حتَّى متى يُورِي سِوايَ وأفْتَدِحْ – ابن الرومي
حتَّى متى يُورِي سِوايَ وأفْتَدِحْ … حتى متى يُعْطَى سواي وأمْتَدِحْ
حتَّامَ لا شعري أَمَامَ المُجْتَني … فَأَحَظَّ منْهُ ولا وراءَ المطَّرِحْ
كم أستميح المُقْرِفِينَ وأغْتَدِي … صِفْرَ الدِّلاَءِ كأنَّني لم أسْتَمحْ
تاللَّه ما سَمِع الأنامُ بِطَالِبٍ … مثلي ولا رَأَوُا امْرَأً مِثْلِي اطُّرِحْ
كم مُكْثِرٍ طالبتُ فِدْيَة َ عِرْضِه … فأباحني منه الذي لم أَسْتَبِحْ
وإخالُ أنِّي لوْ سَطَوْتُ لَقَالَ لي … لا تَسْلُبِ السَّلَبَ الكريم ولوْ جُرحْ
وَجَوابُهُ إنْ قال ذاك لجهله … بلْ ذُو النَّذالَة ِ لا يجُودُ ولوْ ذُبح
يتعرَّضُ المتعرِّضُون وأنْتَئي … في ساحة المجد الفسيح وأنْتدِحْ
مُستَبْقِياً ماءَ الحياء لأنَّني … أعْتَدُّ ما يَهْمِي دَماً لِي قدْ سُفِحْ
ومِنَ الوقاحَة ِ أنْ تَكُونَ مَعيشَتِي … كسبُ القَريضِ وليس لي وَجْهٌ وَقح
بَكَتِ الكِرامُ إذا رَأَتْ مَسُتَنْبِحاً … مِثْلِي بأَفْنِيَة اللِّئَامِ ومَا نُبحْ
يا رَاكباً وهُمَيْنِيَاءُ قُصَارُهُ … ثَقَّلْتَ كَرَّة َ رَابح في مَنْ رَبحْ
تَجْلِي أبَا عبدِ الإِله فَقُلْ له … لا زلتَ تَغْتَبِقُ السرور وتصطبحْ
يا من إذا نشِرَ الثَّناءُ على امرىء ٍ … خُتِمَ الثناءُ بذكره وبهِ فُتِحْ
أنا مَنْ عرفْتَ صفاءَه ووفاءه … وغناءهُ وثناءهُ غيْرَ الوَتِحْ
ومن العجائب أنَّ رزقي مُغْلَقٌ … ونَدَاكَ مِفْتَاحٌ ولمَّا أَفْتَتِحْ
كمْ قدْ هَتَفْتُ وما أريدُ سِوَاكُمُ … بَرحَ الخفاءُ ولو عَدَلْتُمْ ما بَرحْ
يا معشَرَ الإخْوَانِ طال عقوقُكُمْ … بِأَخٍ لكم غُبِقَ الجفاءَ كما صُبِحْ
أَعْرَيْتُمُوني مِنْ جَدَاكُمْ كُلِّهِ … وَعَرَيْتُمُ من كل عُذْرٍ مُتَّضِحْ
أيَخِيبُ تَأمِيلِكُمُ وَقَرِينُهُ … شَفَقِي عليكم والقوَارعُ تَنْتَطِحْ
عَرِّجْ أبا عبدِ الإله ورُبَّمَا … كَفَّ الجَوَادُ عن الجِمَاحِ وما كُمح
إنْ كنتَ أزْمَعْتَ نفْعِي مُحْسِناً … فَأَرِحْ بِسُرْعَتِهِ وَليَّكَ واسْتَرِحْ
واسْدُدْ به خَلَلي ولمَّا أَنْهَتِكْ … وَأَزِحْ به عِلَلي ولمَّا أفْتَضِحْ
ماذا أردتَ وقدْ وَقفْتَ بحاجتي … وَقَفاتِ مَفْدوحٍ وظهرُكَ ما فُدِحْ
أَأَهَشُّ من رَجُلٍ برأْيِكَ يقتدي … أأخَفُّ من رَجُلٍ بكَفِّكَ يتَّشِحْ
هَلاَّ كتبْتَ بحاجتي مُتَفَصِّلاً … مُتَطَوِّلاً لتزيد في فَرَح الفرحْ
وَجَعَلْتَهَا تَبَعَ الكِتَاب مُنازِلاً … في ذاكَ صاحِبَكَ السَّمِيعَ إذا نَصحْ
بمَوَدَّتِيكَ وحُرْمَتي بِكَ أنَّها … سَبَقَتْ قَرَابَتَها بِوَجْهٍ ما قُبحْ
امْنَحْ أبا العبَّاسِ فيَّ نصيحة ً … تُجْدِي عَلَيَّ فإنه لك مُنْتَصِحْ
عَرِّفْهُ أنِّي للصنيعَة ِ مَوْضِعٌ … حَمْدَاً وشكراً لا يَبِيدُ ولا يَمِحْ
ودَليلُ شُكْرِي طولُ صَبْرِي إنَّه … في طُولِ شعري فيه عِلْمي لو مُسِحْ
كم قد صَبَرتُ ونَالَ غيري نَيْلَهُ … وفَسَحْتُ في عذْرٍ وإن لم يَنْفَسِحْ
لاَ أجْتَدِيهِ ولا أريهِ زَهَادَة ً … فِيمَا لَدَيْهِ ولا أكُفُّ ولا أُلحْ
وتَرَى الصَّبُورَ هو الشَّكُورَ ولا ترى … إلا الجُزُوعَ هو الكَفُورَ إذا مُنِحْ
فَأَرِحْ بفضلِكَ إنَّ بَحْرَكَ لم يَغِضْ … واظْفَرْ بمَدْحِي إنَّ بحري ما نُزحْ
واجْعَلْ لكفِّكَ شِرْكَة ً مَعَ كَفِّهِ … في نفْعِ ذِي وُدٍّ بزَنْدِكَ يَقْتَدِحْ
أوْلاَ فَجُدْ لي بالكلامِ فإنَّهُ … رِبْحٌ بلا خُسْرٍ هنالك فَارْتَبِحْ
أوْلاَ فَعَرِّفْني الحقيقة إنَّهَا … نِعْمَ الدَّوَاءُ لِقُرْحَة ِ القلبِ القَرِحْ
واكْتُبْ إليَّ كأنَّ شِعْرَكَ تُحْفَة ٌ … قَدْ كُوفِئَتْ أَوْ أَنَّه ذَنْبٌ صُفِحْ
أَصْبَحْتُمَا مُتَعَاوِنَيْنِ على التُّقَى … وعَلَى العُلاَ والدَّهْرُ فوقي مُجْتَنِحْ
لم تَسْمَعا بعْدَ الصِّياح شَكِيَّتي … وسمعتُما شكْوى سِوَايَ ولم يَصِحْ
وقَد اقْترحتُ عليكما أن تُحْسِنَا … بي وَادِعاً فَتَغاضيا لِلْمُقتَرِحْ
فقد اجْتَرَحْتُ خلاَفَ مَا أَوْمَأتُمَا … لِيَ نَحْوَهُ فَتَجَافَيَا للمُجْتَرِحْ
لا تَأَثَمَا فِي مَنْح شعْرِي مَهْرَهُ … يا صَالِحان فإنَّهُ فَرْجٌ نُكِحْ