اللَّيلُ فالأرضُ للِّيثِ الشَّرى – مهيار الديلمي

اللَّيلُ فالأرضُ للِّيثِ الشَّرى … عرَّسَ يبغي راحة ً أو سرى

فتارة ً مفترشاً غابة ً … وتارة ً مفترساً مصحرا

والظَّفرُ الحلوُ لهُ إنْ عفا … عمداً وإنْ نيَّبَ أو ظفَّرا

مرَّ على هزَّة ِ ألبادهِ … يكبرُ أنْ يؤمرْ أو يزجرا

يرى منَ العزِّة ِ في نفسهِ … مالمْ يكنْ ما حضُ نصحٍ يرى

أغلبْ لم يخلقْ ركوبَ المطا … سهلا ولم يقصرْ لخزمِ البرى

فما تريدُ اليدُ منْ مقودٍ … يرجعُ عنها باعها أبترا

للهِ رامٍ سهمهُ رأيهُ … إذا رأى شاكلة ً فكَّرا

يطيعُ منْ عزمتهِ مقدماً … ما غلَّسَ النَّهضة َ أو بكّرا

تنصرهُ الوثبة ُ منْ أنْ يرى … مستصرخَ الخلسة ِ مستنصرا

لا تجذبُ الأوطانُ منهُ ولا … يخدعهُ للضِّيمِ طيبُ الكرى

يأنسُ بالنِّعمة ِ ما ساندتْ … جنباً منسيعاً وحمى ٍ أعسرا

فإنْ مشتْ في جوِّها ذلِّة ٌ … رابكَ مذعورا ومستنفرا

ليمَ على غشمتهِ فاتكٌ … هلاَّ ارتأى فيها وهلاَّ امترى

وقيلَ لو علَّلَ مستأمناً … والدَّاءُ إنْ موطلَ يوماً سرى

وكمْ جنى الرَّيثُ على حازمٍ … فودَّ لو قدَّمَ ما أخَّرا

يا فارسَ الغرَّاءِ يرمي بها … سهلَ العنانِ الجانبَ الأوعرا

يردُّ منْ غرَّتها معتماً … على الدآدي غلساً مقمرا

ينصُّ منْ أرساغها والمطا … إما جناحاً طارَ أو منسرا

قلْ لعميدِ الدَّولة ِ أفلحْ بها … قدْ سلَّمَ الخصمُ وزالَ المرا

فانظرْ إلى الأعقابِ من صدرها … لا بدَّ للمعتمِ أنْ يفجرا

ركبتها بزلاءَ مخطومة ٍ … تحملُ منكَ الأسدَ القسورا

ترمي بدارِ الذُّلِّ من خلفها … ظهراً وتبغي في العلا مظهرا

ناجيَّة ً تأخذُ منْ حظِّها … مقبلة َ ما تركتْ مدبرا

حتى استقلَّتْ بكَ بحبوحة ٌ … تشرفُ بالبادية ِ الحضَّرا

محميَّة َ الأرجاءِ أنْ هيِّجتْ … زعزعتْ الأبيضَ والأسمرا

تذكركَ المجدَ بوفدِ الجدا … وسامرَ اللَّيلِ ونارَ القرى

وغلمة ً حولك منْ عامرٍ … شرطكَ مدعوَّاً ومستنصرا

تحسبها إنْ غضبتْ جنَّة ً … وجانبَ الزَّابَ بها عبقرا

تأمرُ في ذاكَ وتنهى بما … أنفتَ انْ ينهى وأنْ يؤمرا

عدوَّكَ الآملُ ما لا يرى … أصبحَ منْ بعدكَ مستوزرا

دعوة ُ داعٍ لم يجدْ حظَّهُ … أشقى لهُ منكَ ولا أخسرا

قدْ أنكرتْ بعدكَ خطَّابها … فلا ترى كفئاً ولا ممهرا

وابتذلتْ حتى غدا ظهرها … أجلبَ مما ركضتْ أدبرا

بينَ بني العاهاتِ منبوذة … يزاحمُ الأعمى بها الأعورا

واستامها المفلسُ لمَّا غدتْ … تباعُ بالفلسِ فلا تشترى

كانتْ بكمْ مغنى هوى ً آهلاً … فاليومَ أضحتْ طللاً مقفرا

وساقها سالبها ظلَّكمْ … للذئبِ يرعى سرحها مصحرا

دامية ً منْ ندمٍ كفَّهُ … يأكلها الإبهامُ والخنصرا

ينشدُ منكمْ وطرافاتهُ … ويسألُ الرُّكبانَ مستخبرا

كعاشقٍ فارقَ أحبابهُ … طوعاً وسامَ اللَّيلَ طيفَ الكرى

أينَ لهُ أينَ بكمْ نادماً … معتذراً إلاَّ بأنْ يعذرا

ما أخلقَ العاثرَ يمشي بهِ … كسيرهُ أنْ يبتغي مجبرا

لا يعرفُ المعروفَ في أمرهِ … معمَّرٌ حتى يرى المنكرا

يا نعمة ً ما صاحبتْ صاحباً … وعقلة ُ النِّعمة ِ أنْ تشكرا

غداً يوافيكَ بأيمانه … جاحدكَ الغامطُ مستبصرا

بغدرة ٍ يرغبُ في بسطها … وزلَّة ٍ يسألُ أنْ تغفرا

فثمَّ فارددْ قادراً رأيكَ ال … شاردَ وابردْ صدركَ الموغرا

واجرِ منَ الصَّفحِ على عادة ٍ … مثلكَ مستولٍ عليها جرى

والتحمْ الجرحَ فقدْ طوَّحتْ … جنباهُ بالمسبار واستنهرا

بادرْ بها الفوتَ فما شلوها … أوَّلَ ميتٍ بكَ قدْ أنشرا

واركبْ مطاها فقدْ استخضعتْ … ذلاًّ لأنْ تلجمَ أو تثقرا

وروِّضْ البعدَ وتأديبهُ … لكَ الرِّقابَ الذُّلَّ والأظهرا

غرسٌ فتيٌّ أنتَ أنشأتهُ … فلا تدعْ غيركَ مستثمرا

ما أسَّسَ القادرَُ إلاَّ بنى … علواً ولا يخلقُ إلاَّ فرى

واسئلْ مواعيدي في مثلها … هلْ أخلفتْ أو كذَّبتْ مزجرا

لو نزلَ الوحيُ على شاعرٍ … قمتُ بشيراً فيكمْ منذرا

أو أدعى المعجزَ منْ ليسَ بال … نبيِّ كنتُ المعجزَ المبهرا

كمْ آية ٍ لي لو تحفظَّتمُ … بها وفألٍ بعلاكمْ جرى

يشكرُ مقروءاً ويشكو إذا … صحَّ الذي حدَّثَ أو خبَّرا

لا حقُّ منْ قدَّمَ حقَّاً بهِ … يعطى ولا فوزة ُ ما يشترى

وجلُّ حظِّي عندكمْ فيهِ ما … أجودَ ما قالَ وما أشعرا

تناسياً منْ حيثُ تقضي العلا … وتوجبُ القدرة ُ أنْ أذكرا

كنتمْ ربيعي وثرى أرضي … يلقى الحيا ظمآنَ مستبشرا

فما لربعي دارساً هامداً … مذ صرتمْ الأنواءَ والأبحرا

إليكمْ الصَّرخة ُ لا منكمُ … ما أخونَ الحظَّ وما أجورا

قدْ أكلتني بعدكمْ فترة ٌ … ما أكلتْ إلاَّ فتى ً مقترا

واستعذبتْ لحمي وإنْ لم تجدْ … إلاَّ ممرَّاً طعمهُ ممقرا

كنتُ على البلِّة ِ منْ مائكمْ … منتفضاً في ورقي مصفرا

فكيفَ حالي ونوى داركمْ … قدْ منعَ القطرة َ أنْ تقطرا

منْ لي بصونِ العمرِ في ظلِّهِ … سنيَّ أحصيهنَّ والأشهرا

ومنْ لكمْ غيري طباقُ الملا … ما راضهُ فيكمْ وما سيِّرا

حتى لقدْ سمِّيَ بكمْ مسرفاً … حيثُ يسمَّى مادحاً مكثرا

أقسمتُ إنْ فاتكمْ الدَّهرُ بي … ليندمنْ بعدي منْ قصَّرا

يا عروتي الوثقى أعدْ نظرة ً … في خلِّة ٍ منبوذة ٍ بالعرا

تلافَ بالعاجلِ ميسورها … وصبْ لو مؤتشلاً منزرا

واضمنْ على جودكَ منْ أجلِ ما … قدْ أنعمَ الوادي وعمَّ الثَّرى

ولا تدعني ودعاءُ الصَّبا … في معشرٍ أشقى بهمْ معسرا

نبِّهْ على أنْ أختصاصي بكمْ … يخرجكمْ بالرَّغمِ مني يرا

واطلعْ طلوعَ البدر ما ضرَّهُ … سراراهُ ليلة ً ما أقمرا

واستخدمْ النيروزَ واسعدْ به … مستعملاً في العزِّ مستعمرا

يومٌ منَ الأيامِ لكنْ رأى … لهُ عليها الفضلَ والمفخرا

كأنَّهُ منْ نخوة ٍ قلَّدَ ال … تسويدَ عنْ أمركَ أو أمَّرا

ينسبُ كسرى فإنْ أختاركمْ … ديناً فقدْ وافقكمْ عنصرا

يقسمُ والصِّدقُ قمينٌ بهِ … بما حبا الأرضَ وما نوَّرا

أنَّكَ تبقى مالكاً خالداً … ما ردَّ منهُ الدَّهرُ أو كرَّرا