حبيب نفسي ومناي والوطر – محمد حسن أبو المحاسن

حبيب نفسي ومناي والوطر … ذكراك أنسي وحديثي والسمر

ولست اخشى فيك لوماً انما … يلوم من لم ير وجهك الأغر

اسمع فدتك النفس شكوى عاشق … يقدح في احشائه الوجد شرر

مقسّم القلب لشوق وجدي … موزع الطرف لدمع وسهر

لم يبق للقلب الذي أذبته … من الجفا يا نور عيني من اثر

يا رشأ ليس له غير الحشا … مرعى وغير الدمع ورد وصدر

اسكنته قلبي ولكن لم يزل … يرميه في سهم الجفا حتى انكسر

رأيته احببته عشقته … اعرض عني وجفاني وهجر

لست أنا وحدي أسير صدغه … بكل صدغ مأة مثلي اسر

ما اسود ذاك الشعر الا مذ غدا … لشمس ذياك المحيا مستقر

مالي سوى الصبر على رقيبه … ومن جنى الورد على الشوك صبر

ورد النعيم في رياض خدّه … ذو ارج ومثله ورد الخفر

قد اخذ الريم صفات حسنه … لفتة جيد ونفار ونظر

واقتبست شمس الضحى من نوره … وذلك النور تجلى في القمر

ياثغره من مزج الراح التي … فيك بشهد فحلا رشف السكر

غاص على اللؤلؤ قوم ما دروا … ان بذاك الثغر أحسن الدرر

لا بدع ان تحمي سهام لحظه … ريقاً فشهد النحل يحمي بالأبر

أراك يا بدر ادعيت حسنه … وتلك دعوى لم تكن لتعتبر

يزداد حسناً وسناً وبهجة … وأنت يعتادك نقص وغير

وأنت يا غصن ويا ريم النقا … لم تحكيا منه اعتدالا وحور

قيامة العشاق من قامته … فحق ان يشخص نحوها البصر

غصن تحلى باللئالي فاعجبوا … من غصن له من الدر ثمر

يجول في الخصر الوشاح راوياً … احلى حديث نافع عن مختصر

وطرفه الصارم وهو ساحر … عن بابل ينقل مأثور الخبر

من فر من خوف فاني لم اجد … الا له من سيف عينيه مفر

من لم يشاهد فتكات طرفه … لم يدر ما معنى القضاء والقدر

افدي حبيباً لم يشاهد مكتباً … فيحسن الخط ويقرأ الزبر

وكل لحظ فيه درس حكمة … لألف نحرير حكيم ذي نظر

قل للذي رام سلوي ليس لي … من سلوة فاطو احاديث السمر

فلست اصغي لحديث غيره … ما لم يكن حديث سيّد البشر

محمد المختار والنور الذي … قد اشرق الكون به لما زهر

من اصطفى الله من الخلق له … سر قريش وقريشاً من مضر

وليلة الميلاد كانت آية … في الأرض والسماء جاءت بالنذر

فانصدع الايوان فيه وخبت … نار مجوس من قديم تستعر

بحيرة غاضت ونار خمدت … وجاء رؤيا المؤبذان بالخطر

أوجس كسرى خيفة في نفسه … وصرح الكاهن عنها بالخبر

فانكسرت شوكة كسرى عندها … كسراً على كرّ الليالي ما انجبر

كأن تاريخ انقضاء ملكه … ليلة ميلاد النبي المنتظر

فإن تكن ساوة غاض ماؤها … فقد طمى بحر النوال وزخر

وان تكن نيرانهم قد خمدت … فقد تجلى نور حق وسفر

هدى إلى الله أناساً عكفوا … على الضلال من عبادة الحجر

انقذهم من ليل جاهلية … الظلم فيها والظلام المستمر

قد خاصموه فحجا خصيمهم … وحاربوه وعليهم انتصر

يحمل سيفين لساناً ناطقاً … ومرهفاً وفي كليهما الظفر

مد يداً تسدي الايادي ويداً … تفني الاعادي بالمهند الذكر

كأن ذاك السيف في راحته … والجود فيها ومض برق ومطر

قد بعث الله به متمماً … مكارم الاخلاق من كل البشر

ابدع حسن خلقه وخلقه … والسر في الصنع البديع قد ظهر

ما اتخذ الله حبيباً غيره … فكيف لا يخلق أحسن الصور

قد نزلت كناية عن حسنه … في يوسف آية ما هذا بشر

قد نفد المعنى بمدح من له … من المزايا كل معنى مبتكر

صفاته غر ولا حصر لها … لكنها ترمي البليغ بالحصر

كأن من فيض نداه قد جرى … ماء الحياة فارتوى منه الخضر

يحيى الرميم ذكره فهو الذي … قد جاء من اسراره عيسى بسر

شق له البدر وسبّح الحصا … في الكف والعود بها عاد نضر

وقال هذا معجز الباري فمن … منكم يباري سورة من السور

لو استطاعوا مثله ما حاربوا … وهو لهم ايسر من كرّ وفر

اضحت صناديد قريش كلها … بين طليق وقتيل منعفر

ذاقوا ببدر منه بأس باسل … وشاهدوا بالفتح عفو مقتدر

ايده الرحمن بابن عمه … نعم العضيد والنصير والوزر

كان عليّ يده وسيفه … يضرب فيه من بغى ومن كفر

اردى قريشاً وأباد خيبراً … وهدّ عمرواً بحسام ذي اثر

ورد في يوم حنين بالردى … هوازناً وغيره ولى وفر

وقد تجلى يوم بدر سيفه … شمساً بها انجاب الظلام وانحسر

هل غيره من احد في احد … حامي على الدين وواسى ونصر

حتى استقر في مزالق الوغى … دين هدى لولا علي ما استقر

يا شارباً غير ولاء حيدر … كيف من الصفو رضيت بالكدر

مدحت في مدح علي أحمداً … حيث هما نفس بوحي واثر

انظر إلى أخوة بينهما … فهو بديع من جناس ذي خطر

يا أيها النور الذي قد جاءنا … بالنور من آيات وحي وسور

بالوحي والسنة قد هديتنا … يا هادياً في سور وفي سير

وخاتماً نبوة قد بدأت … قبل الورى والخلق في عالم ذر

كن لي شفيعاً يوم لا شفاعة … الا بكم فكل ذنب يغتفر

صلى عليك الله ما هبّت صباً … بنشر أخلاقك لا نشر الزهر

وآلك الغرّ الميامين ومن … كآلك البيض الميامين الغرر