إن بلالا إن تلاقيه سالما – الفرزدق

إنّ بِلالاً إنْ تُلاقِيهِ سَالِماً … كَفاكِ الذي تَخشَينَ من كلّ جانبِ

أبُوهُ أبُو مُوسَى خَلِيلُ مُحَمّدٍ، … وكَفّاهُ غَيْثٌ مُستَهِلُّ الأهاضِبِ

إلَيْكَ رَحَلْتُ العَنْسَ حتى أنَختُها … إلَيْكَ وَقد أعْيَتْ على كلّ ذاهبِ

وَقَدْ خَبَطَتْ رَحْلي عَلَيها مَطِيّتي … إلَيْكَ ولَمْ تَعلَقْ قَلوصي بصَاحِبِ

فَقُلْتُ لها: زُورِي بِلالاً، فإنّهُ … إلَيْهِ انْتَهَى، فأتِيهِ بي، كُلُّ رَاغِبِ

لَئِنْ خَبَطَتْ نَعْلاً يَداها من الوَجا … إلى خَيرِ مَطْلُوبٍ مُناخاً لِرَاكِبِ

إلى ابنِ أبي مُوسَى الذي سَجَدَتْ لَهُ … جُنُوحاً على الأيدي مُلُوكُ المَرَازِبِ

فَما أنَا بالمُخْتَارِ غَيرَكَ للقِرَى، … ولا لِمُناخِ اليَعْمَلاتِ النّجائِبِ

تُقَاتِلُ، لَمّا حُلّ عَنْهَا رِحَالُهَا، … بِأفْوَاهِهَا الغِرْبَانَ من كلّ جانِبِ

رَأيْتُ بِلالاً يَشْتَرِي كُلَّ سُورَةٍ … مِنَ المَجْدِ بالغُلْيَا على كُلّ طالِبِ

نَمَاهُ أبُو مُوسَى أبُوهُ إلى الّتي … يَنَالُ بهَا الرّاقي نُجُومَ الكَوَاكِبِ

يَقُولُونَ: إنّا قد كَفيناكَ، فارْتحِلْ … كَذَاكَ اللّيَالي دائِرَاتُ النّوَائبِ

تَدارَكَهُ لي، بَعْدَمَا أشْرَفَتْ بِهِ … علىَ الهُوَّةِ الغَبْراءِ زُورُ المَنَاكِبِ

دحُولٍ مِنَ الَّلاتي إذا ما ارتمت بِهِ … يَرَى أنّهُ مِنْ قَعرِها غَيرُ آيِبِ