امرأة الفقيد – عبدالله البردوني
لم لا تعود ؟ وعاد كل مجاهد ... يحلى (( النقيب )) أو انتفاخ ((الرائد))
ورجعت أنت ، توقعا لملمته ... من نبض طيفك واخضرار مواعيدي
وعلى التصاقك باحتمالي أقلقت ... عيناي مضطجع الطريق الهامد
وامتدّ فصل في انتظارك وابتدا ... فصل ، تلفّح بالدخان الحاقد
وتمطّت الربوات تبصق عمرها ... دمها وتحفر عن شتاء بائد
وغداة يوم ، عاد آخر موكب ... فشممت خطزك في الزحام الراعد
وجمعت شخصك بنية وملا محا ... من كل وجه في اللقاء الحاشد
حتى اقتربت وأمّ كلّ بيته ... فتّشت عنك بلا احتمال واعد
والي انتظار البيت ، عدت كطائر ... قلق ينوء على جناح واحد
لا تنطقي يا شمس : غابات الدجى ... يأكلن وجهي يبتلعن مراقدي
وسهدت والجدران تصغي مثلما ... أصغي ، وتسعل كالجريح الساهد
والسقف يسأل وجنتيّ لمن هما ؟ ... ولمن فمي ؟ وغرور صدري الناهد؟
ومغازل الأمطار تعجن شارعا ... لزجا حصاه من النحيع الجامد
وأنا أصيخ إلى خطاك أحسّها ... تدنو ، وتبعد ، كالخيال الشارد
ويقول لي شيء ، بأنك لم تعد ... فأعود من همس الرجيم المارد
أتعود لي ؟ من لي ؟ أتدري أنني ... أدعوك إنك مقلتاي وساعدي
إني هنا أحكي لطيفك قصّتي ... فيعي ، ويلهث كالذبال النافد
خلّفتني وحدي ، وخلّفني أبي ... وشقيقتي ، للمأتم المتزايد
وفقدت أمّي : آه يا أمّ افتحي ... عينيك ، والتفتي إليّ وشاهدي
وقبرت أهلي ، فالمقابر وحدها ... أهلي ، ووالدتي الحنون ووالدي
وذهلت أنت أو ارتميت ضحيّة ... وبقيت وحدي ، للفراغ البارد
أتعود لي ؟ فيعبّ ليلي ظلّه ... ويصيح في الآفاق . أين فراقدي؟
لا يوجد تعليقات حالياً