الببغاء – جمال مرسي
لي بَبَّغَاءٌ يعشقُ التقليدا … وَيُرَدِّدُ الأصواتَ لي ترديدا
إن قُلتُ أهلاً ، قال أهلاً مثلها … وإلى اللقاءِ يُعيدها تجويدا
وإذا أشرتُ مُهدداً بأصابعي … مدَّ الجناحَ و أرسلَ التهديدا
فإذا رآني عابساً مُتَجَهِّمَاً … يحنو عليَّ فيطلقُ التغريدا
يسعى لكي يستلَّ حزني مُلقياً … إياه عنِّي في الفضاءِ بعيدا
هو ببغاءٌ مخلصٌ ومثابرٌ … لم يَشْكُ في يومٍ إليّ قيودا
يا طالما أطعمتُهُ فضلاتنا … عدساً وخبزاً يابساً وثريدا
فيقول حمداً للذي خلق الورى … يستأهل الشكرانَ والتمجيدا
لم يعترضْ يوماً ولم يُظهرْ أسىً … شجباً ..كمثلِ العُرْبِ ..أو تنديدا
لكنني كم كنتُ فظّاً نَحْوَهُ … فلطالما قيدتُهُ تقييدا
و منعتهُ ألا يرى غيري أنا … و تركتُهُ دونَ الرِّفاقِ وحيدا
لا خُلَّةٌ يشكو إليها هَمَّهُ … فَتُخَفِّفُ الأعباءَ و التنكيدا
لا صاحبٌ يُفضي إليهِ بِسِرِّهِ … أهٍ أراني زدتهُ تعقيدا
لو كنتُ في حالٍ يُحاكي حالََهُ … ما كنتُ أرضى ذِلَّةً وحديدا
ولكنتُ حطَّمتُ القيودَ جميعها … لأكونَ حراً في الوجودِ سعيدا
طوراً على الغصنِ الظليلِ ، وتارةً … فوق الجبالِ أبُثُّها التغريدا
أقتاتُ مما أنتقي بإرادتي … أو أرتدي مما صنعتُ جديدا
و أشاطرُ الورقاءَ في أفراحِها … واقاسمُ الطفلَ البرئَ العيدا
ما خابَ في الببْغاء حدْسي ، حينما … عُدتُ المساءَ فلم يكن موجودا
فتشتُ عن آثارِهِ في منزلي … وسألتُ صمتَ الليلِ و التسهيدا
لكنه قد كان فكَّ إسارَهُ … ثم ارتقى صوب النجومِ بعيدا
ناديتُهُ ، ناجيتُهُُ ، لم يستجبْ … ناشدتُهُ أن ينثني ويعودا
لكنَّهُُ أخذ القرارَ بجرأةٍ … زادتْهُ قدْراً .. داخلي .. محمودا
فحزنتُ .. رغم سعادتي .. حُزنَ الذي … فقدَ الشبابَ و ضيَّع المولودا