الصَّليبُ الذّهَبِيّ – نزار قباني
صَليبُكِ هذا .. زينَةٌ أم تَصَوُّفُ ؟
على قالَبَيْ شَمْعٍ .. يَمُدُّ بِسَاطَهُ
ومِنْ دَوْرَقَيْ ماسٍ .. يَعُلُّ ويرشفُ
تَدَلَّى كعُنقُود اللهيبِ .. وحَوْلَهُ
تَثُورُ الأماني ، والقميصُ المُرَفْرِفُ
يتُوه على كَنْزَيْ بياضٍ ونِعْمَةٍ
ويكرَعُ من حُقَّيْ رُخَامٍ .. ويُسْرِفُ
تكمَّشَ بالصدرِ الفطيمِ .. فتارةً
يقرُّ .. وطوراً يُسْتثارُ ويعُنفُ
أَمُرْتَعِشَ الأسلاك .. يا لونَ حيرتي
سريرُكَ مَصْقُولٌ .. وأرضُكَ مُتْحَفُ
مداكَ أضاميمُ القُرُنْفُلِ .. فانْطَلِقْ
على زَحْمَة الأفْيَاء .. دَرْبُكَ مُتْرَفُ
أتَشْكُو ؟ وهل يشكُو الذي تحت رأسِهِ
حريرٌ .. وأضواءٌ .. ووردٌ مُنَتَّفُ
أجامحةَ السلْسَالِ .. إِنِّيَ شاعرٌ
حُرُوفي لهيبُ الله .. هل نَتَعرَّفُ ؟
طَلَعْتِ على عُمْري خيالَ نبيَّةٍ
صليبٌ .. وسلْسَالٌ ثمينٌ .. ومِعْطَفُ
تَرَهَّبْتِ في عُمْر الوُرُود .. ومَنْ لَهُ
بَرَاءةُ هذا الوجه ، هل يَتَقَشَّفُ
أَتَبْغينَ مرضاةَ السماءِ .. وإنَّما
بمثلكِ تَعْتَزُّ السماءُ وتَشْرُفُ
أذاتَ الصليب اللُؤلُؤيِّ .. تَلفَّتي
وراءَكِ هذا المُؤمِنُ المُتَطرِّفُ
فلا تَمْنَعي أَجْري .. وأنتِ جميلةٌ
ولا تَقْطَعي حَبْلي .. ودِينُكِ يُنْصِفُ
على صَدْركِ المُعْتَزِّ .. يَنْتَحِرُ الأسى
وتَبْرَا جِراحَاتُ المسيح وتَنْشَفُ ..
لا يوجد تعليقات حالياً