تموق الليالي فيكمُ ثم تعقلُ – مهيار الديلمي

تموق الليالي فيكمُ ثم تعقلُ … وتقسطُ في أحكامها ثم تعدلُ

ويعرضُ وجهُ الملك عنكم علالة ً … فيلفته شوقٌ إليكم فيقبلُ

إذا جرَّب الأبدالَ أصلحه لكم … على كثرة ِ التقليب من يتبدَّلُ

وكم هجرة ٍ لم تتفق عن ملالة ٍ … وصدٍّ يريبُ الحبَّ وهو تدلُّلُ

مكانكمُ منه لكم أين كنتمُ … مقيمكمُ والظاعنُ المتحوّلُ

وهل يسكن الأفلاكَ إلا نجومها … وإن غرَّ قوما أنها تتنقَّلُ

وما أنت إلا البدرُ نأياً وأوبة ً … تحلُّ على حكم السعود وترحلُ

على كلّ قطبٍ ثابتٍ لك مطلعٌ … وفي كلِّ برجٍ سائرٍ لك منزلُ

فكيف يساميك الإمارة والعلا … خفيٌّ دقيقُ الشخص يعلو وينزلُ

إذا تم بدرا أو تنصَّفَ شهرهُ … فإنك منه في سرارك أكملُ

إذا غبتَ عنّا فالسحابة أقلعتْ … بجمتها الوطفاء والعامُ ممحلُ

ويقدمك الإقبالُ حتى ترى الحصى … يروَّض خصبا والجلاميدَ تبقلُ

وما الملك يخلو منك إلا فريسة … تمضَّغُ ما بين النيوبِ فتؤكلُ

إذا ذدتَ عنها فهو وادٍ محرَّمٌ … وإن غبتَ شيئا فهو نهبٌ محلَّلُ

وقد ألفتْ منك الوزارة ُ موطنا … تفيَّأُ في أكنافه وتظلَّلُ

ربتْ فهي ذاتُ الودعِ في حجراته … وشبَّتْ فهذا شيبها والتكهُّلُ

أخو ثديها والناسُ أبناءُ علَّة ٍ … وكافلها إن زوِّجت وهي تعضلُ

ووالدها الحاني الشفيق وبعضهم … إذا ولد ابناً لم يبلْ كيف يثكلُ

فلا ضامها يتمٌ وأنت لها أبٌ … ولا عرفتْ يا بعلها كيف ترملُ

ولا عدمتْ مشكورَ سعيك دولة ٌ … عليك إذا ذمَّ السعاة ُ تعوِّلُ

نهضتَ بها والدهرُ تحتَ وسوقها … يناشد جنبيه النهوضَ فينكلُ

فراحوا وألقوها على متمرِّن … يخفُّ عليه الأمرُ من حيث يثقلُ

إلى كم تراهم يسبرون اجتهادهم … وعفوك فيها ثم عفوك أفضلُ

وكم تتزوَّى هضبة ٌ بعد هضبة ٍ … بهم ولرضوى منكب لا يزيَّلُ

وقد حطَّها منبوذة ً واستقالها … مطا كلِّ ظهر ظنَّ أن سوفَ يحملُ

تناكصَ عنها الناسُ إذ قربوا لها … ومنهمُ قرومٌ في الحبالِ وبزَّلُ

ألم يك في التجريبِ وعظٌ فينتهي … إليه ولا للحزم وعظٌ فيقبلُ

أقول وركنُ الدين سمعٌ مصدِّقٌ … معي ولسانٌ شاهدٌ لي معدَّلُ

إذا هو شامَ المرهفاتِ وسلَّها … درى أنها أمضى شباة ً وأعملُ

رأى بك وجهَ الرشد والوقتُ فترة ٌ … وبابَ الهدى والملكُ شرعٌ مضلِّلُ

ولا أمنَ إلا أنّ سيفك يتّقى … ولا رزقَ إلا أنّ كفّك تهطلُ

كأنك في التدبير وحيٌ منزَّلٌ … لنا أو نبيٌّ في السياسة مرسلُ

فلولا اتقاءُ العجبِ لم يملِ طرفه … على القرب منك الناظرُ المتأملُ

ولو شئت أن تعطي علاءك حقَّه … سموتَ فخاطبتَ الكواكبَ من علُ

خليليّ والأنباء حقٌّ وباطلٌ … وتسند أخبارُ الكرام وترسلُ

بدينكما هل في فخارٍ سمعتها … به الذكرُ يروى والأحاديثُ تنقلُ

كمجدٍ بنو عبد الرحيم ولاتهُ … يشيَّد في أبياتهم ويؤثَّلُ

وهل في بدور الأرض بعد ظهورها … وجوهٌ لهم يومَ السؤالِ وأنملُ

أقيما فلا الأخطارُ تركبُ دونهم … لحظٍّ ولا العيسُ المراسيلُ ترحلُ

قعا بالأماني الطائرات حوائما … ترفّ على باب الوزير وترفلُ

إلى ملكٍ لا الحق يدفعُ عنده … بعذرٍ ولا الميعاد بالمطل يقتلُ

يعاقب إصلاحا ويعطى تبرُّعا … وكالمنع إعطاءُ الفتى وهو يسألُ

صبا بالمعالي وهو في خرز الصِّبا … يدارى بها في مهده ويعلَّلُ

وأصفى خليليك الذي كنتَ تربهُ … وأحلى حبيبك الذي هو أوّلُ

على سرجهِ إن أركبتهُ حميَّة ٌ … أخو لبدٍ بادي الطوى متبسلُ

غضوبٌ إلى أن تغسل العارَ كفُّه … ولو بدمٍ والعارُ بالدمِ يغسلُ

وفي دستهِ يومَ الرضا البدرُ ضاحكا … إلى وفده والعارضُ المتهلِّلُ

حمى الله للأيام منك بقيَّة ً … هي الدهرُ والأيام أو هي أفضلُ

مددت يدا بالمكرمات بسطتها … فطالت تنال النجمَ أو هي أطولُ

فكيف إليها الرزقُ وهي مخوفة ٌ … وكيف إليها الموتُ وهي تقبَّلُ

ولا كان هذا الشملُ مما يروعه … صدوعٌ ولا ذا الظلُّ مما يحوَّلُ

إذا غبتَ طارت بي على النأى لوعة ٌ … تقيم المطايا وهي نحوك ترقلُ

وخلفتني أمّا نهاري فمطلقٌ … كعانٍ وأما لون ليلي فأليلُ

يراني صحيحا من يراني صابرا … وما ذاك إلا أنني أتجمّلُ

ولا وجه إلا وهو عنِّيَ معرضٌ … ولا كفَّ إلا وهو دوني مقفلُ

إذا ذكروا ما موضعي منك والذي … إليك به من حرمة ٍ أتوسلُ

وأنى قد حرمتُ نفسي عليهمُ … ورقِّى َ ملكٌ في يديك محلَّلُ

رأيت أخي فيهم عدوا مكاشحا … ومطريَّ فيهم عائبا يتعلَّلُ

فلا ينحسم داءٌ هواك يجرُّه … ولا عزَّ قلبٌ في ودادك يبذلُ

ولا فاتني هذا الذَّرا الرحبُ موطنا … لعزِّي ولا هذا البساطُ المقبَّلُ

وكان الذي بقَّى ليَ العمرُ فضلة ً … لمدحكمُ تبقى وفيكم تؤجَّلُ

تسدِّي لكم في كلّ يومٍ وشائعاً … من الفخر مصبوغاتها ليس تنصلُ

لها من علاط الجهد وسمٌ مخلَّدٌ … يمر عليه الدهرُ والدهرُ مغفلُ

نجائبُ أمّاتُ القريض بمثلها … عقائمُ إلا أن فكريَ ينسلُ

نوازي من بين الضلوع كأنما … يجيش بها من بين جنبيّ مرجلُ

على اسمك تحدى أو بوصفك تقتضى … صعاباً فتعنو في الحبال وتسهلُ

فلو كنت فيها خائفا بخلَ خاطري … لسمَّحهُ إحسانك المتقبَّلُ

تضوع بها أوصافُ فخرك ما جرتْ … على الأرضِ رعناءُ التنسُّم شمألُ

كأني إذا جرَّرتُ فيك ذيولها … أمسّك في أذيالها وأمندلُ

وينصرني فيها على الخصم أنني … على المجد فيكم والعلا أتوكَّلُ

بقيتُ لها وحدي وفي الناس أهلها … كثيرٌ ولكن يدّعون وأعملُ

ومنها ليوم المهرجان قلادة ٌ … تحلِّيه والأيامُ تحلى وتعطلُ

وإن كان يوما سابقا بجماله … فجلوتهُ فيها أتمُّ وأجملُ

تلين لكم أعطافها وهي شمسٌ … وتطلقَ من أرساغها وهي تشكلُ

ثناءٌ عليكم آخرَ الدهر عاكفٌ … وودٌّ بكم دون الأنام موكّلُ