بِهندٍ كِدْتَ عِشْقاً أنْ تذوبا – ابن شهاب

بِهندٍ كِدْتَ عِشْقاً أنْ تذوبا … أتحسب كل كاسية عروبا

مقنعة بدت فطمعت فيها … ولم تعلم أصاباً أم حليبا

أما لو غازلتك عيون سلمى … لما إلاَّ لها كنت المجيبا

مهاة دونها الآمال حسرى … وبالألباب لم تبرح لعوبا

فداً لغزالة ٍ تَرْعَى ثمار القلوب … غزالة ترعى العشوبا

عن الرامين في حرم ولكن … حلال أن تصيد هي القلوبا

إذا جرحت بمقلتها محباً … عدمنا غير جارحه الطبيبا

وها هي لو تشاء شفت وأحيت … قتيل الحب والدنف العضوبا

بروحي من بحاجبها أشارت … مسلمة ولم تخش الرقيبا

ولما ودعت رفعت إلى ما … يلي سيناتها كفَّاً خضيبا

لحا الله الفراق ولا نعمّا … فكم بجوانحي شب اللهيبا

وكيف يطاق هذا البين عمن … بلين القدّ أخجلت القضيبا

مهذبة النجار فما هرقل … لها بأب ولا كسرى نسيبا

نعم عربية كالشمس كلتاهما … بالطبع تهوى أن تجوبا

فما رضيت آكام الشام داراً … ولا ناق العراق لها ركوبا

وقد سحبت ذيول العز حيث … الندى والمجدان طلبا أصيبا

بخير جزائر الصين التي لم … تجد في الأرض قط لها ضريبا

مدينة سنقفورا حين تبدو … معالمها ترى السوح الرحيبا

إذا مر النسيم على رباها … يسلى فوجهُ القلب الكئيبا

فحياها الحيا الوسميّ حتى … يغادر سفحها أبداً خصيباً

ولا برحت لساكنها نعيماً … يزور بها متى شاء الحبيبا

قصورٌ لا يلم بها قصورٌ … ودور بالبدور نفحن طيبا

غوان في مغان من جنان … يقوم بدوحها القُمْرِي خطيبا

تشاهد في الرياض بها قطوفا … تنوء بحملها غصناً رطيبا

ولم تسمع إذا ما طفت إلاّ … حماماً ساجعاً أو عندليبا

وبالعرب الكرام الساكنيها … من المجد اكتسب برداً قشيبا

إذا عاينتهم لم تلق إلاَّ … شقيقاً للمعالي أو ربيبا

وإن يممت يمّ نوالهم أو … نزلت بهم تجد فتحاً قريبا

ومهما ضقت ذرعاً فاقصد السيد … السقاف والسند المهيبا

جمال الدين مهما ناب خطبٌ … ولذت به تر العجب العجيبا

عظيماً إن دعى بعظيم أمر … يكسر كعبه أو يستجيبا

تدرع بالعلى والعزّ إرثاّ … وكان بنفسه لهما كسوبا

ومن كابني شجاع الدين جوداً … وحلماً أو كمثلهما أديبا

إذا زرت الجنيد وجدت حِبرا … أبي النفس أوّاهاً منيبا

قرين النصر في الجلا وكم قد … ثنى بذكائه العود الصليبا

وان تقصد أبا بكر فبحراً … يعمّ نداه خصباً أو جديبا

كريم النفس والأخلاق طبعاً … وليس نواله بأذى ّ مشوبا

هما فرسا الرهان هما رضيعا … لبان المجد فادعهما يجيبا

وذانك نيرا فلك المعالي … نعم جلا مقاماً أن يغيبا

ويمّم عابد الرحمن واشهد … على التلعات ما طره الصبيبا

بنى كأبيه أحمد برج عزّ … نجيب لم يلد إلا نجيبا

مكين في العلوم وفي المعاني … فلم ير ناطقاً إلاَّ مصيبا

وأضحى في الجزيرة مرتضاها … وللعرب الكرام بها نقيبا

يقول الحق إبراماً ونقضاً … كفى بإلهنا وبه حسيبا

وسر نحو السري تجده ثغرا … لوجه محاسن الدنيا شنيبا

فكم لمحمد حمدت سجايا … ولست ترى له خلقاً معيبا

فتى لم يسع وايم الله إلاَّ … إلى شرف يسر به القريبا

قصارى همّه أخذ بأيدي … كرام النفس أو يؤوي غريبا

ينزّه نفسه الغرّاء عن أن … يجر لها وحاشاه العيوبا

كرام المنتمى الغزّ الأولى لم … تجد بأصولهم أصلاً أشيبا

بني الزهراء والكرّار أعني … أبا الحسنين والأسد الغضوبا

ملوك في النهار وفي الدجا عن … مضاجعهم يجافون الجنوبا

وجوه بالمكارم مسفرات … سمت عن أن ترى فيها شحوبا

أولئك الغر بهجة سنقفورا … وحليتها فطوبى ثمّ طوبى

وكم ندب بها أن رام أمراً … بغير الفتح يأبى أن يؤوبا

من العرب الأولى طابوا فكل … من الفخر استحق بها نصيبا

طباعهم دعتهم للمعالي … فسل من علم الليث الوثوبا

إذا عض الزمان لهم نزيلاً … من الدهر استقادوا أو يتوبا

وعاذلة عن الإطراء فيهم … سخرت بها وقلت كسبت حوبا

فلم أكُ إن نظمت الدر بدعا … ولست إذا مدحتهم كذوبا

ذريني من سلاف الحمد أهدي … لأسماع الورى كوباً فكوبا

وانظم من مناقبهم ثناء … يعطر نشره الأرجاء طيبا

فلي ولهم ولي معهم إخاءٌ … وكاس هوى شربناها ضريبا

ولي بشهادة الرحمن فيهم … ذمام يغلب الدهر الغلوبا

وهم والله لي وَزَرٌ وركنٌ … أمزق إن دعوتهم الخطوبا

كما أن النبي الطهر ذخري … ليوم يجعل الولدان شيبا

عليه وآله والصحب أزكى … صلاة ما الرياح جرت جنوبا