اسْعَدْ بعيد أخي نُسْكٍ وإسلامٍ – ابن الرومي
اسْعَدْ بعيد أخي نُسْكٍ وإسلامٍ … وعيدِ لهوٍ طليق الوجهِ بسَّامِ
عيدان أضحى ونوروزٌ كأنهما … يومَا فعالِك من بؤسٍ وإنعامِ
من ناصحٍ بالذي تحيي النفوسَ به … وحائلٍ بين أرواحٍ وأجسامِ
كذاك يوماكَ يومٌ سيْبُهُ دِيَمٌ … على العُفاة ويومٌ سَيْفهُ دامي
لله أضحى ونيروزٌ لبستهما … على عفافٍ وجُودٍ غيرِ إلمام
أضْحتْ يمينُك في النَوْروز فائضة ً … بالمال لا الماء فيْضاً غيرَ إرهامِ
لَهَوْتَ فيه بجد النَّفح واجتَنَبتْ … دعابة َ النضح نفسٌ همُّها سامي
ثم انصرفْتَ إلى الأضحى وسُنَّته … فأي مِطعانِ لباتٍ ومِطعام
ألحمتنا الكُومَ فيه فألُ مارِقة ٍ … ستُلحمُ الطيرَ منها أيَّ إلحام
لازلت تنحر في أمثاله أبداً … شتَّى نحائرِ أعداء وأنعام
فمن لحامٍ تريباتٍ بلا وضم … إلا الثرى ولحام فوق أوضام
فِعْلَ امرىء غير ظَلاَّم لمُنصفِهِ … للظالمين وللأموالِ ظلاَّم
فكفُّهُ كفُّ تقبيلٍ يُفازُ به … ووجهُه وجهُ إجلالٍ وإكرام
كأنّه شمسُ إصحاء وحاشى له … من أن يُقاسَ إليه بدْرُ إعتام
فيه بشاشة وصّالٍ ورونقُهُ … وفيه إن راب ريبٌ حَدُّ صرّام
لا تَغتَر بحياء فيه من شرسٍ … فالماءُ في كُل عَضْبِ الغرب صَمْصام
وزيرُ سِلم وحَرْبٍ لا كفاءَ له … مازال حَمَّال أرماحٍ وأقلام
إذا ارتأى الرأي في خَطْبٍ أُتيحَ له … فيه السدادُ بفكرٍ أوبإلهام
فلم يَهِمْ بين إنكارٍ ومعرفة ٍ … ولم يخمِ بين إحجام وإقدام
خبِّرهُ بالداء واسأله بحيلته … تُخْبَرْ وتَسْلَ أخافهمٍ وإفهام
كم اشترى بكرى عينيه من سهرٍ … وباع في اللَّهِ لذَّاتٍ بآلام
للَّهِ مُطروه ما أضحّوا لأنفسِهم … ولا له يومَ زاروه بِلُوّام
آبوا بحظ بلا إثم وكم صدروا … عن آخرين بحرمان وآثام
مُطَلَّبٌ بعطايا ما يُنهنهها … عذْل العواذِل طَلاَّبٌ بأوغام
مُعاوِدٌ نَقْضَ أوتارٍ وآونة ً … مُعاودٌ عفوَ زلاّتٍ وأجرام
يُعْطى فينطق ذا الإفحام نائله … ويُفحم الفحل شِعرا أيّ إفحام
يغدو وقد حل عافوه بذي كرم … إدْلالُ سُؤَّاله إذلالُ غُرَّام
لابل ترى لهمُ فيما حوت يدُهُ … وهو المحكَّم فيه حُكمَ حكَّام
أخو سماح يمُتُّ الأبعدونَ به … حتى كأنّهمْ منَّوْا بأرْحام
مستأنسين ببشرٍ منه آنسهُم … من قبله بشرُ حُجابٍ وخدام
ما استام بالحمدِ مُستام فماكَسهُ … وهل يرُدُّ جوادٌ حُكْم مُسْتام
ترى له في المساعي جدَّ مجتهِدٍ … لم يكْفهِ كُلُّ كُرَّام لِكُرَّام
ولو يشاء كفاهُ أنَّه رَجُل … من بين أكرم أخوالٍ وأعمام
لكنْ أبى بوفاءٍ من تُراثِهُمُ … إلا نُشوراً لهم من بعد إرمام
تلقى أبا الصقر في الجُلَّى وحُجْزتُه … مَقْسومة ٌ بين أيدٍ خيرَ إقسام
من خائفٍ وهْنَ سُلطانٍ وذي عَوَزٍ … قد أعصما بالمرجَّى أيَّ إعصام
كلا الفريقين منه ثمَّ مُعْتصمٍ … بعُروة الأمنِ من خوفٍ وإعدام
دهرٌ نهى الدهر عن جيرانِ دولتِه … فأحرم الدهرُ فيها أيَّ إحرام
جانٍ على الناس حامٍ عُقرَ بيضتهم … لاتدم الطَّول من حانٍ ومن حامِ
تنافس الناسُ في أيام دولته … فما يبيعون أياماً بأعوام
لايبعد اللَّهُ أياما له جمعتْ … إلى سكونِ ليالٍ أُنسَ أيام
يفدي أبا الصقرِ قومٌ دون فديتِه … كأن مُدَّاحَهُم عُبَّادُ أصنام
ماهمَّ بالدينِ والدنيا فنالهُما … إلا قريعُكُم يا آل همَّام
رأيت أشرافَ خلقِ الله قد جُعلوا … للناس هاما وأنتم أعينُ الهام
أنتم نجومُ سماءٍ لا أُفول لها … وتلك أشرفُ من نيرانِ أعلام
ماينقض الدهرُ من حالٍ ويُبرمها … إلا بنقضٍ لكم فيه وإبرام
كم من غرامٍ يُلاقي المالُ بينكُم … من غارمٍ في سبيل المجد غنَّام
أقسمتُ بالله ما استيقظتُم لِخنا … ولا وُجدتم عن العليا بنوام
ضاهت صنائعُ أيديكم وقائعَها … فأصبحتً ذات إنجادٍ وإتهام
ماتفترُونَ عن التنفيسِ عن كظم … ولا تُفيقون عن أخذٍ بأكظام
مُسوّمين على جُردٍ مسومة ٍ … مثل القداحِ بأيدي غيرِ أبرام
خيلٌ إذا أُسرجت أو أُلجمت لكُم … ذلَّ العزيزُ لإسراجٍ وإلجام
حتى إذا حملتكُم في وشيجكُم … سارت هناك بآسادٍ وآجام
كأن قسطلها والزرقُ ناجمة ٌ … ليلٌ عليه سماءٌ ذاتُ إنجام
حتى إذا الزرقُ غابت في مطاعِنها … عادت هناك سماء ذات إثجام
وخافكُم كل شيءٍ فاكتسى نفقاً … كأنه في حشاهُ حرف إدغام
سُدتم بخفَّة ِ أقدامٍ مُسارعة … إلى الكرائه في رُجحان أحلامِ
وجود أيغد كأن الله أنشأها … من كلِّ غيث ضَحوكِ البرق زمزامِ
لاتعدموا بسط إيمانٍ مضمنة ٍ … ضرا ونفعا ولا تقديمَ أقدام
تغدون والمنعم المنعامُ منعمكم … ورُبَّ منعِم قوم غيرُ منعام
طالتْ على أناسِ أيديكم وماظلمتْ … ببارعِ الطول قمقامٍ لقمقام
فما اشتكى الفضلُ منكم لؤمَ مقدرة ٍ … ولاشكى العدلُ منكم جور أحكام
لكم لدى الحُكم إلزامٌ بحُجتكم … على الخصومِ وصفحٌ بعد إلزام
أضحى الكرامُ وإسماعيل بينهم … في كل حالٍ مُعلًّى بين أزلام
غاب الموفَّقُ واستكفاه غيبتَهُ … فلم يصادفه بين الذم والذام
مازال مذ سُدَّ ثغر الحادثات به … يرمي الفرائصَ منه أيُّما رامي
إذ لاتقحُّم في حين الأناة لهم … ولا أناة َ له في حين إقحام
ولا تهورَ فيه عند ملتزم … ولاتهيّبَ فيه عند إحجام
شادَ الأمورَ التي ولاه بنيتها … على قواعد إتقان وإحكام
برحب ذرعٍ وصدرٍ لم يزل بلداً … فيه ينابيعُ رأي غيرُ أسدام
تلك الينابيعُ مازالت موارِدُها … فيها سقامٌ وفيها برءُ أسقام
ونائم قال قد أدركتُ غايته … عفوا فقلت له أضغاث أحلام
دع عنك ما تتمنى لن ترى أبداً … سِفلاً كعُلو ولا خَلفا كقُدَّام
تلقى أبا الصقرِ ضرغاماً بشِكَّتِه … إذا تبسَّل ضِرغامٌ لضرغام
واجتبى الناس إلا أنه رجل … لايعرفُ الخاء بين الباء واللامِ
واسلمْ أبا الصقرِ للإسلام تمنعهُ … منعَ امرىء ٍ لا يرى إسلامَ إسلام
مازال معدنَ معروفٍ ومعرفة ٍ … له فوائدُ وهَّابٍ وعلام
أنت الذي غدهُ في اليوم منتظر … وخيرُ قابله المنظورُ في العام
قد كاد يحميكَ حمدَ الناسِ علمهُمُ … بأن جُودك عن وجدٍ وإغرام
يامُعمِلَ الجود قد أنضيت مركبة … نضا فأعقبه منه يومَ أجمام
وليبق جودك من جَدواك باقية ً … لخادم لك محقوقٍ بإخدام