حَبَّبَتْ دُرَّة ُ القِيانَ إلينا – ابن الرومي

حَبَّبَتْ دُرَّة ُ القِيانَ إلينا … مثل ما بَغَّضَتْ إلينا القيانا

حَبَّبتْهنَّ أن غدتْ وهي منهنْ … نَ وإنْ كُنَّ دونَها أوزانا

ولقدُ فزن إذْ يُناغِينَ فاها … ويديْها وعُودها الألحانا

وتحرَّمْنَ إذْ غدوْنَ إماءً … مذعناتٍ بحقها إذعانا

تلبَسُ التَّاجَ فالقِيانُ لديْها … واضعاتٍ لتاجها الأذقانا

تاجُ حُسْنٍ يَثْنيهِ تاجٌ من الإحس … سان تاجانِ طالما مَلكانا

غير أني رأيتُها بغَّضَتْهُنْ … نَ بأن لم تدعْ لهنَّ مكانا

نزلتْ في الدور مَنزل من … بَرَّزَ حُسْناً ومن علا إحسانا

فنفتْهنَّ عن قلوبٍ وقدْ … كُنَّ تبوأْنَ حبها أوطانا

فغدا البائساتُ منهنَّ يَطْلبْ … ن على دفعِ ظُلمها أعوانا

ظلمتْ من صَبا وغَنّى … فكلُّ يشتكِي من دريرة َ العدوانا

أنصفَ اللَّهُ صاحبَ العذْلِ منها … عاشقا والمحسنات الحسانا

ما نَبالي إذا دُرَيْرة أبدتْ … نَزْهَتَيْها ألا نرى بستانا

نزهة الطرفِ شَفْعها نز … هة السمع إذا ناغمتْ لك العيدانا

ذات وجهٍ كأنَّما قيلَ كُنْ … فرداً بديعاً بلا نظيرٍ فكانا

فيهِ عينان ترميانِ بلحْظٍ … نافذِ النَّبْلِ يصرع الأقرانا

فوق غُصن مُهَفْهفٍ تلثم التفْ … فاح فيه وتلمس الرمانا

تجتلي خلقها فتلقَى قواماً … خيزرانا وصِبْغة ً أرجوانا

لونُها الدهر واحدٌ كجَني الور … د وإن كان وُدُّها ألوانا

بينما وصلُها لذي الوُدّ وصلٌ … إذ أحالته بالقِلى هجرانا

كَمَلتْ كلها فلستَ ترى في … ها سوى سوء عهدها نُقصانا

فمتى ما أجلتَ طرفكَ فيها … فهْي كالشمسِ صُوِّرتْ إنسانا

ومتى ما سمعتَ منها فَشَدْوٌ … يطرد الهمَّ عنك والأحزانا

قادرٌ أن يُميتَ أشجانَ قوم … قادرٌ أن يُهيِّجَ الأشجانا

ومتى ما لثمتَ فاها فشيْءٌ … تجد الراحَ فيه والريحانا

ريقة ٌ كالشَّمولِ طِيباً ونشرٌ … كنسيم خاضَ الجنانا

صَغَّروها مخافة َ العيْنِ عَمْداً … وهي أَعلى القيانِ قَدْراً وشانا

فَدَعَوْها دُرَيرة ً وهي الدَّرْ … رَة ُ تَغْلُو فتأخذ الأثمانا

لو رآها في الجاهليِّة قومٌ … عَبَدُوها وجانَبُوا الأوثانا

هِيَ حُلْمِي إذا رَقَدْتُ وهَميِّ … وسُرورِي ومُنْيتي يقظانا

مع أنَّ الرُّقادَ قد خانَ عَهْدي … مذ تكلَفتُ حبلها الخَوانا

لاتزالُ القلوبُ تَصْبُو إليها … أو تراها تُقلِّبُ الأجفانا

فإذا تابعت سهام الهوى المح … ض طلبنا هناك منها الأماناص غيرُ حنَّانة ٍ على عاشقيها

حين تحتَثُّ عودها الحنَّانا … غيرَ أَنَّا نُحبُّها كيفَ كانتْ

ما أحبَّتْ أرواحُنا الأبدانا … إن تُسلَّطْ على القلوبِ بلا جُر

م فأحلى مُسَلَّطٍ سلطانا … قل لمن عابها أحَلْتَ وأبطلْ

تَ وناقضتَ بل بهتَّ العِيانا … ليت شِعري أوجهها عِبْتَ كلا

أم تنقَّصْتَ جيدَها الحُسَّانا … أم شواها إذا أغضَّ بُراها

أم حَشاها أم فرعَها الفينانا … أم ندى صَوْتِها إذا رجَّعَتْهُ

في المثاني أم دلَّها الفتانا … ليس فيها شيءٌ يُعابُ لدينا

غيرَ بُخْلٍ بنَيلها قد شجانا … عندها البخل بالنوال ولو بالطْ

طَيْفِ منها يزورنا أحيانا … نعمة ً كالغرام أوسعَنا اللَّ

هُ امتنانا بوصلها وامتحانا … طال ما طوَّلتْ على حُبّها اليو

مَ وما قصَّرَتْ عليه الزمانا … تتغنَّى فالدهرُ يومٌ قصيرٌ

وإذا ما جفتْ عَدِمْنا كَرانا … أيُّها السائِلي بها كيفَ حَمْدِي

لجَداها لقيتِ عندي بيانا … قد أَرَتْنا وأسمعْتنا ولكنْ

تركتْ كلَّ عاشقٍ ظمآنا … أفلا قائلٌ لها ذو احتسابٍ

حين تحمي رُضابها العطشانا … مَتِّعي هذه المراشف من ري

قِك يا من يَمَتِّع الآذانا … واقسِمي العدْلَ في جوارِحِ قوم

ترك الظُلم بعضَها هَيمانا … لا تُنيلي جوارحاً ما تَمَنَّتْ

وتُنيلي جوارحاً حِرْمانا … أَرْشِفينا كما أريْتِ وأسمعْ

تِ ولا تتركي الهوى صديانا … أنا واللَّهِ يا دريرة ُ أهوا

كِ وإن ذقتُ في هواك الهوانا … ياكثيباً عليهِ غصنٌ من البا

نِ وفرعٌ يمَجُّ مِسْكاً وبانا … أشْتَهِي أن أعَضَّ منكِ بناناً

طال عَضِّي عليه مني البنانا … حين تستمطرين أوتارك الدُّرْ

رَ على السامعين والمَرْجانا … لم أنلْ منكِ مذ هَوَيتُك حظا

من نوالٍ سرا ولا إعلانا … غيرَ أني أبيتُ ليلي حَيْرا

نَ أُراعي من نَجْمِهِ حيرانا … قد وصفْنا فمن غدا يتمارى

فليزُرْنا نُقِمْ له البرهانا … عندنا مَنْظَرٌ لها وسماعٌ

كَفيانا لطالبٍ تبيانا … ن