جاء الكتاب وأصدق – جبران خليل جبران
جاء الكتاب وأصدق … به رسولا أمينا
أدى البلاغ وأبدى … من الحديث شجونا
لكن شجاني خطب … وصفته لي مبينا
وصفا تناهيت فيه … براعة وفنونا
فيا له من مصاب … أجرى الفؤاد شؤونا
وكان لعقل تاج … يزين منها الجبينا
وللحياء شعاع … يغض عنها الجفونا
وكان كل ابتسام … منها عطاء ثمينا
وكل لفظ كدر … يصيده السامعونا
ماتت قتيل هواها … لم تبلغ العشرينا
ولم تزف عروسا … مرجوة للبنينا
ولم تخضب ولم يشد … حولها الشادونا
ولم تنل ملك يوم … به تقر عيونا
جل المصاب ملما … بمثلها أن يهونا
دب الفساد إليها … خفيف وطء كمينا
وعالج الروح حتى … أباح عرضا مصونا
فكان افدح رزءا … وكان شرا منونا
وهون العمر خسرا … وعظم العرض دينا
يا ليتها في سبيل العفاف … ماتت طعينا
إذن لزفت عزيزا … على الورى أن تبينا
في مشهد يستدر الصفا … عليه عيونا
تبكي الصاحب فيه … ويندب المنشدونا
ويرفع الصوت كل … بذكرها تأبينا
لكنها اليوم ليست … بميتة تبكينا
ولا مرجاة بعل … وعيلة صالحينا
أمست ضريحا وأمسى … فيها العفاف دفينا
باعت جمالا بمال … وكان بيعا غبينا
والمال ما زال ربا … ي ستعبد العالمينا
أضلها وقديم … إضلاله الراشدينا
فانظر لما هو ناج … من حسنهامستبينا
فإنما هو ما لا … نوده أن يكونا
ورد تحول جرا … بملمس الفاسقينا
طيب يحلب سما … في انفس الناشقينا
نور يمد جرابا … في أعين المبصرينا
مرآة خلق عفيف … تمثل المجرمينا
كأس تريب فنظمي … بخمرها الشاربينا
ذكرى أسى لجمال … حوى الفضائل حينا
ثم اغتدى وهو خال … منها لدى الناظرينا
كجنة كان فيها … أحبة آهلونا
ففارقوها وظلت … تستوقف الآسفينا