جئت يا دهر بالرزية بكراً – محمد حسن أبو المحاسن

جئت يا دهر بالرزية بكراً … غادرت مهجة الهدى وهي حرّى

انما اقصدت سهامك نفساً … يطلب الدين دخلها والوترا

لم تصب واحداً من الناس لكن … أوحد الناس في الفضائل طرّا

فهوى لا هوى من الشرع ركن … لم يزل باذخ الذرى مشمخرا

كل مصر اقام مأتم شجو … لمصاب العزيز في الناس قدرا

قسم الحزن للقلوب فكل … حاز سهماً لمقتل الصبر يبرى

وثوى حبرها الفقيد بقبر … من رأى القبر قبله ضم بحرا

مات لكن ذكره في خلود … انما المجد مجد من عاش ذكرا

اصبح الناس محرمين من اللذ … ات قد اشعروا المدامع نحرا

ازمع الصبر عنهم إذ رآهم … قد تراموا بجمرة الحزن نفرا

أو مض البرق ناعياً فاستهلت … سحب الدّمع فهي تبكيه عبرى

نعت الكهرباء جوهر فضل … كان للآملين كنزاً وذخرا

سلكه بين رنة واهتزاز … واصفاً في حشاه خوفاً وذعرا

كم نفوس في ربقة الحزن اضحت … وهي اسرى للبرق ساعة اسرى

سلكه قطع القلوب فهلا … قطع السلك فهو بالقطع احرى

هل درى لا استقل فيه عمود … انه قد نعى العميد الاغرا

ما عهدنا الحمام يفري شبا السيف … ويردي وسط العرين الهزبرا

عم آفاقها مصاب فقيد … عمها نائلا وجوداً وبشرا

يا فقيهاً له شرايع فضل … لم تزل في الزمان منهن ذكرى

كان للسمع من حديثك عقد … نظمته الرواة في السلك درّا

فغدا الدر في المسامع لما … نعي الفضل في الاضالع جمراغ

كم مقام شهدته فتجلت … ظلمة الشك مذ تجليت بدرا

فانثنى الخصم ليس يملك نبساً … وسطا النحل وهو يهدر هدرا

عادت الالسن الفصيحة خرساً … بك والاعين الحديدة حسرى

لك في المشكلات ثاقب فكر … كلما اظلمت تبلج فجرا

تفصل الحكم ناطقاً ببيان … ساطع يجتلى الكواكب زهرا

مثل سيل العقيق يجري فيلقي … درراً من معادن الحكم غرّا

ويراع إذا جرى فوق رق … حاز رق البيان نظما ونثرا

ليس ينفك ينتقي اللفظ فحلا … ويزف المعنى إلى السمع بكرا

وإذا حبر الكلام استمد الشهد … والخمرة السلافة حبرا

وحديث البيان قد صح عنه … فهو فوق الطروس ينفث سحرا

ولو ان المداد لم يك خمراً … ما وجدنا عقولنا وهي سكرى

اكبر الفيلسوف نقدك لمّا … ان رأى آية الكتاب الكبرى

ان يكن عاد للطبيعة عبداً … فلقد عدت بالشريعة حرّا

حجج صدعت بنور هداها … ليل شرك من الضلال اكفهرا

كنت نعم النصير للدين لما … هتف الدين قائلا لك نصرا

قال قوم بأن شبلي شميل … ليث غاب فقلت صادف بشرا