تكتبين الشعر.. وأوقع أنا.. – نزار قباني

ليس لي القدرةُ على تغيرك

أو على تفسيركْ..

لا تُصدّقي أنَّ رجلاً يمكنه تغيرُ امرأهْ..

وباطلةٌ دعاوى كلِّ الرجال الذين يتوهّّمونْ،

أنهمْ صنعوا المرأةَ من أَحَد أضلاعِهِمْ..

المرأةُ لا تخرجُ من ضِلْع الرَجل أبداً..

هو الذي يخرجُ من حَوْضِها..

كما تخرجُ السَمَكَةُ من حَوْض الماءْ

وهو الذي يتفرَّعُ منها،

كما تتفرَّعُ السواقي من النَهْر..

وهو الذي يدورُ حولَ شَمْس عَيْنَيْها..

ويتصوَّرُ أنَّهُ ثابتٌ في مكانِهْ..

2

ليس لي القدرةُُ على تعليمكِ أيّ شيءْ..

فنهداكِ دائِرَتا مَعَارفْ..

وشفتاكِ هما خلاصةُ تاريخ النبيذْ

إنّكِ امرأةٌ مكتفيةٌ بذاتها

زَيْتُكِ منكِ..

وقمحُكِ منكِ..

ونارُكِ منكِ..

وصيفُكِ وشتاؤكِ..

وبَرْقُكِ ورعدُكِ..

ومَطَرُكِ وثلجُكِ..

ومَوْجُكِ وزَبَدُكِ .. كلُُّها منكِ..

ماذا أُعلّمكِ يا امرأهْ؟

مَنْ يستطيع أن يٌقْنِعَ سنجاباً بالذهاب إلى المدرسَهْ؟

مَنْ يستطيع أن يقنِعَ قِطَّاً سياميّاً بالعزف على البيانو؟…

مَنْ يستطيع أن يُقنِعَ سمكةَ القِرْشْ..

بأن تُصبحَ راهبَهْ..

3

ليس لي القدرةُ على ترويضكِ..

أو تَدْجينِكِ ..

أو تهذيبِ غرائزكِ الأُولى.

هذه مهمّةٌ مستحيلَه..

لقد جرّبتُ ذكائي معكِ..

وجرّبتُ أيضاً غَبَائي..

فلم تنفعْ معكِ هدايةٌ ولا غِوايَهْ..

خَلّيكِ بدائيةً كما أنتِ..

خَلّيكِ مِزَاجيَّةً كما أنتِ..

خَلِّيكِ هجوميَّةًً كما أنتِ..

ماذا يبقى من إفريقيا؟…

إذا أخذنا منها نُمُورَها.. وبَهَاراتِها..

ماذا يبقى من جزيرة العربْ؟

إذا أخذنا منها..

مَجْدَ النفْْطِ..

ومَجْدَ الخيل!!

4

ليس لي القدرةُ على كَسْرِ عاداتِكْ..

هكذا أنتِ منذ ثلاثين سَنَهْ

منذُ ثلاثمِئةِ سَنَهْ..

منذُ ثلاثةِ آلافِ سَنَه..

إعصارٌ محبوسٌ في زٌجاجَهْ..

جَسَدٌ يتحسَّسُ رائحةَ الرَجُل بالفِطْرَهْ..

ويهاجمه بالفِطْرَهْ..

وينتصرُ عليهِ بالفِطْرَه..

فلا تُصَدِّقي ما يقولُهُ الرجلُ عن نفسِهْ،

بأنه هو الذي يصنعُ القصائدْ..

ويصنعُ الأطفالْ..

إن المرأةَ هي التي تكتُبُ الشّعْرْ..

والرجلُ هو الذي يوقِّعُهْ..

والمرأةُ هي التي تنجبُ الأطفالْ..

والرجلُ هو الذي يُوقِّعُ في مستشفى الولادَهْ..

بأنّه أصبحَ أباً.!!

5

ليس لي القدرةُ على تغير طبيعتِكْ..

لا كُتبي تنفعُكِ..

ولا قَنَاعَاتي تُقْنِعُكِ..

ولا نصائحي الأبويَّةُ تفيدكْ..

أنتِ ملكةُ الفوضى، والجُنُون، وعَدَمِ الانتماءْ

فظلِّي كما أنتِ..

أنتِ شَجَرةُ الأنوثة التي تكبُرُ في العُتمَهْ..

ولا تحتاجُ إلى شمسٍ وماءْ..

أنتِ أميرةُ البحر التي أحبّتْ كلَّ الرجالْ

ولم تُحبَّ أَحَداً..

وضاجَعَتْ كلَّ الرجال.. ولم تُضَاجعْ أحداً..

أنتِ البدَويَّةُ التي ذَهَبَتْ مع كلِّ القبائلْ

وعادتْ عذراءْ..

فَظَلّي كما أنتِ..