بالغور ما شاء المطايا والمطرْ – مهيار الديلمي
بالغور ما شاء المطايا والمطرْ … بقلٌ ثخينٌ ونميرٌ منهمرْ
و سرحة ٌ ضاحكة ٌ وبانة ٌ … غنى الربيعُ شأنها قبلَ السحرْ
و أثرٌ من ظاعنينَ أحمدوا … من عيشهم على الأثيلات الأثرْ
فراخِ من حبالها وخلها … تأخذُ من هذا اللباخ وتذرْ
كم المنى ترعى لها وكم ترى … يمسك من أرماقها رجعُ الجررْ
أما تجمُّ لمساقطٍ لها … يطرحهنّ بالفلا طول السفرْ
الله فيها إنها طرق العلا … و عدة ُ المرء لخيرٍ ولشرّْ
ظهورها العزوفي بطونها … كنزٌ لليل الطارقين مدخرْ
نعم لقد طاولها مطالنا … و حان أن يعقبها الصبرُ الظفرْ
فالغورَ يا راكبها الغورَ إذنْ … إنْ صدق الرائدُ في هذا الخبرْ
لسا وخضما أو يعودَ تامكا … الغاربُ التامكِ والجنبْ المعرّْ
و إن حننتَ للحمى وروضهِ … فبالغضا ماءٌ وروضاتٌ أخرْ
هل نجدُ إلا منزلٌ مفارقٌ … و وطنٌ في غيره يقضى الوطرْ
و حاجة ٌ كامنة ٌ بين الحشا … و الصدر إن ينبضْ لها البرقُ تنرْ
يا دين قلبي من صباً نجدية ٍ … تجري بأنفاس العشاءِ والسحرْ
إذا نسيتُ أو تناسيتُ جنتْ … عليَّ بالغور جناياتُ الذكرْ
آهِ لتلك الأوجهِ البيضِ على … رامة َ في تلك القبيباتِ الحمرْ
ينزو بجنبيّ متى غنيَّ بها … قلبٌ متى ما شربَ الذكرى سكرْ
كنا وكانت والليالي رطبة ٌ … بوصلنا والدهرُ مقبولُ الغيرْ
أيام لا تدفع في صدري يدٌ … و لا يطاع بي أميرٌ إن أمرْ
و عاطفُ العيون لي وشافعي … ذنبي إليها اليومَ من هذا الشعرْ
وسماً رجعتُ مهملا غفلاتهِ … إذا البهامُ نصعتهنَّ الغررْ
ما خيلَ لي أن الراري قبله … ينكرها ساري الظلام المعتكرْ
قالوا تجملتَ بها غديرة ً … مردعة ً عن الخنا ومزدجرْ
ردوا سفاهي وخذوا وقارها … بيعَ الرضا وندما لمن خسرْ
رحتُ بها بين البيوتِ أزوراً … مواريا شخصيَ من غيرِ خفرْ
أحملُ منها بقلة ً ذاوية ً … بالعيش كانت أمس ريحانَ العمرْ
يا قصرتْ يدُ الزمان شدما … تطول في ثلمي وفي نقض المررْ
شظايا ومشيبٌ عنتٌ … و منزلٌ نابٍ وأحبابٌ غدرْ
و صاحبٌ كالداء إن أبديتهُ … عورَ وهو قاتل إذا أسرّْ
أحملهُ حملَ الشغا نقيصة ً … و قلة ً ما زاد ألاًّ وكثرْ
يبرزه النفاقُ لي في حلة ٍ … حبيرة ٍ من تحتها جلدُ نمرْ
مبتسمٌ والشرُّ في حملاقهِ … خفْ كيف شئت أرقما إذا كشرْ
لأنفضنَّ عن ظهري كما … قطرَ بالراكبِ مجلوبٌ عقرْ
فرداً شعاري لا مساسَ بينهم … منفردَ الليثِ وإن شئتَ القمرْ
نفسي حبيبي وأخي تقنعي … و ربما طرفتِ الدنيا بحرْ
إن يكُ يأسٌ فعسى غائبة ٌ … تظهرُ والنارُ كمينٌ في الحجرْ
قد بشرني بكريم هبة ٌ … بمثلها ريحُ الجنوبِ لم تثرْ
تقول لي بصوتها الأعلى ضحى ً … و بالنسيم في الدجى الحلوِ العطرْ
إنَّ فتى َ ميسانَ دون داره … قد بقيَ المجدُ وحيدا وغبرْ
يعرفُ ما قد أنكر الناسُ من ال … فضل ويحيى في العلا ما قد دثرْ
و أنه جرى بخيرٍ ذكرهُ … حنّ وقد عرض باسمي وذكرْ
و علقتْ بقلبه ناشطة ٌ … مرت عليه من بنياتِِ الفكرْ
فمن هو الراكبُ ملساءَ القرا … مصمتة َ الظهر ببطنٍ منقعرْ
رفعْ ذناباها وخفضْ صدرها … مشرفة َ الحاركِ وقصاءَ القصرْ
تحدو بها أربعة ٌ خاطفة ٌ … تنحى عليها أربعٌ منها أخرْ
إذا المطايا خفنَ إظماءَ السرى … فربها من شرقٍ على حذرْ
يعدُّ أبراجَ السماء عنقاً … في مثلها تصعدا ومنحدرْ
يرفعُ عنها حدبَ الموج إذا أس … تنتْ صناعُ الرجل في خوض الغمرْ
لو لم يلاطفها على اعتسافه … بخدعة ٍ من الليان لم تسرْ
اسلمْ وسرْليس إلا سالما … من راح في حاجة ِ مثلي أو بكرْ
قلْ لأبي القاسم يا أكرمَ منْ … طوى إليه درجُ أرضٍ أو نشرْ
و خيرَ من موطلَ جفنٌ بكري … في مدحه فلم يضعْ فيه السهرْ
و ابنَ الذي قيل إذا ولى عن ال … دنيا تولتْ بعده على الأثرْ
و استشرفَ الملوكُ من عطائه … و الخلفاءُ ما استعزَّ واحتقرْ
و منْ تكونُ الكرجُ الدنيا بأن … أوطنها وعجلُ ساداتُ البشرْ
لو لم يكن إلا ابنُ عيسى لكمُ … فخرا كفى ملء لسان المفتخرْ
ساقي العوالي من دمٍ ما رويتْ … و عاقرُ البدنِ وعاقرُ البدرْ
ناصبتم الشمسَ بحدَّ سيفه … و دستمُ بسعيه حدَّ القمرْ
و صارت الشمسُ تسميكم به … أنجادَ عدنانَ وأجوادَ مضرْ
مضى وبقي سؤرة المجد لكم … ملآى إذا ما شرب الناس السؤرْ
لكرماءَ التقموا طريقهَ … و ألقوا بينهمُ تلك السيرْ
و شغلوا مكانهُ من بعده … كالشمس سدَّ جوها الشهبُ الزهرْ
زكية طينتهم حديدة … شوكتهمُ طاب حصاهم وكثرْ
لا يتمشون الضراء غيلة ً … لجارهم ولا يدبون الخمرْ
كلُّ غلام ذاهبٌ بنفسه … مع العلاء إن بدا وإن حضرْ
إما زعيمُ فيلقٍ يطرحهم … في لهواتِ الظلم حتى ينتصرْ
مغامرٌ مسلطٌ بسيفه … على الردى منتصفٌ من القدرْ
أو تاركٌ لفضله من دينه … ما عزَّ من سلطانهِ وما قهرْ
عفَّ عن الدنيا وقد تزخرفتْ … ممكنة ً وعافها وقد قدرْ
محكمٌ في الناس يقضي بينهم … بمحكم الآي ومنصوص السورْ
فكلكم إما ابن عزًّ حاضرٍ … بسبقه أو ابن عزًّ مدخرْ
و حسبكم شهادة ً لقاسمٍ … مجدُ أبي القاسم عيناً بأثرْ
حدثَ عنه مثلَ ما تحدثتْ … عن كرم الأغصانِ حلواءُ الثمرْ
مواهبٌ في هبة ِ الله لكم … أوفى بها على مناكم وأبرْ
يا مسلفي تبرعا من وده … سلافة َ الخمرِ ووسميَّ المطرْ
و منزلي من شرفاتِ رأيه … مكانَ ينحطُّ السهي وينحدرْ
لبيك قد أسمعتني وإن يغبْ … سمعيَ عنك ففؤادي قد حضرْ
عوائدٌ من الكرامِ عاد لي … ميتهن بعلاك ونشرْ
كم فيّ من جرحٍ قد التحمتهُ … بها ومن كسرٍ عصبتَ فجبرْ
ملكتَ رقى وهواي فاحتكمْ … ملكَ اليمين لم أهبْ ولم أعرْ
لثمتُ ما خطت يدُ الكاتب من … وصفكَ لي لثمَ المطيفين الحجرْ
و قلتُ يا كامنَ شوقي ثرْ ويا … قلبيَ إما واقعا كنتَ فطرْ
و يا ظمائي هذه شريعة ٌ … يدعو إليها الواردين من صدرْ
فلو علقتُ بجناحِ نهضة ٍ … حومَ بي عليك سعيٌ مبتدرْ
و لرأيتَ معَ فرط حشمتي … وجهي عليك طالعا قبلَ خبرْ
لكنها عزيمة ٌ معقولة ٌ … تئنُّ من ضغط الخطوبِ والغيرْ
و همة ٌ عالية ٌ يحطها … أسرُ القضاء لا يفكُّ من أسرْ
و ربما تلتفتُ الأيام عن … لجاجها أو يقلعُ الدهرُ المصرّْ
و إن أقمْ فسائراتٌ شردٌ … يزرن عنيّ أبدا من لم أزرْ
قواطعٌ إذا الجيادُ حبستْ … إليك أمراسَ الحبالِ والعذرْ
كلُّ ركوبٍ رأسها إلى المدى … لم تزجر الطيرَ ولما تستشرْ
نهارها مختلطٌ بليلها … ترمي العشياتُ بها على البكرْ
تحملُ من مدحكمُ بضائعا … يمسي الغبينَ في سواها من تجرْ
كأنما حلَّ اليمانون بهالم يمض من قبلي فمُ لأُذُنٍ بمثلهِنّ مُوعَبَّا ولم يَطِرْ … عطارَ دارين وأفوافَ هجرْ سقط بيت ص
سلمهاِ فحولُ هذا الشعر لي … ضرورة ً ما سلموها عن خيرْ
شهدٌ لمن أحبكم وأقطٌ … و في أعاديكم سمامٌ وصبرْ
لتعلموا أن قد أصاب طولكم … من عرفَ النعمة َ فيه فشكرْ