خذوا الحذر إن تَطَّوَفُوا بخيامها – ابن شهاب
خذوا الحذر إن تَطَّوَفُوا بخيامها … وإن تجهروا يوماً بردّ سلامها
وإياكم أن نتعتوها وتعلنوا … محاسن يقضي حبّها باكتتامها
فعنها وعن خلع العذراء بعشقها … عواذل تخفى الغل تحت ابتسامها
يحاولن غضاً من كرامة قدرها … ويلحظن شزراً من قضى في هيامها
يلاطفن من لم يصب نحو جمالها … ويغمزن من لبّى دعاة غرامها
دعوهن في عشوائهن وعرضوا … بسلوانها واصغوا لِدعوى اتهامها
ولا تنكروا إطراء ضراتها وقُوا … نفوسكمُ من ثلبها وانثلامها
وعن غمرات الحب كونوا بمعزل … قصي ولا تستهدفوا لسهامها
ولا تقتدوا بي حيث أقدمت انني … خبير بأخطار الهوى واقتحامها
ذروني وشأني واقبلوا النصح واطبعوا … على جبهات الذل عار اهتضامها
فليس لكم عزمي وبأسي ونجدتي … وإهدار روحي في مرامي مرامها
سأحمل نفسي في هوى غادة النقا … على الصعب ركضاً أو تسام لسامها
وأجري جيادي بين عشاق حسنها … إلى أن أرى قدحي معلى استهامها
واصمي غوي العاذلات بثاقب … من الشهب حتى تنزوي في كمامها
وخير لنفسي خوضها حومة الوغى … لمرضاتها من بردها وسلامها
منازل سلمى وجهتي وهي كعبتي … أرى الفوز في تقبيلها واستلامها
ينازعنها في إمرة الحسن نسوة … وأين خزامى رامة من ثمامها
أفيهن كلاً من صباحة وجهها … مشابهة أو من قناة قوامها
فما السحر إلا من سقيم جفونها … وما السكر إلا من مُروِّقِ جامها
إليها صبا أهل البصائر والنهى … ومن خبروا خذم الظبا من كهامها
وأسعدهم حظاً بها من لصدقه … إذا زارها منّت برفع لثامها
وقد علمت أن ليس غيري من الأولى … بها شغفوا كفؤاً لعالي مقامها
تجرعت مر الصاب صوناً لعهدها … وحفظ مواثيق الهوى وذمامها
محاسنها الغرّاء عين محاسن الوصي … قريع الحرب حال احتدامها
علي أخي المختار ناصر دينه … وملّته يعسوبها وإمامها
وأعلم أهل الدين بعد ابن عمه … بأحكامه من حلّها وحرامها
وأوسعهم حلماً وأعظمهم تقى … وأزهدهم في جاهها وحطامها
وأوّلهم وهو الصبي إجابة … إلى دعوة الإسلام حال قيامها
فكل امرء من سابقي أمة الهدى … وإن جلّ قدراً مقتد بغلامها
أبي الحسن الكرّار في كل مأقط … مبدّد شوس الشرك نقاف هامها
فتى سمته سمت النبي وما انتقى … مواخاته إلا لعظم مقامها
فدت نفسه نفس الرسول بليلة … سرى المصطفى مستخفياً في ظلامها
تعاهد فيها المشركون وأجمعوا … على الختر بئس العهد عهد لئامها
على الفتك بالذات الشريفة عيلة … على طمس أنوار الهدى باصطلامها
فبات علي في فراش محمد … ليبتاع ما تهذي به في سوامها
لعمري هل تدري بأن أمامها … على الفرش ساقيها حميم حمامها
له فتكات يوم بدر بها انثنت … صناديد فهر همها في انهزامها
تذوب على أهل القليب قلوبها … أسى وترثيها بعض بنامها
سقى عتبة كأس الحتوف وجرع الوليد … ابنه بالسيف مر زؤامها
وفي أحد أبلى تجاه ابن عمه … وفل صفوف الكفر بعد التئامها
بعزم سماوي ونفس تعوّدت … مساورة الأبطال قبل احتلامها
اذاق الردى فيها ابن عثمان طلحة … أمير لواء الشرك غرب حسامها
وفيها لعمري جاء جِبْرٍيلُ شاكرا … مواساته في كشف غمى غمامها
ولا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى … سوى المرتضى جاءت بصدق حذامها
وفي خيبر هل رحبت نفس مرحب … بغير شبا قرضابه لاخترامها
حصونٌ حصان الفرج كان بسيفه … كما قيل أقواها وفض ختامها
رماها إمام الرسل بالأسد الذي … فرائسه الآساد حال اغتلامها
ولولاه قاد الجيش ما دك معقل … ولا أذعنت أبطالها باغتنامها
وعمرو ابن ود يوم أقحم طرفه … مدى هوّة لم يخش عقبى ارتطامها
دنا ثم نادى القوم هل من مبارز … ومن لسبنتى عامر وهمامها
تحدى كماة المسلمين فلم تجب … كأن الكماة استغرقت في منامها
فناجزه من لا يروع جنانه … إذا اشتبت الهيجاء لفح ضرامها
وعاجله من ذي الفقار بضربة … بها آذنت أنفاسه بانصرامها
وكم غيرها من غمة كان عضبه … مبدد غماها وجالي قتامها
به في حنينأيّد الله حزبه … وقد روعت أركانه بانهدامها
تقدم إذ فر الجماهير وانبرى … لسفك دم الأعدا وشل لهامها
سل العرب طراً عن مواقف بأسه … تجبك عراقاها ونازح شامها
وناشد قريشاً من أطل دماءها … وهد ذرى ساداتها وكرامها
وكَسّرَ معبوداتها ثم قادها … إلى دين طه المصطفى بخزامها
أجنّت له الحقد الدفين وأظهرت … له الود في إسلامها وسلامها
ولما قضى المختار نحباً تنفّست … نفوس كثير رغبة في انتقامها
أقامت مليّاً ثم قامت ببغيها … طوائف تلقى بعد شرّاً ثامها
قد اجتهدت قالوا وهذا اجتهادها … لجمع قوى الإسلام أم لانقسامها
أليس لها في قتل عمّار عبرة … ومزدجر عن غيها واجترامها
أليس بخم عزمة الله أمضيت … إلى الناس إنذاراً بمنع اختصامها
بها قام خير المرسلين مبلّغاً … عن الله أمراً جازماً بالتزامها
ألست بكم أولى ومن كنت صادعٌ … بمن هو مولاها وحبل اعتصامها
هو العروة الوثقى التي كل من بها … تمسك لا يعروه خوف انفصامها
أما حبه الإيمان نصّاً وبغضه … جليّ إمارات النفاق وشامها
أما حبه حب النبي محمد … بلى وهما والله أزكى أنامها
صغار معالي المرتضى تملأ الفضا … فقس أي حد جامع لضخامها
تزاحمن في فكري إذا رمت نظمها … فتحجم أقلامي لفرط ازدحامها
أأنعته بالعلم وهو عبابه … فسائِلْه عن أمواجه والتطامها
أو الكرّ والإقدام هو هزبره الغضوب … فما العبسي وابن كدامها
أو الجود وهو السحب منهلة أو البلاغة … وهو المرتقي في سنامها
هو الحبر قوّام الليالي تحنّثاً … وفي وقدات القيظ خدن صيامها
شمائل مطبوع عليها كأنها … سجايا أخيه المصطفى بتمامها
حنانيك مولى المؤمنين وسيد المنيبين … والساقي بدار سلامها
أبثك شكوى لوعة وصبابة … يهيجها بالليل سجع يمامها
فلي قلب متبول ونفس تدلهت … بحبك يا مولاي قبل فطامها
وداد تمشَّى في جميع جوارحي … وخامرها حتى سرى في عظامها
هو الحب صدقاً لا اللغو الذي به … يفوه معاذ الله بعض طغامها
ولا كاذب الحب ادعته طوائفٌ … تشوب قلاها بانتحال وئامها
تخال الهدى والحق فيما تأًوّلت … غروراً وترميني سفاهاً بذامها
وتنبزني بالرفضِ والزيغ إن صبا … إليك فؤادي في غضون كلامها
تلوم ويأبى الله والدين والحجا … وحرمة آبائي استماع ملامها
فإني على علم وصدق بصيرة … من الأمر لم أنقد بغير زمامها
ألا ليت شعر والتمني محبب … إلى النفس تبريداً لحر أوامها
متى تنقضي أيام سجني وغربتي … وتنحل روحي من عقال اغتمامها
وهل لي إلى ساح الغريين زورة … لاستاف ريّاً رندها وبشامها
إذا جئتها حرمت ظهر مطيتي … وحررتها من رحلها وخطامها
وأخلعُ نعلي في طواها كرامة … لساكنها الثاوي أريض أكامها
إذا شاهدت عيناي أنوار قبة … بها مركز الأسرار قطب انتظامها
سجدت إليها سجدة الشكر خاشعاً … وعفرت وجهي من شذي رغامها
هنالك ذات المرتضى ومقرها … وجنّة مأواها وحسن مقامها
وثمة يحيى من موات القلوب ما … سقته شآبيب الرضا بانثجامها
يُفيضون من تلك المشاعر مالئي … الحقائب من جم الهبات جسامها
وإني على نأي الديار وبينها … وصدعالليالي شعبنا واحتكامها
منوط بها ملحوظ عين ولائها … قريب إليها مرتو من مدامها
أمت إليها بالنبوّة واقتفا … سبيل هداها صادعاً باحترامها
إليك أبا الريحانتين مديحه … بعلياك تعلو لا بحسن انسجامها
مقصرة عن عشر معشار واجب الثناء … وإن أدت مزيد اهتمامها
إذا لم تصب ريّاً فنغبة طائر … وطل إذا لم يهم وبل رذامها
ونفثة مصدور تخفّف بعض ما … تراكم في أحنائه من جمامها
مؤملة زلفى لديك وحظوة … ومعذرة عن عيها واحتشامها
وأزكى صلاة بالجلال تنزّلت … من المنظر الأعلى وأذكى سلامها
على المصطفى والمرتضى ما ترنمت … على عذبات البان ورق حمامها
وفاطمة الطهر التي المجد كله … محيط بها من خلفها وأمامها
وسبطي رسول الله ريحانتيه … والأئمة من أعقابه وفئامها
وأصحابه الموفين إيمان عهده … وبيعته في بدئها واختتامها