تحن بزوراء المحنين عجول تبتغي البو رائم – الفرزدق
تَحِنُّ بِزَوْرَاء المحَنِينَ عَجُولٍ تَبْتَغي البَوَّ رَائِمِ … وَيا لَيْتَ زوْرَاءَ المَدِينَةِ أصْبَحَتْ
بأحفارِ فَلْجٍ، أو بسِيفِ الكَوَاظِمِ … وَكَمْ نَامَ عَني بالمَدِينَةِ لمْ يُبَلْ
إليّ اطّلاعَ النّفْسِ دونَ الحَيازِمِ … إذا جَشأتْ نَفْسِي أقولُ لهَا ارْجعي
وَرَاءَكَ وَاستَحْيي بَياضَ اللَّهَازِمِ … فإنّ الّتي ضَرّتْكَ لَوْ ذُقْتَ طَعمَها
عَلَيْكَ من الأعْبَاءِ يَوْمَ التّخاصُمِ … ولَسْتَ بمأخوُذٍ بِلَغْوٍ تَقُولُهُ،
إذا لمْ تَعَمّدْ عَاقِدَاتِ العَزَائِمِ … وَلمّا أبَوْا إلاّ الرّحِيلَ، وَأعْلَقُوا
عَرًى في بُرًى مَخْشوشَةٍ بالخَزَائِمِ … وَرَاحُوا بجُثْماني، وَأمْسَكَ قَلْبَهُ
حُشَاشَتُهُ بَينَ المُصَلّى وَوَاقِمِ … أقُولُ لمَغْلُوبٍ أمَاتَ عِظَامَهُ
تَعاقُبُ أدْرَاجِ النّجُومِ العَوَائِمِ … إذا نَحْنُ نَادَيْنَا أبى أنْ يُجِيبَنا،
وَإنْ نَحْنُ فَدّيناهُ، غَيرَ الغَماغِمِ … سيُدْنيكَ منْ خَيرِ البَرِيّةِ، فاعتَدل،
تَنَاقُلُ نَصّ اليَعْمَلاتِ الرّوَاسِمِ … إلى المُؤمِنِ الفَكّاكِ كُلّ مُقَيَّدٍ
يَدَاهُ وَمُلْقي الثّقْلِ عَن كلّ غارِمِ … بِكَفّينِ بَيْضَاوَيْنِ في رَاحَتَيْهِمَا
حَيَا كُلّ شَيْءٍ بالغُيُوثِ السّوَاجِمِ … بخَيْرِ يَدَيْ مَنْ كانَ بَعْدَ مُحَمّدٍ
وَجَارَيْهِ، وَالمَظْلُومِ لله صَائِمِتَحِنُّ بِزَوْرَاء المَدِينَةِ نَاقَتي، … حَنِينَ عَجُولٍ تَبْتَغي البَوَّ رَائِمِ
وَيا لَيْتَ زوْرَاءَ المَدِينَةِ أصْبَحَتْ … بأحفارِ فَلْجٍ، أو بسِيفِ الكَوَاظِمِ
وَكَمْ نَامَ عَني بالمَدِينَةِ لمْ يُبَلْ … إليّ اطّلاعَ النّفْسِ دونَ الحَيازِمِ
إذا جَشأتْ نَفْسِي أقولُ لهَا ارْجعي … وَرَاءَكَ وَاستَحْيي بَياضَ اللَّهَازِمِ
فإنّ الّتي ضَرّتْكَ لَوْ ذُقْتَ طَعمَها … عَلَيْكَ من الأعْبَاءِ يَوْمَ التّخاصُمِ
ولَسْتَ بمأخوُذٍ بِلَغْوٍ تَقُولُهُ، … إذا لمْ تَعَمّدْ عَاقِدَاتِ العَزَائِمِ
وَلمّا أبَوْا إلاّ الرّحِيلَ، وَأعْلَقُوا … عَرًى في بُرًى مَخْشوشَةٍ بالخَزَائِمِ
وَرَاحُوا بجُثْماني، وَأمْسَكَ قَلْبَهُ … حُشَاشَتُهُ بَينَ المُصَلّى وَوَاقِمِ
أقُولُ لمَغْلُوبٍ أمَاتَ عِظَامَهُ … تَعاقُبُ أدْرَاجِ النّجُومِ العَوَائِمِ
إذا نَحْنُ نَادَيْنَا أبى أنْ يُجِيبَنا، … وَإنْ نَحْنُ فَدّيناهُ، غَيرَ الغَماغِمِ
سيُدْنيكَ منْ خَيرِ البَرِيّةِ، فاعتَدل، … تَنَاقُلُ نَصّ اليَعْمَلاتِ الرّوَاسِمِ
إلى المُؤمِنِ الفَكّاكِ كُلّ مُقَيَّدٍ … يَدَاهُ وَمُلْقي الثّقْلِ عَن كلّ غارِمِ
بِكَفّينِ بَيْضَاوَيْنِ في رَاحَتَيْهِمَا … حَيَا كُلّ شَيْءٍ بالغُيُوثِ السّوَاجِمِ
بخَيْرِ يَدَيْ مَنْ كانَ بَعْدَ مُحَمّدٍ … وَجَارَيْهِ، وَالمَظْلُومِ لله صَائِمِ
فَلَمّا حَبَا وَادِي القُرَى من وَرَائِنا، … وَأشْرَفْنَ أقْتَارَ الفِجَاجِ القَوَاتِمِ
لَوَى كُلُّ مُشْتَاقٍ مِنَ القَوْمِ رَأسَهُ … بمُغْرَوْرِقَاتٍ كَالشِّنَانِ الهَزَائِمِ
وَأيْقَن أنّا لا نَرُدُّ صُدُورَهَا، … وَلمّا تُوَاجِهْهَا جِبَالُ الجَراجِمِ
أكُنتُمْ ظَنَنتُمْ رِحلَتي تَنثَني بكمْ … وعلَمْ يَنْقُضِ الإدْلاجُ طَيَّ العمائِمِ
لَبِئْسَ إذاً حامي الحَقيقةِ وَالّذِي … يُلاذُ بِه في المُعْضِلاتِ العَظائِمِ
وَمَاءٍ كَأنّ الدِّمْنَ فَوْقَ جَمامِهِ … عبَاءٌ كَسَتْهُ من فُروُجِ المخَارِمِ
رِيَاحٌ على أعْطانِهِ حَيْثُ تَلْتَقي … عَفَا، وَخَلا من عَهْدِهِ المُتَقَادِمِ
وَردْتَ وَأعْجَازُ النّجُومِ كَأنّهَا، … وَقَدْ غَارَ تَالِيهَا، هَجائنُ هاجِمِ
بِغِيدٍ وَأطْلاحٍ كَأنّ عُيُونَهَا … نِطَاقٌ أظَلّتْهَا قِلاتُ الجَمَاجِمِ
كأنّ رِحالَ المَيْسِ ضَمّتْ حِبالُهَا … قَنَاطِرَ طَيِّ الجَنْدَلِ المُتَلاجِمِ
إلَيْكَ، وَليَّ الحَقّ، لاقَى غُرُوضَهَا … وَأحْقَابَهَا إدْراجُهَا بالمَنَاسِمِ
نَوَاهضَ يَحمِلنَ الهُمومَ التي جَفَتْ … بِنَا عن حَشايا المُحصَناتِ الكَرَائِمِ
ليَبلُغن مِلءَ الأرْضِ نُوراً وَرَحَمةً … وعَدْلاً، وَغَيَثَ المُغِبرَاتِ القَوَاتِمِ
جُعَلْتَ لأهْلِ الأرْضِ أمْناً وَرَحمة … وَبُرْءاً لآثَارِ القُرُوحِ الكَوَالِمِ
كمَا بَعَثَ الله النّبيَّ مُحَمّداً، … على فَتْرَةٍ، وَالنّاسُ مِثْلُ البَهائِمِ
وَرِثْتُمْ قَناةَ المُلْكِ، غَيرَ كَلالَةٍ، … عَنِ ابنِ مَنافٍ عَبدِ شَمسٍ وَهاشِمِ
تَرَى التّاجَ مَعْقوداً عَلَيْهِ كأنّهُمْ … نُجُومٌ حَوَاليْ بَدْرِ مُلْكٍ قُماقِمِ
عَجِبْتُ إلى الجَحّادِ أيَّ إمَارَةٍ … أرَادَ لأنْ يَزْدادَهَا، أوْ درَاهِمِ
وَكَانَ على ما بَينَ عَمّانَ وَاقِفاً … إلى الصّينِ قَدْ ألْقَوْا لَهُ بالخَزَائِمِ
فعلَمّا عَتَا الجحّادُ حِينَ طَغَى بِهِ … غِنىً قال: إني مُرْتَقٍ في السّلالِمِ
فكَانَ كمَا قال ابنُ نُوحٍ سَأرْتقي … إلى جَبَلٍ مِنْ خَشْيَةِ المَاءِ عاصِمِ
رَمَى الله في جُثْمَانِهِ مِثْلَ ما رَمَى … عَنِ القِبْلَةِ البَيْضَاءِ ذاتِ المَحارِمِ
جُنُوداً تَسُوقُ الفِيلَ حَتى أعادَها … هَباءً وَكانوا مُطْرَخِمّي الطَّرَاخِمِ
نُصِرْتَ كَنَصْرِ البيْتِ إذْ ساقَ فيلَه … إلَيهِ عَظِيمُ المُشرِكِينَ الأعاجِمِ
وَمَا نُصِرَ الحجّاجُ إلاّ بَغَيْرِهِ، … على كُلّ يَوْمٍ مُسْتَحِرِّ المَلاحِمِ
بِقَوْمٍ أبُو العاصِي أبُوهُمْ تَوَارَثُوا … خِلافَةَ مَهْدِيٍّ وَخَيْرِ الخَواتِمِ
وَلا رَدَّ مُذْ خَطّ الصّحيفَةَ نَاكِثاً … كَلاماً، ولا بَاتَتْ لَهُ عينُ نَائِمِ
وَلا رَجعُوا حتى رَأوْا في شِمَالِهِ … كِتاباً لمَغْرُورٍ لَدَى النّارِ نَادِمِ
أتَاني وَرَحْلي بِالمَدِينَةِ وَقْعَةٌ … لآلِ تَمِيمٍ أقْعَدَتْ كُلَّ قَائِمِ
كأنّ رُؤوسَ النّاسِ إذْ سَمعوا بهَا … مُدَمَّغَةٌ مِنْ هَازِمَاتٍ أمَائِمِ
فِدىً لِسُيُوفٍ مِنْ تَميمٍ وَفَى بهَا … رِدائي وَجَلّتْ عَن وُجُوهِ الأهاتِمِ
شَفَينَ حَزَازَتِ النّفُوسِ ولَم تَدَعْ … عَلَيْنَا مَقالاً، في وفَاءٍ لِلائِمِ
أبَأنَا بهِمْ قَتّلى، وَمَا في دِمَائِهمْ … وَفَاءٌ، وَهُنّ الشّافِيَاتُ الحَوائِمِ
جَزعى الله قَوْمي إذْ أرَادَ خِفَارَتي … قُتَيْبَةُ سَعْى الأفْضَلينَ الأكَارمِ
هُمُ سَمِعوا يَوْمَ المُحَصَّبِ من منىً … نِدائي، ذا التَفّتْ رِفَاقُ المَوَاسِمِ
هُمُ طَلَبُوهَا بالسّيُوفِ وَبِالقَنَا، … وَجُرْدٍ شَجٍ أفْوَاهُهَا بالشّكَائِمِ
تُقَادُ وَمَا رُدّتْ، إذا مَا تَوَهّسَتْ … إلى البَأسِ بالمُستَبْسِلينَ الضّراغِمِ
كأنّكَ لمْ تَسْمَعْ تَميماً إذا دَعَتْ … تَمِيمٌ وَلمْ تَسْمَعْ بيَوْمِ ابنِ خازِمِ
وَقَبلَكَ عَجلّنا ابنَ عَجلى حِمامَهُ … بأسْيافِنا يَصْدَعْنَ هامَ الجَماجِمِ
وَمَا لَقِيَتْ قَيْسُ بنُ عَيْلانَ وقَعةً … وَلا حَرَّ يَوْمٍ مِثْلِ يَوْمِ الأرَاقِمِ
عَشِيّةَ لاقَى ابنُ الحُبَابِ حِسَابَهُ، … بسِنْجارَ أنضاءَ السّيوفِ الصّوَارِمِ
نَبَحْتَ لِقَيِسٍ نَبْحَةً لمْ تَدَعْ لهَا … أُنُوفاً، وَمَرّتْ طَيْرُهَا بالأشائِمِ
نَدِمْتَ على العِصْيَانِ لمّا رَأيْتَنا … كَأنّا ذُرَى الأطْوَادِ ذاتِ المَخارِمِ
على طاعَةٍ لَوْ أنّ أجْبَالَ طَيّءٍ … عَمَدْنَ لها وَالهَضْبَ هَضْب التّهائمِ
ليَنْقُلْنَها لمْ يَستَطِعْنَ الّذيِ رَسَا … لهَا عِنْدَ عَالٍ فَوْقَ سَبْعِينَ دائمِ
وَألقَيْتَ مِنْ كَفّيْكَ حَبلَ جَمَاعةٍ … وَطَاعَةَ مَهْدِيٍّ شَدِيدِ النّقَائِمِ
فإنْ تَكُ قَيْسٌ في قُتَيْبَةَ أُغضِبَتْ … فَلا عَطَسَتْ إلاّ بِأجْدَعَ رَاغِمِ
وَمَا كانَ إلاّ بَاهِلِيّاً مُجَدَّعاً، … طَغَى فسَقَيناهُ بكأسِ ابنِ خازِمِ
لَقَدْ شَهِدَتْ قَيْسٌ فما كان نصرُهَا … قُتَيْبَةَ إلاّ عَضَّهَا بِالأباهِمِ
فإنْ تَقْعُدُوا تَقْعُدْ لِئَامٌ أذِلّةٌ، … وَإنْ عدْتُمُ عُدْنَا بَبَيْضٍ صَوَارِمِ
أتَغْضَبُ أنْ أُذْنَا قُتعيْبَةَ حُزّتَا … جِهِاراً وَلمْ تَغْضَبْ ليَوْمِ ابنِ خازِمِ
وَمَا مِنْهُمَا إلاّ بَعَثْنَا بِرَأسِهِ … إلى الشّأمِ فوْقَ الشّاحّاتِ الرّوَاسِمِ
تَذَبْذَبُ في المِخلاةِ تَحَتَ بُطُونِها … محَذَّفَةَ الأذْنَابِ جُلْحَ المَقَادِمِ
سَتَعْلَمُ أيُّ الوَادِيَينِ لَهُ الثَّرَى … قَدِيماً، وَأوْلى بِالبُحُورِ الخَضَارِمِ
أوَادٍ بِهِ صِنُّ الوِبَارِ يُسِيلُهُ، … إذا بَالَ فِيهِ الوَبْرُ فَوْقَ الخَرَاشِمِ
كَوَادٍ بِهِ البَيْتُ العَتِيقُ تَمُدُّهُ … بحُورٌ طَمَتْ من عَبدِ شَمسٍ وَهاشِمِ
فَما بَينَ مَنْ لمْ يُعطِ سَمعاً وطاعَةً، … وَبَينَ تَمِيمٍ غَيرُ حَزّ الحَلاقِمِ
وَكَانَ لَهُمْ يَوْمَانِ كَانا عَليَهِمُ … كَأيّامِ عادٍ بالنُّحُوسِ الأشَائِمِ
وَيَوْمٌ لهُمْ مِنّا بحَوْمانَةَ التَقتْ … عَلَيْهِمْ ذُرَى حَوْماتِ بحرٍ قُماقِمِ
تَخَلّى عَنِ الدّنْيَا قُتَيْبَةُ إذْ رَأى … تَمِيماً، عَلَيها البِيضُ تحتَ العَمائِمِ
غَداةَ اضْمحَلّتْ قيسُ عَيلانَ إذ دعا … كمَا يَضْمَحِلُّ الآلُ فَوْقَ المَخارِمِ
لتَمْنَعَهُ قَيْسٌ، وَلا قَيْسَ عِنْدَهُ، … إذا ما دَعَا أوْ يَرْتَقي في السّلالِمِ
تُحَرِّكُ قَيْسٌ في رُؤوسٍ لَئِيمَةٍ … أُنُوفاً، وآذاناً لِئَامَ المَصَالِمِ
ولَمّا رَأيْنَا المُشْرِكِينَ يَقُودُهُمْ … قُتَيْبَةُ زَحْفاً في جُمُوعِ الزَّمازِمِ
ضَرَبْنَا بِسَيْفٍ في يَمِينِكَ لم نَدَعْ … بهِ دُونَ بَابِ الصّين عَيْناً لِظَالِمِ
بِهِ ضَرَبَ الله الّذِينَ تَحَزّبُوا … بِبَدْرٍ على أعْنَاقِهِمْ وَالمعَاصِمِ
فإنّ تَمِيماً لمْ تَكُنْ أمُّهُ ابتَغَتْ … لَهُ صِحّةً في مَهْدِهِ بِالتّمَائِمِ
كَأنّ أكُفّ القَابِلاتِ لأُمّهِ … رَمَينَ بِعادِيّ الأسُودِ الضّرَاغِمِ
تَأزْرَ بَينَ القَابِلاتِ، وَلمْ يَكُنْ … لَهُ تَوْأمٌ إلاّ دَهَاءٌ لِحَازِمِ
وَضَبّةُ أخْوَالي هُمُ الهامَةُ الّتي … بِهَا مُضَرٌ دَمّاغَةٌ لِلْجَمَاجِمِ
إذا هيَ ماسَتْ في الحَديد، وَأعلَمتْ … تَميمٌ، وَجاشَتْ كالبُحورِ الخَضَارِمِ
فَما النّاسُ في جَمعَيْهِمُ غَيرُ حِشَوةٍ … إذا خَمَدَ الأصْوَاتُ غَيرَ الغَماغِمِ
كذبتَ ابن دِمن الأرْضِ وَابنَ مَراغها، … لآلُ تَميمٍ بِالسّيُوفِ الصّوَارِمِ
جَلَوْا حُممَاً فَوْقَ الوُجُوهِ، وَأنزَلوا … بعَيْلانَ أيّاماً عِظَامَ المَلاحِمِ
تُعَيّرُنَا أيّامَ قَيْسٍ. ولَمْ نَدَعْ … لِعَيْلانَ أنْفاً مُسْتَقِيمَ الخَياشِمِ
فَما أنتَ من قَيْسٍ فَتَنَبَحَ دُونَها، … ولا مِنْ تَميمٍ في الرّؤوسِ الأعاظِم
وَإنّكَ إذْ تَهْجُو تَمِيماً وَتَرْتَشِي … تَبابِينَ قَيسٍ أوْ سُحوقَ العَمائِمِ
كَمُهْرِيقِ مَاءٍ بِالفَلاةِ، وَغَرَّهُ … سَرَابٌ أثَارَتْهُ رِيَاحُ السَّمَائِمِ
بَلى وَأبِيكَ الكَلْبِ إني لَعَالِمٌ … بهِمْ فَهُمُ الأدنَوْنَ يَوْمَ التّزَاحُمِ
فَقَرّبْ إلى أشْيَاخِنَا إذْ دَعَوْتَهُمْ … أبَاكَ وَدعْدِعْ بِالجِدَاءِ التّوَائِمِ
فلَوْ كُنتَ منهُمْ لمْ تَعِبْ مِدْحتي لهمْ … وَلكِنْ حِمَارٌ وَشْيُهُ بالقَوَائِمِ
مَنَعْتُ تَمِيماً مِنكَ، إني أنَا ابْنُها … وَرَاجِلُها المَعْرُوفُ عِنْدَ المَوَاسِمِ
أنَا ابنُ تَميمٍ وَالمُحَامي وَراءَهَا، … إذا أسْلَمَ الجَاني ذِمَارَ المَحارِمِ
إذا ما وُجُوهُ النّاسِ سَالَتْ جِبَاهُها … مِنَ العَرَقِ المَعبُوطِ تحتَ العَمائِمِ
أبي مَنْ إذا ما قِيلَ: مَن أنتَ مُعتَزٍ، … إذا قِيلَ مِمّنْ قَوْمُ هَذا المُرَاجِمِ
أدِرْسَانَ قَيْسٍ لا أبَا لَكَ تَشْتَرِي … بأعَرَاضِ قَوْم هُمْ بُنَاةُ المَكارِمِ
وَمَا عَلِمَ الأقْوَامُ مِثْلَ أسِيرِنَا … أسِيراً وَلا إجْدافِنَا بالكَوَاظِمِ
إذا عَجَزَ الأحيَاءُ أنْ يَحْمِلُوا دَماً … أنَاخَ إلى أجْدَاثِنَا كُلُّ غَارِمِ
تَرَى كُلَّ مَظْلُومٍ إلَيْنَا فِرَارُهُ، … وَيَهْرُبُ مِنّا جَهْدَهُ كُلُّ ظَالِم
أبَتْ عَامِرٌ أنْ يَأخُذُوا بأسِيرِهِمْ … مِئِينَ مِنَ الأسرَى لَهُمْ عندَ دارِمِ
وَقالُوا لَنَا زِيدُوا عَليهِمْ، فإنّهُمْ … لَغاءٌ، وَإنْ كَانُوا ثُغَامَ اللّهازِمِ
رَأوْا حَاجِباً أغْلى فِداءً، وَقَوْمَهُ … أحَقَّ بِأيّامِ العُلى وَالمَكَارِمِ
فلا نَقْتُلُ الأسْرَى ولَكِنْ نَفكُّهُمْ … إذا أثْقَل الأعْنَاقَ حَمْلُ المَغارِمِ
فَهلْ ضَرْبَةُ الرّوميّ جاعِلَةٌ لَكُمْ … أباً عَنْ كُلَيْبٍ أوْ أباً مِثلَ دارِمِ
كَذاكَ سُيوفُ الهِنْدِ تَنْبو ظُباتُها، … وَيقْطَعْنَ أحْيَاناً مَنَاطَ التّمَائِمِ
وَيَوْمَ جَعَلْنَا الظّلَّ فِيهِ لعَامِرٍ … مُصَمَّمَةً تَفْأى شُؤون الجَمَاجمِ
فمِنهُنّ يَوْمٌ للبَرِيكَيْنَ، إذْ تَرَى … بَنُو عَامِرٍ أنْ غَانِمٌ كُلُّ سَالِمِ
وَمِنْهُنّ إذْ أرْخَى طُفَيْلُ بنُ مالك … على قُرْزُلٍ رِجْليْ رَكُوضِ الهَزَائمِ
وَنَحْنُ ضَرَبْنَا مِنْ شُتَيرِ بن خالدٍ … على حَيثُ تستَسقيهِ أُمُّ الجَماجِمِ
وَيَوْمَ ابنِ ذي سَيدانَ إذْ فَوّزَتْ بهِ … إلى المَوْتِ أعجازُ الرّماحِ الغَوَاشِمِ
وَنَحْنُ ضَرَبْنَا هَامَةَ ابنِ خُوَيْلِدٍ … يَزِيدَ على أُمّ الفِرَاخِ الجَوَاثِمِ
وَنَحنُ قَتَلنا ابنْي هُتَيْمٍ وَأدْرَكَتْ … بُجَيراً بِنا رُكضُ الذّكُورِ الصّلادمِ
وَنَحْنُ قَسَمنا مِنْ قُدامَةَ رَأسَهُ، … بِصَدْعٍ على يَافُوخِهِ مُتَفَاقِمِ
وَعَمْراً أخَا عَوْفٍ تَركْنَا بمُلْتَقىً … مِنَ الخَيْلِ في سَامٍ من النّقعِ قاتِمِ
وَنَحْنُ تَرَكْنَا مِنْ هِلالِ بنِ عامرٍ … ثَمانِينَ كَهْلاً للنّسورِ القَشاعِمِ
بِدَهْنا تَميمٍ حَيْثُ سُدّتْ عَلَيهمُ … بمُعْتَرَكٍ مِنْ رَمْلِهَا المُتَرَاكِمِ
وَنَحْنُ مَنَعْنا مِنْ مَصَادٍ رِماحَنا، … وَكُنّا إذا يَلْقَيْنَ غَيرَ حَوَائِمِ
رُدَيْنيِيّةً صُمَّ الكُعُوبِ، كَأنّهَا … مَصابِيح في تَرْكِيبِهَا المُتلاحِمِ
وَنحْنُ جَدَعْنَا أنْفَ عَيلان بالقَنا … وَبالرّاسِياتِ البِيضِ ذاتِ القَوائِمِ
ولَوْ أنّ قَيساً قيسَ عَيلانَ أصْبَحَتْ … بمُسْتَنّ أبْوَالِ الرُّبَابِ وَدارِمِ
لَكانُوا كَأقْذاءٍ طَفَتْ في غُطامِطٍ … مِنْ البَحْرِ، في آذِيّهَا المُتَلاطِمِ
فَإنّا أُنَاسٌ نَشْتَرِي بدِمَائِنَا … دِيَارَ المَنَايَا رَغْبَةً في المَكَارِمِ
ألَسْنَا أحَقَّ النّاسِ يَوْمَ تَقَايَسُوا … إلى المَجْدِ، بالمُستَاثِراتِ الجَسائِمِ
مُلُوكٌ إذا طَمّتْ عَلَيكَ بحُورُهَا … تَطَحْطَحتَ في آذِيّهَا المُتَصَادِمِ
إذا معا وُزِنّا بِالجِبَالِ رَأيْتَنَا … نَمِيلُ بِأنْضَادِ الجِبَالِ الأضَاخِمِ
تَرَانَا إذا صَعَدْتَ عَيْنَكَ مُشْرِفاً … عَلَيْكَ بِأطْوادٍ طَوالِ المَخارِمِ
وَلوْ سُئلتْ مَن كُفؤنا الشمسُ أوْمأتْ … إلى ابْنيْ مَناف عَبْدِ شَمسٍ وَهاشِمِ
وَكَيْفَ تُلاقي دارِماً حَيْثُ تَلْتَقي … ذُرَاهَا إلى حَيْثُ النّجُومِ التّوَائِمِ
لَقَدْ تَرَكَتْ قَيْساً ظُباتُ سيُوفِنَا … وَأيْدٍ بِأعْجَازِ الرّمَاحِ اللّهاذِمِ
وَقَائِعُ أيّامٍ أرَيْنَ نِسَاءَهُمْ، … نَهَاراً، صَغِيرَاتِ النّجومِ العَوَائِمِ
بذي نَجبٍ يَوْمٌ لقَيْسٍ، شَرِيدُهُ … كَثِيرُ اليَتَامَى في ظِلالِ المَآتِمِ
وَنَحْنُ تَرَكْنَا بالدّفِينَةِ حاضِراً … لآلِ سُلَيْمٍ، هامُهُمْ غَيرُ نَائِمِ
حَلَفْتُ برَبّ الرّاقِصَاتِ إلى منىً، … يَقِينَ نَهَاراً دامِياتِ المَنَاسِمِ
علَيهنّ شُعْثٌ ما اتّقَوْا من وَرِيقَةٍ … إذا ما التَظَتْ شَهباؤها بالعَمائِمِ
لَتَحْتَلِبَنْ قَيْسُ بنُ عَيلانَ لَقحةً … صَرىً ثَرّةً أخلافُها، غَيرَ رَائِمِ
لَعَمْرِي لَئِنْ لامَتْ هَوَازنُ أمرَها، … لَقَدْ أصْبَحَتْ حَلّتْ بدارِ المَلاوِمِ
وَلَوْلا ارْتِفاعي عَنْ سُلَيمٍ سَقَيْتُها … كِئَاسَ سِمامٍ، مُرّةً، وَعَلاقِمِ
فَما أنتُم من قَيسِ عَيلانَ في الذُّرَى، … وَلا منْ أثافيها العِظامِ الجَماجِمِ
إذا حُصّلَتْ قَيسٌ، فأنْتُمْ قَليلُها … وَأبْعَدُها مِنْ صُلْبِ قَيْسٍ لعَالِمِ
وَأنْتُمْ أذَلُّ قَيْسِ عَيْلانَ حُبوَةً، … وأعجَزُها عِندَ الأمُورِ العَوَارِمِ
وَمَا كانَ هذا الناسُ حتى هَداهُمُ … بِنَا الله، إلاّ مِثْلَ شَاءِ البَهَائِمِ
فَمَا مِنْهُمُ إلاّ يُقَادُ بِأنْفِهِ، … إلى مَلِكٍ من خِندِفٍ، بُالخَزَائِمِ
عَجبتُ إلى قَيسٍ وَما قد تكَلّفَتْ … مِنَ الشِّقْوَةِ الحَمقَاءِ ذاتِ النّقائِمِ
يَلُوذُونَ مِني بِالمَرَاغَةِ وَابْنِهَا، … وَمَا مِنْهُمَا مِني لِقَيْسٍ بِعَاصِمِ
فَيَا عَجَبا حَتى كُلَيْب تَسُبّني، … وَكانَتْ كُلَيْبٌ مَدْرَجاً للمَشاتِمِ