الرجعيون – محمد مهدي الجواهري
ستَبقى طويلاً هذه الأزماتُ … إذا لم تُقصِّرْ عُمرَها الصدَّمَاتُ
إذا لم يَنَلْها مُصلحونَ بواسلٌ … جريئونَ فيما يَدَّعونَ كُفاة
سَيبقى طويلاً يَحمِلُ الشعبُ مُكْرَهاً … مَساوئَ مَنْ قد أبْقَتِ الفَتَرات
قُيوداً من الارهاقِ في الشرقِ أُحكِمَتْ … لتسخير أهليه ، لها حَلَقات
ألمْ ترَ أنَّ الشْعبَ جُلُّ حقوقهِ … هي اليومَ للأفرادِ مُمتلَكات؟
مشتْ كلُّ جاراتِ العراقِ طموحةٍ … سِراعاً، وقامتْ دونهُ العَقَبات
ومِنْ عَجَبٍ أن الذينَ تكفَّلوا … بانقاذِ أهليهِ همُ العَثَرات
غداً يُمْنَعُ الفتيانَ أنْ يتعلَّموا … كما اليومَ ظُلماً تُمنَعُ الفتيات
أقولُ لقومٍ يَحْمَدونَ أناتهم … وما حُمِدتْ في الواجباتِ أناة :
بأسرعَ مِن هذي الخُطَى تُدرَكُ المُنى … بِطاءٌ لَعَمْري مِنكمُ الخُطُوات
وما أدَّعي أنَّ التهوُّرَ صالحٌ … متى صَلُحَتْ للناهضِ النزوات؟
ولكنْ أُرَجي أنَّ تقوم جريئةً … لصدِّ أكُفِّ الهادمين بُناة
أُريدُ أكُفّاً مُوجِعاتٍ خفيفةً … عليها – متى شاءتِ – الَّلَطمات
فانْ ينعَ أقوامٌ علىَّ مقالتي … وما هي إلَّا لوعةٌ وشَكاة
فقد أيقَنتْ نفسي ، وليسَ بضائري … بأنّيَ في تلكَ العُيونِ قَذاة
وما النقدُ بالمُرضي نفوساً ضعيفةً … تهدُّ قُواها هذهِ الحَمَلات
وَهَبْني ما صلَّتْ علىَّ معاشرٌ … تُباعُ وتُشرى منهمُ الصَّلَوات
فلو كنتُ مِمَّنْ يطعمونَ بمالهِ … لعادَتْ قِداساً تلكمُ اللعنات
دَعُوها لغيري عَلَّكُمْ تحِلُبونها … ستُغنيكمُ عن مِثليَ البَقَرات
وما هيَ إلاَّ جمرةٌ تُنكرونَها … ستأتيكُمُ من بَعدِها جَمَرات
قوارصُ قولٍ تقتضيها فِعالُكُمْ … وتدعوا ” الهَناتِ ” القارصاتِ ” هَنات “
وإنْ يُغضِبِ الغاوينَ فضحٌ معاشرٍ … همُ اليومَ فيه قادةٌ وهُداة
فما كان هذا الدينُ ، لولا ادّعاؤهم … لِتمتازَ في أحكامهِ الطَّبَقات
أتُجبى ملايينٌ لفردٍ ، وحوَلُه … أُلوفٌٌ عليهمْ حَلَّتِ الصَّدقات؟
وأعجبُ منها أنَّهم يُنكرِِونَها … عليهم ، وهمْ لو يُنصِفونَ جُباة
قذىً في عيونِ المصلحينَ شواهقٌ … بدتْ حولَها مغمورةً خَرِبات
وفي تلك مِبطانونَ صُغْرٌ نُفوُسُهم … وفي هذه غرثى البطونِ أُباة
ولو كانَ حُكْمٌ عادلٌ لتهَّدَمتْ … على أهلِها هاتيكمُ الشُرُفات
على باب ” شيخِ المسلمين ” تكدَّسَتْ … جِياعٌ عَلَتْهم ذِلَّةٌ وعُراة
همُ القومُ أحياءٌ تقولُ كأنَّهم … على بابِ ” شيخِ المسلمين” موات
يُلَمُّ فتاتُ الخُبزِ في التربِ ضائعاً … هُناك، وأحياناً تُمَصُّ نواة
بيوتٌ على أبوابها البؤسُ طافحٌ … وداخِلَهُنَّ الأنسُ والشَّهَوات
تحكَّمَ باسمِ الدّينِ كلُّ مذَمَّمٍ … ومُرتكِبٍ حفَّتْ به الشُبُهات
وما الدينُ إلا آلةٌ يَشهَرونها … إلى غرضٍ يقضُونه ، وأداة
وخلفَهُمُ الأسباطُ تترى ، ومِنهُمُ … لُصوصٌ ، ومنهمْ لاطةٌ وزُناة
فهَلْ قَضتِ الأديان أن لا تُذيعَها … على الناسِ إلَّا هذه النَّكِرات
يدي بيدِ المستضعَفِينَ أُريهمُ … من الظُلْمِ ما تعيا به الكَلِمات
أُريهمْ على قلبِ ” الفُراتِ” شواهقاً … ثِقالاً تَشَكَّى وطأُهنَّ ” فُرات”
بنتْهُنَّ أموالُ اليتامى ، وحولَها … يكادُ يَبينُ الدمعُ والحسَرات
بقايا أُناسٍ خلَّفوها موارداً … تسدِّدُ لهوَ الوارِثِينَ ، وماتوا