بين أمر حلاوة العيش الشهي – عماد الدين الأصبهاني
بين أمر حلاوة العيش الشهي ... وهوى أحال غضارة الزمن البهي
وصبابة لا استقل بشرحها ... عن حصرها حصر البليغ المدره
أأحبتي إن غبت عنكم فالهوى ... دان لقلب بالغرام موله
أنهي إليكم أن صبري منتئ ... بل منته والشوق ليس بمنته
أما عقود مدامعي فلقد وهت ... وأبت عقود الود مني أن تهي
ولقد دهيت ببينكم فاشتقتكم ... يا من لمشتاق ببينكم دهي
ما زلت عندكم بأرخى عيشة ... وبقيت بعدكم بعيش أكره
أبدت دموعي منه ما لم أبده ... وبدهت منه أسى بما لم أبده
أما الهوى فأنا مدل عندكم ... عوفيتم منه بقلب مدله
أرعى نجوم الليل فيكم ساهرا ... بنجوم دمع أوجها في الأوجه
خطب الفراق شدهت منه وإنني ... للنائبات أشدها لم أشده
نظري إليكم كان إثمد ناظري ... وبقيت أمري خلف جفن أمره
وإذا ألم خيالكم متأوبا ... لاقيته بتألم المتأوه
في شوقكم أبد الزمان تفكري ... وبذكركم عند الكرام تفكهي
لو قيل لي ما تشتهي من هذه الدنيا ... لقلت سواكم لا أشتهي
ما كان أرفه عيشتي وألذها ... من ذا الذي يبقى بعيش أرفه
ومن السفاهة أنني فارقتكم ... من أين ذو الحلم الذي لم يسفه
وعقاب أيلة ما يفارق جلقا ... أحد إليها غير غر أبله
خلبت غروب الشأن مني غربة ... في بلدة شأني بها لم ينبه
مالي ومصر وللمطامع إنما ... ملكت قيادي حيث لم أتنزه
لا تنهني يا عاذلي فأنا الذي ... تبع الهوى وأتى بما عنه نهي
قد قلت للحادي وقد ناديته ... في مهمة أقصر وصلت مه مه
حتام جذبك للزمام فأرخه ... فلقد أنخت إلى ذرى فرخشه
قد لذت بالمتطول المتفضل المتكرم ... المتحلم المتنبه
نجح الرجاء جواب قصدي بابه ... مهما هممت له بجوب المهمه
ملك يجيب خطاب كل مؤمل ... ويجير من عض الخطوب العضه
من لم يجب بسوى نعم سؤاله ... ولمعتفيه بلا ولن لم يجبه
متكرم بالطبع لا متكره ... شتان بين تكرم وتكره
بيديه نجح المرتجي وإليه قصد ... الملتجي ولديه رشد الأتيه
إحسان ذي مجد وهمة محسن ... محد وتقوى عابد متأله
ما بارق ذو عارض من ودقه ... ورعوده في نادب ومقهقه
هام يظل الروض من أمواهه ... في الزهر بين مذهب ومموه
فالروض من حلل الربيع أنيقة ... والروض من حلي الشقائق مزده
أجدى وأسمح من يديه فجودها ... عند الغيوث إذا انتهت لا ينتهي
لا عز إلا عند عز الدين مولاي ... الأجل أخي الفخار الأنبه
يهب الألوف لمجتديه وظنه ... أن قد حباهم بالأقل الأتفه
أنتم بني أيوب أكرم عصبة ... هذا الزمان بفخر سؤددهم زهي
وأولو وجوه بل صدور من ندى ... ماء البشاشة والسماحة موه
عذبت مواردكم وطابت للورى ... وصفت فلم تأسن ولم تتسنه
ما يدعي ملك بلوغ محلكم ... إلا تقول له مساعيكم صه
والناصر الملك الصلاح هو الذي ... إلا به اللزبات لم تتنهنه
لاه عن اللاهي بديناه وعن ... إعزاز دين الله يوما مالهي
فاق الملوك على وإن لم يظفروا ... منها بغير تشبث وتشبه
إن الملوك تخلفوا وسبقتم ... أين السوام من العتاق الفره
راجيكم من داء كل ملمة ... يشفى وعد سماحكم لم يشفه
وعدوكم في مهرب لم ينجه ... ووليكم في مطلب لم ينجه
إن يجحد الشاني علاك فما ترى ... إشراق عين الشمس عين الأكمه
ولرب مجر رائع حملاته ... وتخاله في الزحف سيل مدهده
يقري العواسل من فرائس أسده ... لحما بنار البيض مشعلة طهي
متحت به قلب القلوب ذوابل ... أشبهن أشطانا بأيدي مته
فالأسمر العسال يحكي ناحلا ... متلوبا من سقمه لم ينقه
والأبيض الرعاف يشبه مدنفا ... ألف الضنى وأصابه جرح صهي
وهو الذي ترك العدى من رعبه ... يوم اللقاء بصدمه في وهره
بك أصبحت راياته منصورة ... يا سيدا عنت الوجوه لوجهه
لك في الشهامة والصرامة موقف ... لصفاته إعجاز كل مفوه
ما الصارم الهندي غير مكهم ... والباسل الصنديد غير منفه
وإذا عزمت تركت أعداء الهدى ... ما بين هلاك وحيرى عمه
يا حلف جود للغيوث مخجل ... أبدا وبأس بالليوث مجهجه
مولاي من مدحي سواك توجعي ... وإليك من دون الملوك توجهي
أهب الثناء لمجد بيتك طائعا ... وأبيعه لسواك بيع المكره
مدح الجميع موجه ومديحكم ... في الصدق والإخلاص غير موجه
يفديك مغرور الزمان بلهوه ... ولهاه غرار السراب بلهله
مولاي مصر أخملت قدري فكن ... باسمي جزيت الخير خير منوه
شرهي على العلياء جر معاطبي ... أمن المعاطب كل من لم يشره
ولقد تملى بالسعادة ذو غنى ... عن شقوة المتطلب المتطله
أين الكرامة للأفاضل عندكم ... إن لم تكن عند الكرام فأين هي
لبى نداء نداك لب رجائه ... فازجر ملم اليأس عنه وانداه
أعليت في مصر مكاني بعدما ... خفقت به ولقدره لم يؤبه
طلعت نجومكم الثواقب للورى ... زهرا وإني كالسهى عنه سهي
جبرت يد الإفضال منه كاسرا ... من فضلي المتكسر المتكده
عرف بعرفك منه ما لم يعرفوا ... نبا وعن سنة التغافل نبه
فضلي خلوت لأجله من حظوة ... هي للأديب كنبت مرت أجله
الفضل مشتعل بنار بلائه ... والحظ مشتغل بأخرق أوره
أعر التأمل فقه شعري منعما ... لا يشعر الإنسان ما لم يفقه
وتملها غراء جامعة لكم ... في النعت بين تمدح وتمده
يهتز ذو الحسنى لجلوة حسنها ... وتجل عن تحسين كل مزهزه
أفواه أهل الفضل ناطقة لها ... بالفضل إن قيست بشعر الأفوه
وإن العقول لهت لها فلأنها ... محمية عن كل معنى لهله
صهباء تودع سامعيها نشوة ... وتعير عرف المسك للمستنكه
فوليها بتشوق وتشوف ... وحسودها بتشور وتشوه
دم يا ابن شاهنشاه ملكا سيدا ... متوشحا بالسؤدد الشاهنشهي
متمليا بهرام شاه ممتعا ... منه بندب سيد شهم شهي
لو شاهد اليمني جبهة يمنكم ... ما ظل مفتخرا بخيل الأجبه
لا يوجد تعليقات حالياً