بدا الشيبُ في رأسي فَجَلَّى عَمَايتي – ابن الرومي
بدا الشيبُ في رأسي فَجَلَّى عَمَايتي … كما كشفتْ ريح غماماً تَطَخْطَخَا
ولا بدّ للصبح الجلِيّ إذا بدت … تباشيْره أن يسلخ الليل مسلخا
وأضحت قناة ُ الظَّهْر قُوِّسَ متْنُها … وقد كان معدولاً وإن عشتُ فخخا
وأحدث نقصانُ القُوَى بين ناظري … وسمعي وبين الشخصِ والصوت بَرْزخا
وكنت إذا فَوَّقْتُ للشخص لَمحَتي … طوتْ دونه سَهْباً من الأرض سَرْبَخَا
وكنتُ يناديني المنادي بعَفْوِهِ … فَيَغْتَالُ سمعي دون مَدْعَاهُ فرسخا
فحالَتْ صروفُ الدهر تنسخ جِدَّتي … وما أُمْليتْ من قبلُ إلا لتُنْسَخا
واصبحتُ عَمَّاً للفتاة مُوَقَّراً … وقد كنت أيام الشبابِ لها أَخَا
وما عَجَبٌ أن كان ذاك فإنه … إذا المرء أشْوَتْهُ الحوادثُ شَيَّخَا
بَلَى عجبٌ أني جَزعت ولم أكن … جَزوعاً إذا ما عضَّهُ الدهرُ أَخَّخَا
عَزَاءَكَ فاذكرهُ ولا تنس مِدْحَة ً … لأَبْلَجَ يحكي سُنَّة البدر أبلْخَا
له سِيمِياءُ بين عَيْنَيْ مُبَارَكٍ … إذا ما اجتلاها رَوْعُ ذي الروع أفْرَخَا
صَريخٌ لو اسْتَصْرَخْتَه يا بن طاهرٍ … على الدهر إذ أخنى عليك لأَصْرخا
من المُصْعَبيين الذين تفرَّعوا … شَمَاريخَ أطْوادٍ من المجد شُمَّخا
أُناسٌ متى ساءلت نَافَس حظَّهمْ … بأيَّامهم في الجود والبأس بَخْبَخَا
إذا ما المساعي أُجْريَتْ حلباتُها … بَدَوْا غُرراً في أوجُه السَّبْق شُدَّخا
بِهم جُعِل المجدُ التَّليد مُصَدَّراً … وليس بإنْسيٍّ سواهم مُؤَرَّخا
تَعَدَّى وأسرف في مديح ابن طاهر … فلستَ على الإسراف فيه مُوَبَّخَا
أبو أحمد ليثُ البلاد وغيثها … إذا حطْمَة ٌ لم تُبق في العظم منقما
فتى لم يزل في رأس علياءَ دونها … بمَرْقَبة باضَ الأُنُوقُ وفَرَّخا
إذا راح في رَيَّا نَثَاهُ حسبتَه … هنالِك بالمسك الذَّكيِّ مُضَمَّخا
يُنِيخُ المَطيَّ الراغبون ببابه … ولو لم يُنيخُوه إذن لَتَنَوّخا
تَظلُّ متَى صافحَت أسْرارَ كَفِّه … تَمَسُّ عيوناً من نَداهُنَّ نُضَّخَا
إذا وَعَدَ اهْتزت له الأرض نَضْرَة ً … وأنبت منها كلُّ ما كان أسْبَخا
وإن أوْعَدَ ارتَجَّت فإن تمَّ سُخطهُ … تهاوت جبال الأرض في الأرض سُوَّخا
ولستَ تُلاقي عالماً ذا براعة ٍ … بأبرَعَ منه في العوم وأرسخا
ولم تر ناراً أوقدت مثل ناره … لدى الحرب أشوى للأعادي وأطْبخا
كفى زمناً أدّى الأميرَ وأَهْلَه … به وبهمْ إن حاول البَذْخَ مَبْذَخَا
هو الطِّرْفُ أجرتْه الملوك ومسَّحت … قديماً له وجهاً أغرَّ مُشَمْرَخَا
إذا هو قاد المُصعبيين فاغتدَوا … جَحَاجحَة ً تَهْدي غَطاريف شُرَّخا
فأيَّة َ دارٍ للعدا شاء جَاسَها … وأية َ أرضٍ للعدا شاء دَوّخا
به أيَّدَ اللَّه الخلافة بعدما … وَهيَ كُلَّ وَهْي رُكْنُها فتفسَّخا
هو الطَّاهر ابن الطَّاهرين الألى مَضَوْا … ولم يَلْبَسوا عرضاً مُذّالاً مُطَيخا
ومُسْتَمْنِحِي مدحاً كمدحيه بعدما … تمكَّن إخلاصي له فَتَمَخَّخَا
فقلتُ له عني إليك فلن أرى … هواك لمثلي في رمادك مَنْفَخَا