الخلود – إيليا أبو ماضي

غلط القائل إنّا خالدون … كلّنا بعد الرّدى هيّ بن بيّ

لو عرفنا ما الذي قبل الوجود … لعرفنا نا الذي بعد الفناء

نحن لو كنّا ” كما قالوا ” نعود … لم تخف أنفسنا ريب القضاء

إنّما القول بأنّا للخلود … فكرة أوجدها حبّ البقاء

نعشق البقيا لأنّا زائلون … و الأماني حيّة في كلّ حيّ

زعموا الأرواح تبقى سرمدا … خدعونا … نحن و الشّمع سواء

يلبث النور بها متّقدا … فإذا ما احترقت باد الضياء

أين كان النور ؟ أنّي وجدا ؟ … كيف ولّى عندما زال البناء ؟

شمعتي فيها لطلّاب اليقين … آيه تدفع عنهم كلّ غيّ

ليست الروح سوى هذا الجسد … معه جاءت ومعه ترجع

لم تكن موجودة قبل وجد … و لهذا حين يمضي تتبع

فمن الزور الموشّى و الفند … قولنا : الأرواح ليست تصرع

تلبث الأفياء ما دام الغصون … فإذا ما ذهبت لم يبق في

لو تكون الروح ما لا يضمحل … ما جزعنا كلّما جسم همد

لو تكون الروح جسما مستقل … لرآها من يرى هذا الجسد

كلّ ما في الأرض من عين و ظل … سوف ينحلّ كما انحلّ الزبد

و لئن صحّ بأنّا منشرون … جاز أن يعقب ذاك النّشر طيّ

ليت من قالوا بأنّا كالزهور … خبّرونا أين تمضي الرائحه ؟

أترى تبقى كألحان الدهور ؟ … أم تلاشى مثل صوت النائحه ؟

ليت شعري أيّ خلد للبذور … بعد أن تلقى بنار لافحة ؟

قل لمن يخبط في ليل الظنون … ليس بعد الموت للظّاميء ري

مثلما يذهب لون الورقه … عندما تيبس في الأرض الأصول

مثلما يفقد نور الحدقه … حين أقضي .. هكذا نفسي تزول

كتلاشي الشمعة المحترقة … تتلاشى بين ضحك و عويل

أنا بعد الموت شيئا لا أكون … حيث أنّي لم أكن من قبل شيء

إيه أبناء الثّرى نسل القرود … علّلوا أنفسكم بالترّهات

ألبسوا في صحوكم ثوب الجمود … واحلموا في نومكم بالمعجزات

فسيأتي زمن غير بعيد … تتهادى بينكم فيه أيّاه

و يحلّ الله في ماء وطين … فيراه الشّيخ و الشاب الأحيّ