تجرَّدَ من غمدين سيفٌ مُهَنَّدُ – ابن الرومي
تجرَّدَ من غمدين سيفٌ مُهَنَّدُ … هُمامٌ مضت أسلافُهُ فهو أوْحَدُ
شهابٌ أجاد البدرُ والشمسُ نَجْلَهُ … وغابا فأمسى وهو في الأرض مُفرَدُ
قد اعتَضَدَتْ بالله والحقِّ نفسُه … فأصبح مَعضوداً وما زال يُعْضَدُ
فلا يفرحنَّ الشامتون فإنما … يُصمِّمُ حدّ السيف حين يجرَّدُ
ولا يعْثُرَنَّ العاثرون فإنما … لهم جندَلٌ يُدمي الوجوهَ وجلمَدُ
مضى شافعاً من كان يخطىء مرة … فلا تُخْطئنْ رِجْلٌ ولا تُخطئنْ يَدُ
أتاكمْ صريحُ العدل لا ظُلمَ عنده … ولا خُلُقٌ للظالمين مُمهَّدُ
أراكمْ وليَّ العهد حامي حماكُمُ … ومُردي عداكم والمآثمُ شُهَّدُ
أتاكمْ أبو العباس لا تنكرونَهُ … يُسَلَّلُ فيكم تارة ً ويجرَّدُ
كريمٌ يظل الأمسُ يُعْملُ نحوه … تلفُّتَ ملْهوف ويشتاقُه الغَدُ
يودُّ زمانٌ ينقضي عنْه أنه … عليه إلى أن ينْفَدَ الدهرُ سرمَدُ
تواضَعَ إذ نال التي ليس فوقها … مَنالٌ وهل فوق التي نال مَصْعَدُ
سوى غُرُفات أصبحتْ نُصْبَ همَّة ٍ … له في جوار الله منهن مَقعَدُ
وذاك إذا مرّتْ له ألف حجَّة … وسلطانُه في كل يوم يؤكَّدُ
ستفتحُ أبوابُ السماء برحمة … وتنزل عن برٍّ له يتصعَّدُ
وبالعدل أو بالحقِّ من أُمرائنا … تُفَتَّحُ أبوابُ السماء وتوصَدُ
إليك وليَّ العهد أُهْدِي مقالة ً … مسددة ً لا يجتويها مُسَدَّدُ
وليتَ بني الدنيا فُنُكِّرَ مُنْكرٌ … وعُرِّفَ معروفٌ وأُصْلح مُفْسَدُ
وأنت أبو العباس إنْ حاصَ حائصٌ … وإن لَزِمَ المُثْلى فإنك أحمدُ
نذيرٌ لما تُكْنَى به لذوي النُّهى … بشيرٌ لما تُسْمى به لا تفنّدُ
لك اسمٌ وجدناه بخيرك واعدٌ … وإن قارَنَتْهُ كُنْية ٌ تتوعَّدُ
عِدات لمن يأتي السَّداد وراءها … وعيدٌ لمن يطغى ومن يتمرّدُ
ألا فليخفْ غاوٍ ولا يخشى راشدٌ … فَعَدلُكَ مسلولٌ وجوْرُكَ مُغَمَّدُ
وعِشْ والذي كَنَّيْتَهُ بمحمَّدٍ … ذوي غبطة ٍ حتى يشيخ محمّدُ
ولا برحت من ذي الأيادي عليكُمُ … أيادٍ توالت في شبابٍ تُجدَّدُ
ومن لا تخلِّدْه الليالي فكلُّكُمْ … بِخُلْدِ الذي يبني ويَثْني مُخَلَّدُ
وسمعاً أبا العباس قولاً مُسدَّداً … أتى من وليٍّ مجتبيه مُسَدَّدُ
لعمري لقد حَجَّ الولاة َ خَصِيمُهُمْ … وأنَّى لسيفٍ أمكن الجورَ مُغْمَدُ
فما يَنْقمون الآن لا درَّ دَرُّهم … وقد قام بالعدل الرضيُّ المحمَّدُ
وفي العدل ما أرضاهُمُ غير أنهم … حصائد سيف الله لا بدَّ تحصَدُ
وقد كان منهنّ الكَفُور بن بلبل … فهل راشدٌ يهديه غاوٍ فيسعدُ
كفورٌ أبى إلاَّ جُحُوداً لنعمة ٍ … تُكذِّبه شهّادُها حين يجحدُ
ألا فعليه لعنة ُ الله دِيمة ً … ووبْلاً كثيراً شِرْبه لا يُصرّدُ
ألا وعلى أشياعه مثل لَعْنَة ٍ … رماهُ بها داعٍ عليه وأوْكَدُ
حَبَاك بها عن شكر أصدق نِيَّة ٍ … وَليُّ وموْلى في الولاءِ مردّدُ
يرى أن إهلاك الكفور بنِ بلبلٍ … حياة له أسبابُها لا تُنكَّدُ
ويُسألُ للعَظْم الذي كان هاضَه … جُبوراً بِرِفْد والمرجِّيكَ يُرْفدُ