العاذلون – محمد القيسي

وأقطف ما أشتهي ،

من ثمار الجبال علانية ،

ليس بي رغبة في جوار المدينة ،

أو نهرها

وأقطف ما أشتهي

ليكون طريقي إلى غيرها

فليس على بابها ما أراه جديرا بحزني

جديرا بممتلكات دمي ،

وجديرا بما ضاع منّي

فيا عاذلي لا تلمني

لقد عقرت ناقتي ..

حين كنت أغنّي

وأنشر فوق السطوح مناديل عبلة ،

والأرض تأخذ عنّي

فهل صار عنترة الآن نسيا ،

وغابت بروق يديه ،

لتبدأ قصة لوني

وأعرف عنها ..

فلا خلّها الآن خلّي

ولا ظلّها عاد ظلّي

وأعرف كانت هواي ،

وكانت صباي ،

وأهلي

وكانت نوافذ يومي

أطلّ إلى الأرض منها ،

وأحضن وجها بعيدا لأمي

ووشما على خصرها

فيا أيّها العاذلون لماذا أقف

حمام القباب بعيد ،

وروحي هنا قطرة قطرة ،

تستوي وتجف

وأغنيتي ترتجف

ولم يبق من سرّها

حجاب ،

ولا غامض ،

ما كشف

وما كنت فتاها

أجيء إليها ،

فأبحث عمّا يوحدّني بالأزقة ،

كانت تضمّ إلى صدرها

نشيدي ..

وألقي برأسي إلى حجرها

وثمّة ما كان يرعش في اللمسة الحانية

وكانت تخف

إذا ما ندت آهة في البعيد ،

وتجزع إمّا قصف

غزال على راحتي ،

فلماذا أقف

أرى وجهه لم يعد صافيا ،

مثلما كان قبل مئئئات السنين ،

وقبل نصال السكاكين ،

قبل كهولة روحي على بابها

فهل عرفت ما بها

لماذا أقف

ولا عشب في بحرها

وكيف إذا ما مررت وعاينت ما ..

تفعل الآن بي

كيف لا انعطف

فماذا تبقّى لديّ

لقد بدّلت ثوبها الساحليّ

وألفيتني في بوادي يديها ،

بلا كسرة ،

أو مزامير ،

تفضي إلى دالية

فيا أيّها الفلكيّ

نجومك ماذا تقول ، وأين تراه حبيبي

لماذا تأخر جدا عليّ

لماذا تأخر ؟

رأيت المدينة تغفو على عرشها خاوية

وقلبي وحيد على ناصية

يدور ، يدور ،

وطعنته داوية

لماذا إذن أيّها العاذلون أقف

وهل تعرفون لماذا

إذا ما تمهّلت ،

تصرخ فيّ الجبال : انصرف ؟