بدت فأغاظت القمر الضويّا – ابن شهاب

بدت فأغاظت القمر الضويّا … وأخجلت السنان السمهريا

بربّك هل ترى قمراً سواها … بدى متمثلاً بشراً سويّا

وهل أبصرت يوماً للعوالي … كما لقوامها ثمراً جنيّا

بلى للرمح يوم الروع فتك … ولكن دون جفنيها مضيّا

محجبة تبارك من براها … وأودع لحظها السر الخفيّا

فكم بسهامها رشقت كميا … فما نفعت بسالته الكميا

بديعة منظر تمشي الهوينا … فتسبي ذا الصبابة والخليا

تتيه بحسنها عجباً وترنو … فلم تأثم وتجتاح البريا

وتأنف وهي صادقة إذا ما … نسبت لها الجمال اليوسفيا

سقى الوسمي معهدها ملثا … يغادر سفح ناديها نديّا

ورعياً لليالي اللآء مرّت … بعصر كان لي ولها وفيّا

وأيام تنال النفس فيها … رغائبها صباحاً أو عشيّا

لعمر أبيك إن لعشق سلمى … وحُبِّيْهَا الحديث العامريا

كلفت بها وبي كلفت كلانا … قرين هوى ولم يكن العصيّا

صغيرين ائتلفنا لا رقيباً … نخاف إذا تحادثنا مليّا

إذا بملاعب الفرح اجتمعنا … يقال ذروا الصبِيَّة والصبيّا

أمنيها فتسألني اختبارا … وكنت بكل ما اقترحت مليّا

ولو طلبت فتاة الحي روحي … لكنت بها ولم أحفل سخيّا

وها هي بعد صفو الود ألقت … قديم الحب ظِهْرِيَّاً نسيّا

ولم أعلم وربّك ما عراها … وأغراها لتتركني شجيّا

كستني السقم ظالمة وخافت … وحزم خوف من ظلم البريّا

فحلت من فؤادي حيث ألفت … به الجار المليك العبدليّا

بهذا الفضل يكفي كل فضل … فخاراً أن يكون له سميّا

ومن كأبيه أو كأبي تراب … تعالى حق أن يدعى عليّا

بحجر المجد منشاؤه فأكرم … به ملكاً كريماً أريحيا

أبوته ملوك قد أشادوا … بأطراف القنا العز السميّا

ومعتقل قويم الرمح يعلو … لدى الهيجاء طرفاً أعوجيّا

له تتضاءل الأبطال خوفاً … إذا هزّ الحسام المشرفيّا

وفي صَبَّيحَة ٍ كم شب ناراً … همو بسعيرها أولى صليّا

له فيهم ببيض الهند ضرب … ترى بيض الوجوه له بكيّا

فما لبث الألى التأموا صفوفاً … بأن خرُّوا لهيبته جثيّا

له في لحج الفيحاء برج … منيع ينطح الفلك العليّا

به الذات الشريفة والأيادي … تجوب الشرق والغرب القصيّا

شديد البأس مهما كان بأس … وكان بكل منقبة حريّا

وأكرم من على الغبراء نفساً … وإعراقاً وأخلاقاً وزيّا

فيولي المجتدي كرماً وبرّاً … ويسقي المعتدي الكاس الوبيّا

فسمعاً أيها الملك المفدى … لما يحدو به الساري المطيّا

بمدحك يزدهي نظمي ونثري … وإن أصبحت عن مدحي غنيّا

فلي نظم القوافي والتغنّي … بها مها ينوب القاسميا