إن تذعر الوحش من رأسي ولمته – الفرزدق

إنْ تُذعَرِ الوَحشُ مِنْ رَأسي وَلِمَّتِهِ … فَقَدْ أصِيدُ بها الغِزْلانَ وَالبَقَرَا

قُلتُ لمَوْتَى وَخُوصٍ إذْ وَقَعنَ بهمْ … يَصرِفْنَ جَهداً وَلم تَستَطعمِ الجِرَرَا

إنّ النّدى وَيدَ العَبّاسِ، فارْتَحِلوا، … مِثْلُ الفُراتِ إذا ما مَوْجُهُ زَخَرَا

إنْ تَبْلُغوهُ تَكونُوا مِثلَ مُنتَجِعٍ … غَيْثاً يَمُجّ ثَآهُ المَاءَ وَالزَّهَرَا

إلَيكَ أُرْحِلَتِ الأحقابُ وَاختَلَطتْ … بها الغُروضُ ولاقَى الأعيُنُ السَّهَرَا

وَما جَلَوْنَ لَنا عَيْناً، فَنُطْمِعَها … بالنّوْمِ إلاّ مَعَ الإصْباحِ إذْ حَشَرَا

إذْ وَقَعَتْ كوُقوعِ الطّيرِ وَانّجَدلَتْ … رُكبانُها حِينَ لاقَى الأزْرُعُ القَصَرَا

مِثْلَ الجَرَاثِيمِ مَوْتَى حينَ حَلّ بهم … طول السُّرَى ركبوا أعضادَها إنّ أبا الحَارِثِ العَبّاسَ نَائِلُهُ

مِثلُ السَّماكِ الذي لا يُخلِفُ المَطرَا … يَداهُ: هذي حَياً للناسِ يَعْصِمُهُمْ،

وَيَجْعَلُ الله في الأخرَى لهُ الظَّفَرَا … يا أكْرَمَ الناسِ إذْ هَزّوا عَوَاليَهُمْ،

وَأطْيَبَ النّاسِ عِندَ الخُبرِ مُعتَصَرَا … إني سَمِعْتُ بجَيْشٍ أنْتَ قَائِدُهُ،

وَوَقْعَةٍ رَفَعَتْ أيّامُهَا مُضَرَا … لمّا التَقَى الناسُ يَوْمَ البأسِ كنتَ لهمْ

ضَوْءاً وَمِرْدى حروبٍ يَهدِمُ الحجرَا … وَأنْتَ وَالناسُ يَوْمَ البأسِ قد علموا

كالنّارِ حِينَ أطارَ الجاحِمُ الشّرَرَا … وَلَوْ لَقِيتَ الّذي تُكْنى بكُنْيَتِهِ،

فاسطاعَ مِنكَ، أبا الأشبالِ، لا نجَحَرَا … يا ابنَ الخَلائِفِ إنّ الخيل قد علمتْ

إذا أثَارَتْ على أبْطالِهَا القَتَرَا … أنّكَ أوّلُهُمْ طَعْناً، وَأعْطَفُهُمْ

وَرَاءَ مُرْهَقِ أُخْرَاهُمْ إذا جأرَا … وَصَابِرٍ بِكَ لَوْلا ما رَأى صَنَعَتْ

يَداكَ بِالخَيْلِ وَالأبْطالِ ما صَبَرَا … إنّ الوَلِيدَ أبَا العَبّاسِ أوْرَثَهُ

مِنَ المَكارِمِ مِنها الرُّجّحُ الكُبَرَا … وَجَفْنَةً مِثلَ حَوْضِ البِئرِ مُترَعَةً

تطْرُدُ عَمّنْ أتاهَا الجُوعَ وَالخَصَرَا … جَوْفاء، شِيزِيّةً، مَلأى، مُكَلَّلةً

مِنَ السّنامِ تَرَى مِنْ حَوْلها عَكَرَا … مِنَ الرِّجالِ وَأيْفاعٍ قَدِ احتُمِلُوا

مُؤزَّرِينَ، وَمِثلَ البَهْمِ ما اتّزَرَا … كِلاهُما مُشْبَعً، رَيّانُ وَارِدُهُ،

الأيِّبُونَ إلَيْهَا وَالّذِي بَكَرَا … إنّ النّدى صَاحِبَ العبّاسِ حَالَفَهُ

وَالجودَ هُمْ إخوَةٌ قد أغرَقوا البَشَرَا … حَثْياً بِأيْدِيهِمِ المَعْرُوفَ نَائِلُهُ،

تَفْتُرُ عَنْهُ الصَّبَا وَالجُودُ ما فَتَرَا … إنّا أتَيْنَاكَ إذْ حَلّتْ بِسَاحَتِنَا

مِنَ السّنينَ عَضُوضٌ تَفْلِقُ الحجرَا … مُنتَجعيكَ انْتِجاع الغيْثِ إذْ وَقَعَتْ

أشْرَاطُهُ بحَياً يُحْيي بِهِ الشَّجرَا … إنّا وَإيّاكَ كالدَّلْوِ التي وَقَعَتْ

عَلى يَدَيْ مائِحٍ بالحَمدِ ما شَعَرَا … مِنْ مَاتِحٍ لمْ يَجِدْ دَلْواً فُيورِدَها

عَلَيهِ إلاّ مِنَ الحَمدِ الذي ظَهَرَا … يا ابنَ الوَليدِ ألَيسَ النّاسُ قد عَلموا

أنّكَ وَالسّيْفَ إسْلامٌ لمَنْ كَفَرَا … مِنْ نَازِعٍ طاعَةً حَتى تَكُونَ لَهُ

بَعْدَ العَمَى مِنْ فُؤادٍ ناكِثٍ بصرَا … لأمْدَحَنّكَ مَدْحاً لا يُوَازِنُهُ

مَدْحٌ إذا أنشَدَ الرّاوِي به هَدَرَا … وَالقَوْمُ لَوْ بادَرُوكَ المَجْدَ لاعترَفوا

عَلَيْهمُ في يَدَيكَ الشّمسَ وَالقَمَرَا … ما اقتَسَمَ الناسُ مِنْ مِيرَاثِ مُقتَسَمٍ

عِندَ التُّرَاثِ إذا في قَبْرِهِ انْحَدَرَا … مِثْلَ تُرَاثِ أبي العَبّاسِ أوْرَثَهُ

مِنَ الطِّعانِ وَبَينَ الأعيُنِ الغُرَرَا … وَالعَبْطُ للنِّيبِ حَتى لا تَهُبّ لهَا

رِيحٌ، وَيَقْتُلُ بِالمَأدُومَةِ القِرَرَا … يا ابنَ السّوَابقِ إنْ مدّوا إلى حَسَبٍ

وَالأعْظَمِينَ إذا ما خاطَرُوا خَطَرَا … وَالغابِقِينَ مِنَ المَحْضَينِ جارَتَهُمْ

والزّائِديها إلى اسْتِحْيائِهَا خَفَرَا … وَلَيْسَ مُتْبِعَ مَعْرُوفٍ تَنُولُ بِهِ