بعزمك لذ إذا عز النصير – إبراهيم اليازجي

بعزمك لذ إذا عز النصير … ولا يعبث بهمتك الفتور

وأسهر في ظلام الخطب جفناً … له من فكره قمر منير

ولا تكل الأمور إلى بنان … تكون لغيرها تلك الأمور

فأصدق من سعى لك أنت فيما … تحاوله وأنت به الجدير

وقد تلقى الأمور إلى غيور … ولكن ربما سئم الغيور

أتم مناك ما تسعى إليه … بنفسك عامداً لا تستعير

تناولت البدور ضياء شمس … فلم تستغن بالشمس البدور

ولسنا الجاحدين لفضل قوم … لهم ما بيننا فضل شهير

رجال أحسنوا صنعاً ولكن … بما في البيت صاحبه الخبير

بني أمي أفيقوا من سبات … لطول زمانه سئم السرير

إذا مضت الحياة على رقاد … تشابهت المضاجع والقبور

معاذ الله من أمر عظيم … بغي إدراكه هم صغير

فإن الأمر حيث غدا خطيراً … يرام ازاءه الجهد الخطير

فقم بالأمر عن قلب سليم … يعاضد صدقه العزم الجسور

ولا تذهب بك الأهواء يوماً … فراكب سبلها غاو عثور

أرانا باللسان قد اشتبهنا … وما يجدي إذا اختلف الضمير

لكل الطير أجنحة وريش … ولكن بينها ما لا يطير

وأن الحق بين الناس شمس … على أفق العقول لها ظهور

فمنه لأكبد الجهلاء نار … ومنه لأعين العقلاء نور

فهبوا بالتعاضد يا لقومي … ليحسن من عواقبنا المصير

ونظفر بعد طول عنا وجهد … بما سلبته أيدينا الدهور

ونرفع للحضارة كل صرح … تمر به السحائب إذ تسير

ألسنا من سلالة من تحلت … بذكرهم الصحائف والعصور

وأبدوا في المعارف كل شمس … يزان بحسن بهجتها الأثير

لنقف سبيلهم ونجد دهراً … بعزم لا يمل ولا يخور

ولا نفخر بمجدهم قديماً … فذلك عندنا عار كبير

أينشيء من تقدمنا المعالي … فإن بلغت أيادينا تبور

كأني بالبلاد تنوح حزناً … وقد أودى ببهجتها الثبور

يحن الأرز في لبنان شجواً … وتندب بعد ذاك المجد صور

وتدمر في دمار مستمر … وما سكانها إلا النسور

وأضحت بعلبك وليس فيها … سوى خرب لعزتها تشير

تهاجمها الحوادث كل يوم … كما هجمت على الرخم الصقور

فلو درت البلاد بما عراها … لكادت من تلهفها تمور

فيا لله من حدث مريب … به تشجى المآقي والصدور

ولذة أعين نامت ولكن … سيعقب نومها دمع حرير

بكم وبسعيكم تبني المعالي … وينمي روضها الزاهي النضير

فأنتم أهل نجدتها وإلا … فليس لها بغيركم ظهير

وظل الدولة العظمى علينا … بادراك النجاح لنا بشير

فذلك فوق دوح العدل غيث … وذلك حول روض العلم سور