تظنُّ ليالينا عودا – مهيار الديلمي
تظنُّ ليالينا عودا … على العهد من برقتي ثهمدا
و هل خبرُ الطيفِ من بعدهم … إذا طاب يصدقك الموعدا
و يا صاحبي أين وجهُ الصباح … و أين غدٌ صفْ لعيني غدا
أسدوا مسارحَ ليل العرا … ق أم صبغوا فجره أسودا
و خلفَ الضلوعِ وفيرٌ أبي … و قد بردَ الليلُ أن يبردا
خليليَّ لي حاجة ٌ ما أخفَّ … برامة َ لو حملتْ مسعدا
أريدُ لتكتمَ وابن الأرا … ك يفضحها كلما غردا
و بالرمل سارقة ُ المقلتي … ن تكحل أجفانها المرودا
إذا هصرتْ هصرتْ بانة ً … و إن سئلتْ سئلتْ جلمدا
أحبّ وإن أخصبَ الحاضرون … ببادية ِ الرمل أن أخلدا
و أهوى الظباءَ لأمّ البنينَ … بما تشبهُ الرشأَ الأغيدا
و عيناً يردنَ لصابَ الغوير … بأنقعَ من مائه للصدى
فليت وشيبي بحامِ العذارِ … زمانَ الغضا عاد لي أمردا
و يا قلبُ قبلك ضلَّ القلو … بُ لو كنت أملك أن تنشدا
أرى كبدي قسمتْ شقتينْ … مع الشوق غور أو أنجدا
فبالنعفِ ضائعة ٌ شعبة ٌ … و أخرى بميسانَ ما أبعدا
و ما خلتُ لي واسطا عقلة ً … تعلم نوميَ أن يشردا
و لا أنني أستشمّ الجنو … بَ أطيبَ ريحيَ أو بردا
و أطرحُ منحدرا ناظري … لها أبتغي رفدها المصعدا
و أحمدُ من نشرها أنه … إذا هبّ مثلَ لي أحمدا
و لا كنتُ قبلكِ في حاجة ٍ … لتحملَ عنقي لريح يدا
أسالكَ دجلة َ تجري به … محايدة ً موجها المزبدا
صهابية ُ اللون قارية ٌ … تخالف صبغتها المولدا
تحنّ وما سمعتْ في الظلا … م غيرَ غناء النواتي حدا
لها رسنٌ في يمين الشمال … إذا ضل قائفُ أرضٍ هدى
تحملْ سلمتَ على المهلكاتِ … و ساقَ لك اللهُ أن ترشدا
رسائلَ عنيّ تقيم الجموحَ … و تستعطف العنقَ الأصيدا
أجيراننا أمس جار الفرا … قُ بيني وبينكم واعتدى
جفا المضجعَ السبطَ جنبي لكم … محافظة ً ونفى المرقدا
و أوحشتمُ ربعَ أنسي فعاد … يهدم بانيهِ ما شيدا
و فاجأني بينكمْ بغتة ً … و لم أك للبين مستعددا
ففي جسدي ليس في جبتي … نوافذُ ما سلَّ أو سددا
تمتنك عيني وقلبي يراك … بشوقيَ حاشاك أن تفقدا
كأنيَ سرعة َ ما فتني … عدمتك من قبلِ أن توجدا
لئن نازعتني يدُ الملك فيك … فلم أستطع بدفاعٍ يدا
فحظٌّ عساه وإن ساءني … يكون بما سرني أعودا
دعوك لتعدلَ ميلَ الزمانِ … و يصلحَ رأيك ما أفسدا
يسومون كفك سبرْ الجراح … و قد أخذتْ في العظام المدى
سيبصر مستقربا من دعا … ك موضعَ تفريطه مبعدا
و يعلم كيف انجفالُ الخطوب … إذا سلَّ منك الذي أغمدا
و إن كان منكبهُ منجبا … درى أيَّ صمصامة ٍ قلدا
و قبلك لو أثلثَ الفرقدي … ن خابطُ عشوائهم ما اهتدى
و لما رأوك أمام الرعي … لِ ألقوا إلى عنقك المقودا
و أدنوا لحمل المهمات من … ك بزلاءَ عجلزة ً جلعدا
إذا ثقلَ الحملُ قامت به … و إن ظلعتْ نهضتْ أجلدا
تكون لراكبها ما استقا … م دون خطار الفيافي فدى
و تضحى على الخمسْ لا تستري … بُ عجرفة ً أن ترى الموردا
تطيعُ اللسانَ فإن عوسرتْ … أثاروا بها الأسدَ الملبدا
إذا ما الفتى لم تجدْ نفسه … بهمتها في العلا مصعدا
سوى غلطِ الحظَّ أو أن يع … ذَ في قومه نسبا قعددا
فلله أنت ابنُ نفسٍ سمتْ … لغايتها قبلَ أن تولدا
إذا خيرَّ اختار إحدى اثنتي … ن إما العلاء وإما الردى
كأني أراك وقد زاحموا … بك الشمسَ إذ عزلوا الفرقدا
و خاطوا النجومَ قميصا عليك … و لاثوا السحابَ مكانَ الردا
و صانوك عن خرقٍ في الحلي … فحلوا طليُ خيلك المسجدا
و إن أخلق الدهرُ ألقابهم … بما كثر منها وما رددا
رضوا باختياري أن أصطفي … لك اللقبَ الصادقَ المفردا
فكنيتُ نفسك أمَّ العلاء … و سميتُ كفك قطرَ الندى
و هل سمعوا في اختلاف اللغات … بلجة بحرٍ تسمى يدا
منى ً فيك بلتْ يدي منذُ شم … تُ عارضها المبرقَ المرعدا
فتمَّ فراغُ عهودي فقد … أمنتك من قبلِ أن تعهدا
فلا ترمينَّ بحقيَّ ورا … ء ظهرِ النسيئة ملقى ً سدى
و لا يشغلنكَ عزُّ الولا … ة عن حرماتي وبعدُ المدى
فليس الوفيُّ المراعى القريبَ … و لكنه من رعى الأبعدا
تحليتُ طعمة َ عيشي المري … ر يومَ لقيتك مسترغدا
و أيقنتُ أن زماني يص … ير عبديَ مذ صرتَ لي سيدا
و أصبح من كان يقوى عليَّ … و غايتهُ فيَّ أن يحسدا
و قد كنتُ أصعبَ من أن أصا … دَ رأسا وأعوزَ أن أوجدا
إذا استام وديَ أو مدحتي … فتى ً رام أخنسَ مستطردا
يفالتُ قطعا حبالَ القنيص … يرى كلَّ موطنه مشردا
فآنستني بمديح الرجال … و ذللتني لقبول الجدا
و لو راض خلقك لؤمَ الزمان … لعلمه المجدَ والسؤددا
فما أمكنَ القولُ فاسمع أزرك … قوافيَ بادئة ً عودا
قواضيَ حقَّ الندى والودا … دمثنيً تؤمك أو موحدا
إذا أكلَ الدهرُ أعواضها … من المال عمرها سرمدا
لو اسطاع سامعُ أبياتها … إذا قام راوٍ بها منشدا
لصيرَّ أبياتها سبحة ً … و مثلَ قرطاسها مسجدا
مهنئة ً أبدا من علاك … بما استأنفَ الحظُّ أو جددا
و بالصوم والعيدِ حتى تكو … نَ آخرَ من صام أو عيدا
و حتى ترى واحدا باقيا … كما كنتَ في دهرنا أوحدا