جلا الكؤوس فجلى ظلمة السدف – ابن معصوم المدني
جلا الكؤوس فجلى ظلمة السدف … بدرٌ كلِفتُ به حاشاه من كَلَفِ
سمتْ وقد أشرَقت راحٌ براحتهِ … كأنَّها الشمسُ حلَّت منزلَ الشَّرفِ
وضاع نشر شذاها وهي في يده … كأنها وردة ٌ في كف مقتطف
بكرٌ تحلت بدرٍ من فواقعها … وأقبلت وهي في وشح وفي شنف
يا سحبَ نيسان روِّي الكرم من كرم … ففي الحَباب غنى ً عن لُؤلُؤ الصَّدفِ
شتان ما بين درٍ راح مرتشفاً … رشفَ الثغور ودرٍّ غير مُرتَشفِ
لم أنس ليلة أنسٍ بت معتنقاً … فيها الحبيب اعتناق اللام للألف
أمنت من ريب دهري في خفارته … ومن يبت في ضمان الحب لم يخف
ورحت فيها من الهجران منصفاً … من بعد ما كنت منه غير منتصف
أسْطو عليه برمحٍ من مَعاطِفهِ … وصارمٍ من ظبى أجفانه الوطف
لله طيب وصالٍ نلتُ من رشأ … بالحسنِ متَّسمٍ بالطِّيب متَّصفِ
إذا ضَممتُ إلى صَدري ترائبَه … كادت تذوبُ تَراقيهِ من التَّرفِ
يا محسنَ الوصف إن رمت النسيبَ فصِفْ … لنا محاسن هذا الشادن الصلف
أو رمتَ تنسُب يوماً سيِّداً لعُلا … فانسب إلى منتهاها سادة النجف
واخصُصْ بني شرفِ الدِّين الأولى شرفت … بهم بيوتُ العُلى والمجدِ والشرفِ
قوم يحلُّونَ دون الناسِ قاطبة ً … بحُبُوحة َ المجد والباقون في طَرفِ
القائلون لدى المعروف لا سرفٌ … في الخير يوماً كما لا خيرَ في السَّرفِ
رَوَوا حديثَ المعالي عن أبٍ فأبٍ … وساقه خلفٌ يرويه عن سلف
هُمُ نجومُ الهدى ليلاً لمدَّلجٍ … وهمْ بحارُ النَّدى نَيلاً لمغترفِ
منهم حسينٌ أدام الله بهجتَه … وأيُّ وصفٍ باحسان الحسين يَفي
هو الشريف الذي فاق الورى شرفاً … سلْ عن مفاخره من شئت يعترف
كم من جميلٍ له في الخلق مُجملُه … يلوح كالكوكب الدريِّ في السَّدف
فالخلق من خلقه في نزهة ٍ عجبٍ … ومن خلائقه في روضة ٍ أنف
أمسى النَّدى والهدى والمجد مكتنفاً … به وأصبح منه الدين في كنف
سعى إلى الغاية القصوى التي وقفت … عنها الورى فتعدَّاها ولم يقِفِ
فحازَ ما حازه أقرانُه وحَوى … ما شذَّ عن سَلفٍ منهم وعن خلفِ