حيوا المقامَ وحيوا ساكنَ الدارِ – جرير

حيوا المقامَ وحيوا ساكنَ الدارِ … ما كدتَ تعرفُ إلاَّ بعدَ إنكارِ

إذا تَقَاَدمَ عَهْدُ الحَيّ هَيّجَني … خيالُ طيبة ِ الأردانِ معطارِ

لا يأمننَّ قوبٌّ نقضَ مرتهِ … إني أرى الدهرَ ذا نقضٍ وإمرارِ

قَد أَطلُبُ الحاجَةَ القُصوى فَأَدرِكُها … وَلَستُ لِلجارَةِ الدُنيا بِزَوّارِ

إلاَّ بغرٍّ منَ الشيزى مكللة ٍ … يجري السديفُ عليها المربعُ الواري

إذا أقُولُ ترَكْتُ الجَهْلَ هَيّجَني … رَسْمٌ بذي البَيْضِ أوْ رَسْمٌ بدُوّارِ

تمسي الرياحُ بهِ حنانة ً عجلاً … سَوْفَ الرّوَائِمِ بَوّاً بَينَ أظْآرِ

هَلْ بالنّقيعَة ِ ذاتِ السِّدْرِ من أحدٍ … أوْ منبتِ الشيحِ منْ روضاتِ أعيارِ

سقيتِ منْ سبلِ الجوزاءِ غادية ً … وَكُلَّ وَاكِفَهِ السَّعْدَينِ مِدْرَارِ

قدْ كدتُ أنَّ فراقَ الحيَّ يشفعني … أنسى عزاي وأبدى اليومَ أسراري

لولا الحياءُ لهاجَ الشوقَ مختشعٌ … مثلُ الحمامة ِ منْ مستوقدِ النارِ

لمّا رَمَتْني بِعَينِ الرّيمِ فَاقْتَتَلَتْ … قلبي رميتُ بعينِ الأجدلِ الضاري

مِلء العُيُونِ جَمالاً ثمّ يُونِقُني … لَحْنٌ لَبيثٌ وَصَوْتٌ غَيرُ خَوّارِ

قَوْمي تَمِيمٌ هُمُ القَوْمُ الذينَ هُمُ … ينفونَ تغلبَ عنْ بحبوحة ِ الدار

النّازِلونَ الحِمَى لمْ يُرْعَ قَبلَهُمُ؛ … وَالمانِعُونَ بِلا حِلْفٍ وَلا جَارِ

ساقتكَ خيلي منَ الأشرافِ معلمة ً … حتى نزَلْتَ جَحيشاً غَيرَ مُختارِ

لنْ تستطيعَ إذا ما خندفٌ خطرتْ … شُمَّ الجِبَالِ وَلُجَّ المُزْبِدِ الجَارِي

تَرْمي خُزَيْمَة ُ مَنْ أرْمي وَيَغضَبُ لي … أبناءُ مرٍّ بنو عراءَ مذكارِ

إنّ الذينَ اجْتَنَوْا مَجداً وَمَكْرُمَة ً … تِلْكُمْ قُرَيْشِيَ وَالأنصَارُ أنصَارِي

و الحيُّ قيسٌ بأعلى المجدِ منزلة ً … فاستكرموا منْ فروعٍ زندها وارى

قَوْمي فأصْلُهُمُ أصْلي، وَفَرْعُهُمُ … فَرْعي وَعَقدُهُم عَقدي وَإمَرارِي

منا فوارسُ ذي بهدى وذي نجبٍ … و المعلمونَ صباحاً يومَ ذي قارِ

مسترعفينَ بجزءٍ في أوائلهمْ … وَقَعْنَبٍ، وَحُمَاة ٍ غيرِ أغْمَارِ

قدْ غلَّ في الغلِ بسطاماً فوارسنا … وَاستَوْدَعُوا نَعْمَة ً في آلِ حَجّارِ

ما أوْقَدَ النّاسُ من نِيرَانِ مَكْرُمَة ٍ … إلاَّ اصطلينا وكنا موقدي النارِ

إنّا لَنَبْلُو سُيُوفاً غَيرَ مُحدَثَة ٍ، … في كلَّ معتقدِ التاجينِ جبارِ

إنّي لَسَبّاقُ غَايَاتٍ أفُوز بهَا … إذاً أطيلُ لها شغلي وإضماري

يا خزرَ تغلبَ إني قدء وسمتكمُ … يا خزرَ تغلبَ وسوماً ذاتَ أحبارِ

لا تَفْخَرُنّ، فإنّ الله أنّزَلَكُمْ، … يا خزرَ تغلبَ دارَ الذلَّ والعارِ

ما فيكمُ حكمٌ ترضى حكومتهُ … للمُسْلِمِينَ وَلا مُستَشهَدٌ شَارِي

قومٌ إذا حاولوا حجاً لبيعهمْ … صروا الفلوسَ وحجوا غيرَ أبرارِ

جئني بمثلِ بني بدرٍ لقومهمُ … أوْ مِثْلِ أُسرَة ِ مَنظُورِ بنِ سَيّارِ

أوْ مِثْلِ آلِ زُهَيرٍ وَالقَنَا قِصَدٌ، … وَالخَيْلُ في رَهَجٍ مِنهَا وَإعْصَارِ

أوْ عامِرِ بنِ طُفَيْلٍ في مُركَّبِهِ؛ … أوْ حارِثٍ يَوْمَ نادى القَوْمُ: يا حارِ

أوْ فارسٍ كشريحٍ يومَ نحملهُ … نَهْدُ المَرَاكِلِ يَحمي عَوْرَة َ الجارِ

أوْ آلِ شَمخٍ، وَهل في النّاسِ مثلُهمُ … للمتعفينَ ولاطلابِ أوتارِ

نَبّأتَ أنّكَ بِالخابُورِ مُمْتَنِعٌ، … ثمَّ انفرجتَ انفراجاً بعدَ إقرارِ

قدْ كانَ دوني منَ النيرانِ مقتبسٌ … أخزيتَ قومكَ واستشعلتَ من ناري

لم تدرِ أمكَ ما الحكمُ الذي حكمتُ … إذ مَسّها سَكرٌ مِنْ دَنّها الضّارِي