البادية في إيران – محمد مهدي الجواهري

بهجة القلب جلاء البصرِ … هذه الأرياف غِب المَطَرِ

يا أصيلاً هاجَتْ الذكرى به … نسمةً أنسَتْ نسيمَ السحر

أنت هيَّجتَ شُعوري طَرَباً … أنا لو لم تحلُ لي لم أشعرُ

لطفُك اللهُمَّ ما أعظمَه … أفهذا كلُّه للبشَر

أبساطُ الورد ممدوٌ على … هذه الأقطارِ مَدَّ البصر

وبأنفاسٍ حِرارٍ خَبُثَتْ … تتلاشى نفحاتُ الزَهَر

يا خليليَّ أجيلا نَظَراً … تَرَيا الآفاقَ كُحلَ النظر

تريا ” البقعةَ ” من بعد العرا … تَكتسي نورَ بساطٍ أخضر

عَمِيت عيني َ أن أشغلَها … منظرٌ عن حُسن هذا المنظر

ألشيءٍ غيرَ أنَ تؤنسَني … تظهرُ الأرضُ بهذا المظهر

لستُ بالشاعر ان لم يُصْبنِي … أينما كان ، جمالُ الصُورَ

في الثرى ، في الروضِ ، في أفق السما، … في شأبيبِ الحيا ، في الحَجَر

واشكري يا أرضُ ألطافَ السّما … تُسلَبُ النعمهُ إن لم تشكري

واذكري الشدةَ في فرحِتها … واعرفي حُسنَ صنيعِ المطر

حَسُنَت باديةٌ فارهةٌ … هي أَنستْنيَ حُسنَ الحضَر

كم على أُمواهها تعريسةٌ … ومَقيلٌ تحت ظلِّ الشجر

ونهارٌ مشمِشٌ نَقْطَعُهُ … بالأحاديثِ كليلٍ مقمر

راقت الوحدةُ لي في غربتي … أنا لا أهوى ضجيج الزُمِر

شُغِل الناسُ بسُمّارِهُمُ … وأنا وحدي هواكم سَمَري

انا والروضُ وأشباحُكُمُ … نتناجى تحتَ نُور القمر

هيَّجوا أوتارَهم وانبعثت … هِزّةُ الحب فهاجت وَتَري

نَفسَ للشعر في تقطيعه … أثرٌ من نَفَسِ المحتضَر

يا أحبايَ وما أصبرَكم … أحسَنُ الأحباب من لم يَصبِر

طال إسهابي وما أشوقَني … لكتابٍ منكُمُ مختصَر

كم أرى منتظراً وعدَكمُ … ثَقُلَ الوعدُ على المنتظِر

أنا إنْ عَدُّوا عليكم عثرة … قلت : أيُ الناس من لم يعثُر

وإذا ما قيل : ظلمٌ هجرهُم … قلتُ : لا لو زلةٌ لم أهجُر

يطمع القلب بسُلوانِكُمُ … فاذا حاوَلَه لم يقدِر

تعتريهِ هزَّةُ الشوقِ لكم … ومن القسوة أن لا تَعتري

أتُرى ريحَ الصبا يُثقلها … خبرٌ تحمله عن جَعفَر

عن أديبٍ جَمَعَتْ أنفاسُه … صنعةَ ” الفنِ ” وطبعَ ” العبقري “

أنا خاطرت بنفسي في الهوى … والهوى لذَّتهُ في الخَطَر

قد سَهِرْنا فوجدنا أنه … فوق طعم النوم طعمُ السَهَر

حب قلبي ذكركم تعويذةً … وأماناً من صروف القدر