خبا نَحْسٌ وأعقب منه سعْدُ – ابن الرومي
خبا نَحْسٌ وأعقب منه سعْدُ … ولاح لطالبي المعروف قَصْدُ
ورُدَّتْ كُلُّ صالحة ٍ عليهمْ … وكانتْ قبل ذلك تُسْتردُّ
بأبيضَ من بني شيبان خِرْقٍ … رفيع البيتِ قد علمتْ مَعَدُّ
لِمَصْقلَة الذي أسْدى وأَيدَى … أيادٍ في المعاشر لا تُعَدُّ
هُبَيْريٍّ أطاب الله منه … وحَسَّنَ كل ما يَخْفَى ويَبْدو
نظيفِ السِّرِّ عَفٍّ حين يخلُو … جميلِ الجهْرِ حُلْوٍ حين يبْدو
كأَنَّ الله خيّرهُ السجايا … فكان من الرجال كما يَوَدُّ
له خُلُقان من بأْسٍ وجودٍ … يسوس كليهما الرأْيُ الأَسَدُّ
هما قَدَران من رزقٍ وموْتٍ … إذا عزما فما لهما مَرَدُّ
يُنادى باسْمه غيثٌ وليْثٌ … هِزبرٌ يفْرُس القَصرات وَرْدُ
هو الخَصْم الألدُ لكلِّ ضِدٍّ … من الأضْداد والقَرْن الأعَدُّ
أعدَّتْه بنو العباس ذُخراً … كَهَمِّك ذلك الذخر المُعَدُّ
سلاحُهُمُ الأحدُّ إذا تصدَّى … لهمْ باغ وركنهمُ الأشدُّ
أبٌ لرعية السلطان بَرٌّ … معاشُ الناس في كنفَيْه رغدُ
كَفى فَقْدَ الكُفاة مخلَّفيهمْ … فليس يُحَسُّ للمفقود فقْدُ
ومهَّدَ للجُنوب بخير كفٍّ … مَضاجعَها فكلُّ الأرض مَهْدُ
غدا سَبْطَ البنان بكل عُرْف … ثَرى العافينَ منه الدهْرَ جَعْدُ
يَحُلُّ عليه بالرغبات وفْدٌ … ويرحل بالرغائب عنه وفْدُ
وُفُودٌ لا يزال لهمْ إليه … على أنضائهم عَنَقٌ وَوَخْدُ
بهادٍ من ثناء الناس طُرَّاً … وحادٍ من رجاء القوم يحدو
بلوتُ له خلائقَ ليس فيها … سوى ما سامني خلالٌ يُسَدُّ
فتى ً سُهلت محافرُه لغيري … ومَحْفَرُهُ لَديَّ الدهْرَ صَلْدُ
خلا وعْدٍ مددتُ إليه عيني … فأَعْرضَ دونه مطْلٌ يُمَدُّ
فمن ذا مُبْلغ إياه عنِّي … عتاباً تحته عَتْبٌ ووجْدُ
فتى شيبان لِمْ أعْمَلْتَ مطْلي … بلا حدٍّ وللأعمار حَدُّ
تُجَدُّ ليَ المواعدُ كلَّ يوم … إذا أمَّلْتُ عارفة ً تُجَدُّ
أَكنتَ وعدتني خطأ فأَصغي … إلى الإخلاف عَزْمٌ منك عمْدُ
وأنَّي والمكارم باقياتٌ … تروح عليك أوْجُهُها وتغْدُو
وقد حكمتْ بأن الخلْفَ غدْرٌ … كما حكمتْ بأن الوعْدَ عهْدُ
وأنت سَميُّ أصدقِ ذي لسان … فهل بالصدق دونك مُسْتَبَدُّ
ولم تك واعداً خطأ وأنَّي … ومالَكَ غيْرُ بذْلِ العُرفِ وَكْدُ
فتى شيبان لا يشْمتْ بشعري … عدُّوُّك غاله عن ذاك لَحْدُ
فتى شيبان لا يفرح بعتبي … عليك منافسٌ لي فيل وغْدُ
أتُسْلمُني وأنتَ أعزُّ جارٍ … لدهرٍ لا يزال عَلَيَّ يعْدو
أتخطِئُني فواضلُكَ اللَّواتي … كَثُرْن فليس يحصيهنَّ عَدُّ
أيصْلَدُ بعد طول القدح زَندي … ولم يصْلَدْ لمن رجَّاك زَنْدُ
أعدْلُ أنْ حُرمتُ نداك إلا … حديثاً لي فيه عَليَّ ردُّ
يُحدِّثني بجودك كلُّ ركْب … وكلُّهُمُ بشعري فيك يشْدو
فيا عجباً مديحي فيك سَرْدٌ … وعُرفك في الأنام سوايَ سرْدُ
صددْتَ وما تقدَّم منك عطفٌ … وليس يكون قبل العطف صدُّ
جَزَرْتَ وما تقدَّم منك مَدٌّ … وقدْماً كان قبل الجزْر مَدُّ
أما تأوي لصبر كريم قومٍ … ببابك لا يُثاب ولا يُرَدُّ
يُكَدُّ ولا ينال وكان يرجو … بفضلك أن يُنال ولا يُكَدُّ
أُرفِّهُ ما أُرفِّهُ في التقاضي … وليس لديكَ غيْرَ المطْل نقْدُ
إذا إنجازُ وعدك كان وعداً … فيكفيني من الوَعْديْن وَعْدُ
وهَبْكَ شفعْتَ لي وعداً بوعدٍ … لتُحْكَمَ مِرَّة ٌ ويُشَد عَقْدُ
أليسا كافيَيْن بلى لعمري … وقد يكفي من الزوجين فرْدُ
أما حسْبُ امْرىء ٍ مِنْ وَعْدِ غيْثٍ … بصائب ودْقه برْقٌ ورعْدُ
جَدَاكَ جداك أوْ يأساً مريحاً … فما بعد الذي أَنظرتُ بعْدُ
ويُروى تأخَّر من ثوابك ما أرجى … وما بعد الذي ………….
أعيذك أن يكون نداك يأتي … وليس له على الأحشاء بردُ
وذاك بأن تُطيل المطْلَ حتى … يمسَّ النفْسَ منه أذى ً وجَهْدُ
هنالك لا يُساعد فيك حمْدٌ … وهل لمُكدِّر المعروف حمْدُ
رأَيتُ الرِّفْد عُرْفاً حين يُعْفَى … به المعْطَى وما للحقِّ جحْدُ
وليس العُرفُ عرفاً حين يأتي … وحُرُّ القوم ممَّا كَدَّ عَبْدُ
أيرضى أن يكون أخاه مَطْلٌ … فتى أبواه مَكْرُمَة ٌ وَمْجْد
جَزُوعٌ أن ينال الذمُّ منه … على الإزْراء إلا تلك جَلْدُ
لَحانَ لما غرستُ لديك حَمْلٌ … وآن لما زرعتُ هناك حصْدُ
فلا تُوقع بحرماني اعتذاراً … فإن نداك للمحروم جَدُّ
وليس يَضير من رجَّاك نحْسٌ … وكيف يكون ذاك وأنت سَعْدُ
وقائلة ٍ خَرُقْتَ فقلت مهْلاً … فَرُكْنا حلْمه حَضْنٌ ورَقْدُ
أخِلتِ رياحَ جهلي طائرات … بَطوْد لا يُهَزُّ ولا يُهَدُّ
إذا جار العتاب عليه أغْضَى … له جفناً وما غضَّاه ضَهْدُ
ولكن حلْمُ ذي خُلقٍ عظيمٍ … له نحو العُلا والمجْد صمْدُ
تطامن بالتواضع فهْو غوْرٌ … وأشرف بالسيادة فهو نجدُ
مَنَحتُكَها كساقية الندامى … زهاها بينهمْ وجْهٌ وقَدُّ
أتتك مُقرَّة ً بالعجْز يحكي … حيا ضميرها طرْفٌ وخَدُّ
ولم يقْعُدْ بها في الوصف حشْدٌ … ولكنْ لا ينال نداك حشدُ
تُقَرَّظُ غير أنك لا تُوَفَّى … وتوصف غير أنك لا تُحَدُّ