بَانَ الخَليطُ، وَلَوْ طُوِّعْتُ ما بَنَا، – جرير

بَانَ الخَليطُ، وَلَوْ طُوِّعْتُ ما بَانَا، … و قطعوا منْ حبالِ الوصلِ أقرانا

حَيِّ المَنَازِلَ إذْ لا نَبْتَغي بَدَلاً … بِالدارِ داراً، وَلا الجِيرَانِ جِيرَانَا

قَدْ كنْتُ في أثَرِ الأظْعانِ ذا طَرَبٍ … مروعاً منْ حذارِ البينِ محزانا

يا ربَّ مكتئبٍ لوْ قدْ نعيتُ لهُ … بَاكٍ، وآخَرَ مَسْرُورٍ بِمَنْعَانَا

لوْ تعلمينَ الذي نلقى أويتِ لنا … أوْ تَسْمَعِينَ إلى ذي العرْشِ شكوَانَا

كصاحبِ الموجِ إذْ مالتْ سفينتهُ … يدعو إلى اللهِ إسراراً وإعلانا

يا أيّهَا الرّاكِبُ المُزْجي مَطيّتَهُ، … بَلِّغْ تَحِيّتَنَا، لُقّيتَ حُمْلانَا

بلغْ رسائلَ عنا خفَّ محملها … عَلى قَلائِصَ لمْ يَحْمِلْنَ حِيرَانَا

كيما نقولَ إذا بلغتَ حاجتا … أنْتَ الأمِينُ، إذا مُستَأمَنٌ خَانَا

تُهدي السّلامَ لأهلِ الغَوْرِ من مَلَحٍ، … هَيْهَاتَ مِنْ مَلَحٍ بالغَوْرِ مُهْدانَا

أحببْ إلى َّ بذاكَ الجزعِ منزلة ً … بالطلحِ طلحاً وبالأعطانِ أعطانا

يا ليتَ ذا القلبَ لاقى منْ يعللهُ … أو ساقياً فسقاهُ اليومَ سلوانا

أوْ لَيْتَهَا لمْ تُعَلِّقْنَا عُلاقَتَهَا؛ … وَلَمْ يَكُنْ داخَلَ الحُبّ الذي كانا

هَلا تَحَرّجْتِ مِمّا تَفْعَلينَ بِنَا؛ … يا أطيَبَ النّاسِ يَوْمَ الدَّجنِ أرَدَانَا

قالَتْ: ألِمّ بِنا إنْ كنتَ مُنْطَلِقاً، … وَلا إخالُكَ، بَعدَ اليَوْمِ، تَلقانَا

يا طَيْبَ هَل من مَتاعٍ تمتِعينَ به … ضيفاً لكمْ باكراً يا طيبَ عجلانا

ما كنتُ أولَ مشتاقٍ أخي طربٍ … هَاجَتْ لَهُ غَدَوَاتُ البَينِ أحْزَانَا

يا أمَّ عمرو جزاكَ اللهُ مغفرة ً … رُدّي عَلَيّ فُؤادي كالّذي كانَا

ألستِ أحسنَ منْ يمشي على قدمٍ … يا أملحَ الناسِ كلَّ الناسِ إنساناً

يلقى غريمكمُ منْ غيرِ عسرتكمْ … بالبَذْلِ بُخْلاً وَبالإحْسَانِ حِرْمانَا

لا تأمننَّ فانيَّ غيرُ آمنهِ … غدْرَ الخَلِيلِ إذا ماكانَ ألْوَانَا

قد خنتِ منْ لمْ يكنْ يخشى خيانتكْ … ما كنتِ أولَ موثوقٍ به خانا

لقدْ كتمتُ الهوى حتى تهيمنى … لا أستطيعُ لهذا الحبَّ كتمانا

كادَ الهوى يومَ سلمانينَ يقتلني … وَكَادَ يَقْتُلُني يَوْماً بِبَيْدَانَا

وَكَادَ يَوْمَ لِوَى حَوّاء يَقْتُلُني … لوْ كُنتُ من زَفَرَاتِ البَينِ قُرْحانَا

لا بَارَكَ الله فيمَنْ كانَ يَحْسِبُكُمْ … إلاّ عَلى العَهْدِ حتى كانَ مَا كانَا

من حُبّكُمْ؛ فاعلَمي للحبّ منزِلة ً، … نَهْوَى أمِيرَكُمُ، لَوْ كَانَ يَهوَانَا

لا بَارَكَ الله في الدّنْيَا إذا انقَطَعَتْ … أسبابُ دنياكِ منْ أسبابِ دنيانا

يا أمَّ عثمانَ إنَّ الحبَّ عنْ عرضٍ … يُصبي الحَليمَ ويُبكي العَينَ أحيانا

ضَنّتْ بِمَوْرِدَة ٍ كانَتْ لَنَا شَرَعاً، … تَشفي صَدَى مُستَهامِ القلبِ صَديانَا

كيفَ التّلاقي وَلا بالقَيظِ مَحضَرُكُم … مِنّا قَرِيبٌ، وَلا مَبْداكِ مَبْدَانَا؟

نَهوَى ثرَى العِرْقِ إذ لم نَلقَ بَعدَكُمُ … كالعِرْقِ عِرْقاً وَلا السُّلاّنِ سُلاّنَا

ما أحْدَثَ الدّهْرُ ممّا تَعلَمينَ لكُمْ … للحَبْلِ صُرْماً وَلا للعَهْدِ نِسْيَانَا

أبُدّلَ اللّيلُ، لا تسرِي كَوَاكبُهُ، … أمْ طالَ حتى َّ حسبتُ النجمَ حيرانا

يا رُبّ عائِذَة ٍ بالغَوْرِ لَوْ شَهدَتْ … عزّتْ عليها بِدَيْرِ اللُّجّ شَكْوَانَا

إنّ العُيُونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ، … قتلننا ثمَّ لمْ يحينَ قتلانا

يَصرَعنَ ذا اللُّبّ حتى لا حَرَاكَ بهِ، … و هنَّ أضعفُ خلقْ اللهِ أركانا

يا رُبّ غابِطِنَا، لَوْ كانَ يطلُبُكُم، … لا قَى مُباعَدَة ً مِنْكمْ وَحِرْمَانَا

أرَيْنَهُ المَوْتَ، حتى لا حَيَاة َ بِهِ؛ … قَدْ كُنّ دِنّكَ قَبلَ اليَوْمِ أدْيَانَا

طارَ الفؤادُ معَ الخودِ التي طرقتْ … في النومِ طيبة َ الأعطافِ مبدانا

مثلوجة َ الريقِ بعدَ النومِ واضعة ً … عنْ ذي مثانٍ تمجُ المسكَ والبانا

قالتْ تعزفانَّ القومَ قدْ جعلوا … دونَ الزيارة ِ أبواباً وخزانا

لَمّا تَبَيّنْتُ أنْ قَد حِيلَ دُونَهُمُ … ظلتْ عساكرُ مثلُ الموتِ تغشانا

ماذا لقيتُ منَ الأظعانِ يومَ قنى ً … يتبعنَ مغترباً بالبينِ ظعانا

أتبعتهمْ مقلة ٌ انسانها غرقٌ … هلْ ما ترى تاركٌ للعينْ انسانا

كأنَّ أحداجهمْ تحدى مقفية ً … نخْلٌ بمَلْهَمَ، أوْ نَخلٌ بقُرّانَا

يا أمَّ عثمانَ ما تلقى رواحلنا … لو قستِ مصبحنا منْ حيثُ ممسانا

تخدي بنا نجبٌ مناسمها … نَقْلُ الخرَابيُّ حِزّاناً، فَحِزّانَا

ترمي بأعينها نجداً وقدْ قطعتَ … بينْ السلوطحِ والروحانِ صوانا

يا حبذا جبلُ الريانِ منْ جبلٍ … وَحَبّذا ساكِنُ الرّيّانِ مَنْ كَانَا

وَحَبّذا نَفَحَاتٌ مِنْ يَمَانِية ٍ … تأتيكَ من قبلَ الريانِ أحيانا

هبتْ شمالاً فذكرى ما ذكرتكمْ … عندَ الصفاة ِ التي شرقيَّ حورانا

هلَ يرجعنَّ وليسَ الدهرُ مرتجعاً … عيشٌ بها طالما احلولي وما لانا

أزْمانَ يَدعُونَني الشّيطانَ من غزَلي، … و كنَّ يهوينني إذْ كنتُ شيطانا

منْ ذا الذي ظلَّ يغلي أنْ أزوركمْ … أمْسَى عَلَيْهِ مَلِيكُ النّاسِ غَضْبانَا

ما يدري شعراءُ الناسِ ويلهمْ … مِنْ صَوْلَة ِ المُخدِرِ العادي بخَفّانَا

جهلاً تمنى َّ حدائي منْ ضلالتهمْ … فَقَدْ حَدَوْتُهُمُ مَثْنَى وَوُحْدَانَا

غادرتهمْ منْ حسيرٍ ماتَ في قرنٍ … وَآخَرِينَ نَسُوا التَّهْدارَ خِصْيَانَا

ما زالَ حبلى في أعناقهمْ مرساً … حتى اشتَفَيْتُ وَحتى دانَ مَنْ دانَا

منْ يدعني منهمْ يبغي محاربتي … فَاسْتَيِقنَنّ أُجِبْهُ غَيرَ وَسْنَانَا

ما عضَّ نابي قوماً أوْ أقولَ لهمْ … إياكمْ ثمَّ إياكمُ وإيانا

إنيَّ امرؤٌ لمْ أردْ فيمنْ أناوئهُ … للناسِ ظلماً ولا للحربِ إدهانا

قالَ الخليفة ُ والخنزيرُ منهزمٌ … ما كنتَ أولَ عبدٍ محلبٍ خانا

لاقَى الأخَيْطِلُ بالجَوْلانِ فاقِرَة ً، … مثلَ اجتِداعِ القَوَافي وَبْرَ هِزّانَا

يا خزرَ تغلبَ ماذا بالُ نسوتكمْ … لا يستفقنَ إلى َ الديرينِ تحناتا

لنْ تدركوا المجدَ أو تشروا باءكمُ … بالخزَّ أوْ تجعلوا التنومَ ضمرانا