبوساً لنا والمنظرُ المتوسَّمُ … رعيتَ سدانا بالأمير فكلّنا

بذلك ممنونٌ عليه ومُنعَمُ … توخّى بنا المرعى المرِىء نباتُه

وجنَّبنَا المرعى الذي يُتَوَخَّمُ … وذبَّ الذئابَ الطُّلْسَ عنا فأصبحتْ

ومنها طريدُ الخوفِ والمتحرَّم … وأثبتَ للأمرِ الذي يستديمه

أواخيَّ صدْقٍ أقسمتْ لاتَجَذَّمُ … فلا تسهمنَّ الحظَّ فيه فإنه

جزيلٌ ومامَنْ كان مثلك يُسْهَمُ … تحمّل ما حُملتَه من أمانة ٍ

فناءَ بها منه ضليعٌ عَثمثُم … حليم إذا ما الحلمُ أُحمِدَ غِبُّهُ

وأدَّى إلى العُقْبى التي هي أسلمُ … جهولٌ على الأعداء جهلَ نكاية ٍ

يداوَى به جهلُ الجهولِ فيُحْسمُ … وحاشاه من جهلِ الغباوة أنه

أطبُّ بأحناء الأمور وأحكمُ … عَفُوٌّ إذا ما الذنبُ لم يعْدُ حدَّه

إلى الوِتْرِ تَبَّاعٌ قفا الوتر أرقمُ … أخوذٌ بوثقي عروتَيْ كلّ خُطَّة ٍ

تروكُ الهوينا للتي هي أحزمُ … حلا لشفاه الذائقين وإنه

على لهوات الآكلين لعلْقَمُ … وداوَى من الأدواءِ حتّى أماتها

بأدوية ٍ لم يدرِ ماهنّ حِذيمُ … فذو الزيغِ يُسْتَأنَى وذو الغيث يُنْتَحَى

وذو النفر يُسْتَدْنى وذو الشَّغْب يُوقمُ … وكانت همومٌ لاتزال تهمُّها

رجالٌ فقد عادت مغايظَ تكظمُ … ولاغروَ أن ذلّتْ له بعد عزّة ٍ

أنوفٌ عِدًى أضحتْ تُخَشُّ وتُحزَم … تكنفُ هذا الدين والملكَ منكما

يلمْلم في أنضادهِ ويرْمرمُ … رسا جبلا حَزْمٍ وعزمٍ وقوة ٍ

بمثلهما تحمى القواصي وتُعْصَمُ … لتحملْ رقابٌ مائلاتٌ رؤوسها

حذارِ وإلا فالمليمون ألومُ … هو السيفُ يجني كلَّ رأسٍ دنا له

وقدماً إذا استصرم الدومُ يصرمُ … فأقصرَ قومٌ وانتهوا عن سفاهم

وهامُهمُ بين المناكب جُثَّمُ … وإلا فإني ضامنٌ أنْ يبُزَّها

مجاثمَها سيفٌ من البأسِ مخذمُ … بكفَّي عبيد الله يهوي بحدّه

إلى حيث أهوى الحقُّ لا يتلعثم … همام إذا اعوجّتْ عوالي رماحِهِ

غدت بين أحناء الضلوع تُقوَّمُ … له الراية السوداء تخفقُ فوقَها

مع النصر رايات من الطير حُوَّمُ … يحمنَ عليها واثقاتٍ بأنها

ستُجزَر أشلاءَ الطغاة وتُلْحَمُ … وماحربهُ حربٌ إذ نابذ العدا

ولكنها أرضٌ عليهم تُدمْدِمُ … أخو الرأي والبأسِ اللذيْن كلاهما

يُكادُ به الجيش اللُّهام فيُهْزمُ … يُرى أو يُلاقى وحدَه فكأنما

يُرى أو يُلاقى ألفُ ألفٍ مصممُ … له عندَ قدْحِ الرأي من خطراته

وعند انتضاء العزم للأمر يدْهَمُ … سُكونٌ كإطراقِ الشُّجاع وسورة ٌ

كسورته لابل أشدَّ وأعْرَمُ … هو الليث طوراً بالعراء وتارة ً

له بين أجامِ القنا متأجَّمُ … مُساورُ قِرنٍ أو مجيلُ جوائلٍ

من الرأي مكرُ الله فيهنَّ مدغَمُ … ليطرقْهُ ضيفٌ أو لتطرقه نوبة ٌ

فما للقرى عن طارقيه مُعتَّمُ … لكلّ نزيل قد أعدَّ عتاده

فللضيف ترحيب ومَثْوًى مكرمُ … وإن كانت الأخرى ولانزلتْ به

فبأسٌ بمثليْه منالشر يؤدمُ … يدبرهُ رأيٌ سديدٌ بمثله

تُرمّ مصاعيبُ الأمور وتخطم … إذا ما أصاب الخطبَ لم يك فلتة ً

ولاهفوة ً في إثرها متندَّمُ … به يهتدي الضُّلالُ عند ضلالهم

إلى سنَنَ القصدِ الذي هو أقومُ … عجبتُ لرأي يُستضاءُ ودونه

سماءُ سماحٍ لاتزال تَغَيَّمُ … ليفخرْ عبيدُ اللَّه فهْو الذي له

بفضلِ الحجى والبأسِ والجود يُحكَمُ … ومافخرَ مَنْ لَو فاخر الفخر أصبَحَتْ

مقاليدُه عفواً إليه تسلَّمُ … له الحلم لو يُلْقَى على الناسِ بعضُه

تعافوا فلم يُسفَك على الأرضِ محجمُ … إلى البأس لو يمنى به الدهر مرة ً

لأغضى كما يغْضى الذليل المهضَّمُ … إلى الجود لو يُعْدِي أقلُّ قليلهِ

أكفَّ الورى لم يُحْمَ للمال مَحْرَمُ … خلائِقُ لو فُضَّتْ على الناسِ كلّهم

محاسنُها لم يبق في الناس مَشْتَمُ … وإن عُدَّتِ الآدابُ يوماً وأهلُها

فذكراه ريحانُ القلوبِ المشمَّمُ … هو المرسَلُ الأمثالُ في كلّ منطقٍ

يظلَّ بماء العين في الخدّ يُرْسَمُ … من الشعراء الأعذبين قريحة ً

وعلاَّمَة ٌ بحرٌ من العلم مُفَعمُ … إذا ما جَرى في حلبة عربية ٍ

تخلّف عن شأويه قُسٌّ وأكثَمُ … جواد ثنى غرْبَ الجيادِ بغربه

فظلَّ يجاري ظلّها وهْيَ صُيَّمُ … سبوق متى يطلبْ سبوقٌ لحاقَه

يفتْهُ به غَمْرُ البديهة مرْجَمُ … لحوقٌ إذا خاضَ العجاجة َ شقَّها

فلا الشأو مقصورٌ ولا الوجه أقتمُ … حلفتُ بأصوات الوفود التي لها

بصحراءَ جمع مَجْأَرٌ ومُهَيْنَمُ … لأصبح مَنْ سامَى الأميرَ كرائمٍ

منالَ الثريا وهو أعسم أجذَم … أبا أحمد أنت الأميرُ بحقه

على كل حال والمعاطسُ رُغَّمُ … ألست الذي يُعدى على الدهر إن عدا

ويُنْصفُ منه كلُّ من يتظلم … بحسبك هذي ما حُييت إمارة ً

تُجَلُّ بها حقَّ الجلال وتُعْظَمُ … ولاية َ لاعزْل وكلُّ منيحة ٍ

من الخيم أبقى من سواها وأدومُ … من اللائي يجبي أهلُها الحمدَ التي

جِبا أهلها دينارُ عيْن ودرهم … سلكتَ سبيل المجد وحدَك ممعناً

ولم يبقَ منها موطىء يُتَرسَّمُ … فلم نَرَكَ استوحشتَ منها لوحْدَة

ولاجُرْتَ عن قصد لأنك مُعلَمُ … وهل يوحشُ الإفرادُ من هو وحدَه

خميسٌ تضيق الأرض عنه عرمرمُ … فأصبحتَ قد غادرتَ كلَّ ثنيَّة

لها منهجٌ يهدي الأدلاَّء لَهجمُ … وفي الناس من يسمو بهمة ِ غيره

إلى ذروة المجد التي تُتَسَنَّمُ … ينامُ عن المعروف إلا مبارياً

بمعروفه معروفَ من يتكرمُ … وينكص في الهيجاء إلا مباهياً

وإن كان للْحامي هنالك مَقدَمُ … فياتي منالعلياء والمجد ما أتى

كمقتحمٍ في غمرة وهو مُقْحَمُ … كذاك المبادي والمسامي وإنما

يُسامَى كريمٌ بالمكارم مُلزَمُ … ولاحمد إلاَّ لامرىء ذي قريحة

يهشُّ أخوها للتي هي أكرمُ … هشاشته للماء تنسجُ متنهُ

شمالٌ خَريقٍ وَهْوَ حَرَّان أهْيَمُ … على حينَ لم تبعثه إلا طبيعة ٌ

تَيَقَّظُ للعلياء والناسُ نُوَّمُ … بمثلك فَلْتَرمْ الملوكُ ثغورَها

فما جانبٌ يُولَى بمثلك أثلمُ … علمتك فيك الخيرُ والشرُّ كلُّه

وكلك خيرٌ عندَ منَ يتفهم … وقد لُمسَتُ من صفيحتيك مرمسٌ

وجُرّبْتَ قِدْماً والمجرَّبُ أعلمُ … فمن كان ذا جهلٍ فإنك مُبْشَرٌ

ومنْ كان ذا حلم فإنك مؤدَمُ … وما سدٌ قولٌ في فعالك خَلَّة

ولاوَجَدَ المدّاحُ نقصاً فتمَّمُوا … وماجاوزوا إذْ أطنبوا فيك أنْ دَعَوْا

بأسمائك اللائي بها كنتَ تُوسَمُ … وما اتخذوا مدحاً إليك وسيلة ً

لأنك سيْحٌ يستقي ماءَة الفم … ولكن رأوا دونَ الكلام ونظمِهِ

حقيقيْن إذ أنتَ المنادَى المكلمُ … وما ملّئتْ منك الصدُورُ بهيبة ٍ

ولا عِظَمٌ إلا وشأنك أعظمُ … إذا مادحٌ أسدَى وألحمَ باطلاً

فمدحك مسدًى بالذي فيك مُلحَمُ … أقول لشاك بثَّهُ لم تزلْ به

من الحال أسمالٌ رِثاثٌ تُرمَّمُ … ألا أيها الشاكي إليَّ خَصاصة

تضارِعهُ في السنّ بل هيَ أقدمُ … ويشفق منها في بقية عمرهِ

أمنتَ وأنفُ الدهر أجدعٌ أكثمٌ … أمن ضيقِ مثْوى المرء في بطن أمه

إلى ضيق مثواه من القبر يُسْلَمُ … ولم يلقَ بين الضيق والضيق فُسْحَة ً

أبى ذاك أن الله بالعبد أرحم … أنَّ عبيدَ الله للناس عصْمة ٌ

بأيديهم منها عُراً لاتُفَصَّمُ … سيزجر عنك الدهرَ إن شئت زجرة ٌ

يصيخ لها خوفاً ولا يترمرم … هو المرءُ أما مالُه فمحلَّلٌ

لعافٍ وأما جاره فمحرَّمُ … لجيرانه منه مَحَلٌّ ممنَّعٌ

يضيم به الدهرَ الذليل المضيَّمُ … وكفٌّ صَنَاعٌ تجبرُ الكسرَ منهمُ

وتدملُ من ذي كَلْمهم حين يُكْلمُ … وتحتاطُ من كرّ الزمانِ عليهمُ

فتنهاه عنهم بالتي هي أحسُمُ … تتبع أظفارَ الزمان تَتَبُّعاً

بآثارها في أهله أو تُقَلَّمُ … فسرْ راشداً لاتَثْنينَّكَ طِيرة ٌ

كذوبٌ ولا رأي عن القصد أضْجَمُ … إلى ملكٍ لاتبرحُ الطيرُ دونه

وإن برحتْ للركبِ لم يتشأَّموا … إذا ماغدا الغادي إليه فإنه

على ثقة ٍ أنْ ليس في الطير أشأمُ … ترغَّم في السير القلاصُ ولاترى

قلوصاً إذا سارت إليه تُرَغَّمُ … وإن حَفِيتْ لم تُحْذ نعلاً وذُكّرتْ

به فرأيتَ المرْو بالبيد تُرْثَمُ … يثوْبُ لها بعد الحفا عند ذكرِه

أظلُّ وقاحٌ يرضخُ الصخرَ ميثَمُ … وإن ظمئتْ قالتْ لها النفسُ شمري

فعند ابن عبدالله عِدٌّ قَلَيْذَمُ … وما تَضْربُ الأكباد نحو فنائه

من العيس بل عفوا تَحُبُّ وَتَسْعَمُ … إلا رُبَّ قولٍ فيه أمكن قائلاً

ولو رامه في غيره ظلّ يكْعَمُ … تفورُ ينابيع القريض بمدحهِ

إذا جعلتْ في آخرينَ تَسدَّمُ … أطاعت معاني الشعر فيه وأصبحتْ

قوافيهِ حتّى قيل لي أنت مُلْهَمُ … به درتِ الدنيا ولولاه أصبحتْ

يعلّلُنا منها أجَدُّ مُصَرَّمُ … وكان سَنام العيش قبلَ ابن طاهر

أجَبَّ فقد أضحى به وهْو أكْوَمُ … كريم التغاضي عن قوافٍ يزرنَهُ

له مغمز فيهن بادٍ ومُعْجَمُ … ص يُثيبُ على النياتِ إن قال قائل

فجار عن القصد الذي يتيمَّمُ … غفورٌ لمن لم يوفِهِ كُنْهَ حقّه

غفورٌ لمن لم يوفهِ كُنْهَ حقّه … من المدح معطاء على ذاك مقثم

وما لعبيدِ الله وهو ابنُ طاهر … على شاعرٍ لم يوفه المدح منقمُ

إذا ما أثيبَ الشعرٌُ إن جاد وشْيه … أثابَ على الحمد الذي فيه يرقم

وما تلك إلا همَّة ٌ طاهرِيِّة ٌ … تميلُ إلى الأمر الذي هو أجْسَمُ

قَلتْ زُخْرفُ الدنيا فلم يكُ قصدَها … بُرودٌ تُوشَّى أو رياطٌ تُسَهَّمُ

ولكن صميمُ الحمدِ لا شيء غيرهُ … أو الأجرُ إن ذُخر مقدَّمُ

تَبيَّنَ أنالمجدَ ليستْ سبيلُهُ … سَبيلَ الملاهي عالمٌ لا يُعلَّمُ

فلم يَنْحُ بالمعروف نحوَ فُكاهة ٍ … ولا نحوَ لهوٍ فيه عارٌ ومأثَمُ

ولو سام سَوْمَ اللهو قامتبلهوه … فِصاحٌ بايديهن خُرْسٌ تَكلَّمُ

أولئك لو يلهو بهنّ كَفَيْنهُ … وكان له فيهم ملهى ومَنْعَمُ

أبا المجدِ لا يفقدُك مدة َ عُمرة ِ … عزيزاً فإن المجدَ بعدكَ ييْتَمُ

ولا آمتِ العلياءُ منك فإنها … لمثلك قبل اليومِ كانتْ تأيَّمُ

شفيتِ من الحرمان قوماً وإنه … لأدْوَى من الداء العَياء وأعْقَمُ

وأحييتَ موتى الشعر بعد فنائها … وربَّ مسيح لم تناسبه مريمُ

ولي فيك آمال وقد عَلَقَتْ يدي … بعروتك الوثقى فهل أنا مُسْلَمُ

أتيتك في عرضٍ جديدٍ طويتُه … إلى أن لبستُ الشيبَ فالرأس أشيمُ

ومثلُكَ منْ لم يُلْقَ في عرْضِ بِذْلَة ٍ … وما عذرُ من يلقاك والعرضُ أدْسَمُ

وقد كنتُ ذا وفرٍ من المال فاقتفى … به جَذَعٌ جَمُّ الحوادثِ أزءلَمُ

وأني لأرجو أن تراني صروفُه … منيعاً كأني في جوارك أعْصَمُ

وما بطَّأَتْ بي عنك نفسٌ مُمَثَّلٌ … لها فيك ظنّ بِالمغيبِ مرجَّمُ

ولا فَهّة ٌ من عاجز متخاذلٍ … إذا نابه يوماً الأمر مُعْظَمُ

بل الثقة ُ الوسْنَى وما زال أهلُها … قديماً إذا استيقظ الناس نَوَّمُوا

وإنَّ همومي بعدها وعزائمي … لأيقظ من نارِ الحريق واسهم

وفي ثقة تدعو إلى الرَّيْثِ مَعْجَبٌ … لقوم ولكنْ أنتَ أَنت المفهَّم

إذا استعجم التأويل يوماً على امرىء … فأعوصُ ما فيه لديك مُتَرْجَمُ

رمَى بي في أخرى عُفاتك أنني … رأيتُ العطايا منك لا تُتَغَنَّمُ

لأنك لا يَعْتَدُّ جُودُكَ فُرصة ً … تفوتُ وإن أضحتْ لُهاك تُقَسَّمُ

ولو خفت فوتاً بادرتْ بي عزيمة ٌ … لها فرسٌ عندي من الجدّ مُلْجَمُ

ولكنني ممن يرى بَذْلك اللُّها … متى شاءها حتماً من اللهِ يُحْتَمُ

أرى المالَ تحويه كمالي وديعة ٌ … لدى مُودَعٍ لم تؤمنْ منه مُتْهَمُ

على أن ما أرجوه منك مُحَّصل … وما كل ما أودعتُه متسلَّمُ

وما زالتُ كالمثرِي يطولُ تنمسي … رجاءك مغبوطاً بما أتنسمُ

يُعَدُّ رجائي فيك مالا محصلاً … أُدَنَّرُ في قوْمي به وأدرهُم

ويحسدنيه المحاسدون فموضعي … به منهمُ مقذاة ُ عينٍ ومَرغَمُ

ويُلْزمني فيه الزكاة َ معاشرٌ … ولم يَحْوِه ملكي وبالحقّ ألزموا

فهل بعد هذا كله أنا آئب … خميص الحشا أم طاعن ما اطعم

أبتْ لك تخييبَ المجِّين شيمة ٌ … تَذِرُّ إذا ضنَّ البخيل وترأمُ

منحْتكها حوليَّة َ النسْخِ لم تزل … تعاني مدى حَوْلٍ دكيكٍ وتُخْدَمُ

يرى جَهليُّ تبجيلَ قدْرِها … بحقّ وإسلاميُّهُ والمُخَضْرَمُ

إذا مِسْتَ فيها قيل وشيٌ محيَّرٌ … على قمرٍ أو قيل رَبْطٌ مُسَهَّمُ

فدونَكها مغبوطة ً بك لو غدا … سواك لها مولًى غدتْ وهي تُرْجَمُ

وعشْ عيشَ ثاوٍ خير دار فمالَهُ … على غير زادٍ صالحٍ مُتَلَوَّمُ

وراءك جَدٌّ لا ينام كلاءة … ودونك عزٌّ ذو مناكبَ مزْحمُ

ولا زلتَ ممدوحاً لمطريك مَصْدَقٌ … إذا كان للمطرينَ في الناس مَزْعَمُ