إن التي نظرت إليك بفادر – الفرزدق
إنّ التي نَظَرَتْ إلَيْكَ بِفَادِرٍ … نَظَرَتْ إلَيكَ بمِثْلِ عَيْنَيْ جُؤذُرِ
وَسْنَانَ نَامَ، فَأيْقَظَتْهُ أُمُّهُ … لِفُوَاقِ رَاعِيَةٍ بِعَهْدٍ مُقْفِرِ
لا مِثْلَ يَوْمِكَ يَوْمَ حَوْمَل إذ أتى … يَوْمٌ يُفَرِّجُ غَيْمُهُ لَمْ يَمْطُرِ
وَإذا الوَلِيدُ بَلَغْتِهِ بي، فَاشْرَبي … طَرَفَ السِّنَانِ على وَتِينِ المَنْحَرِ
إيّاهُ كُنْتُ أرَدْتُ، إنْ بَلّغْتِني … يَوْمَ ارْتَحَلْتُ من العِرَاقِ الأزْوَرِ
يا خَيْرَ مَنْ رَفَعتْ إلَيْهِ مَطِيّةٌ … بِمُطَرِّدٍ جَهَدَ المَطِيّةَ مُضْمَرِ
كَمْ أدْلجَتْ بي سَخْوَةٌ من لَيْلَةٍ … شَهباءَ، أوْ سَمِعَتْ زَئيرَ المُخْدِرِ
قَلِقَتْ إذا اضْطَرَبَتْ بها أنْساعُها، … قَلَقَ المَحَالَةِ فَوْقَ مَتْنِ المِحْوَرِ
وَتَظَلّ تَحْسِبُ ظِلَّهَا شَيْطانَةً، … وَتُخالُ نَافِرَةً، وَإنْ لَمْ تَنْفِرِ
خَرْقَاءُ، خالَطَ أُمَّهَا مِنْ عَوْهَجٍ، … والأرْحَبِيّةِ ضَرْبُهَا وَالأدْعَرِ
لا تَسْتَطيعُ عصا الغُلامِ، وَإنْ سعى، … مَسّاً لِسَاقِ وَظِيفِهَا المُصْعَنْفِرِ
إنّ الوَليدَ وليُّ عَهْدِ مُحَمّدٍ … كُلَّ المَكَارِمِ بِالمَكَارِمِ يَشْترِي
لا تَطْلُبي بي غَيْرَهُ مِمّنْ مَشَى، … إنْ أنْتِ، ناقَ، لَقِيتِهِ بالقَرْقَرِ
سِيرِي أمَامَكِ إنّهَا قَدْ مُكّنَتْ … لِيَدَيْهِ رَاحِلَةُ الإمَامِ الأكْبَرِ
وَرِثَ الخِلافَةَ، سَبْعَةً، آبَاءَهُ … عَمِرُوا، وَكُلّهُمُ لأعْلى المِنْبَرِ
رَبٌّ، عَلَيْهِ يَظَلّ يَخْطُبُ قائِماً … للنّاسِ يَشْدَخُهُمْ بِمُلْكٍ قَسْوَرِ
وَرِثُوا مَشُورَتَهَا لِعُثْمَانَ الّتي … كَانَتْ تُرَاثَ نَبِيِّنَا المُتَخَيَّرِ
وَعِمَادُ بَيْتِكَ في قُرَيْش رُكّبَتْ … في الأكْرَمِينَ وَفي العَديدِ الأكْثَرِ
لا شَيْءَ مِثْلُ يَدَيْكَ خَيْرٌ مِنْهُما … حَيْثُ التَقَتْ بيَدَيكَ فَيضُ الأبحُرِ
فَتَرَ الرّياحُ عَنِ الوَليدِ، إذا غَدَتْ … مَعَهُ، وَفَيْضُ يَمِينِهِ لمْ يَفْتُرِ
مَنْ يَأتِ رَابِيَةَ الوَلِيدِ وَدِفْأَها … مِنْ خَائِفٍ لجَرِيرَةٍ لا يُضْرَرِ
ألوَاهِبُ المائَة المَخاضَ وَعَبْدَها … للمُجتَديهِ، وَذُو الجَنابِ الأخْضَرِ
فَفَدَاكَ كُلُّ مُجَاوِرٍ جِيرَانُهُ … وَرَدُوا بِذِمّةِ حَبْلِهِ لَمْ يُصْدِرِ
حَرْبٌ وَيُوسُفُ أفْرَغَا في حَوْضِهِ، … وَأبُو الوَليدِ بخَيرِ حَوْضَيْ مُقْتِرِ
حَوْضَا أبي الحَكَمِ اللّذانِ لِعِيصِهِ … والمُتْرَعانِ مِنَ الفُرَاتِ الأكْدَرِ
إنّ الّذِينَ على ابنِ عَفّانٍ بَغَوْا … لَمْ يَحْقُنُوها في السّقاءِ الأوْفَرِ
قُتِلُوا بِكُلّ ثَنِيّةٍ وَمَدِينَةٍ … صَبْراً، وَمَيْتُ ضَرِيبَةٍ لمْ يُصْبَرِ
وَالنّاسُ يَعْلَمُ أنّنَا أرْبَابُهُمْ، … يَوْمَ التقَى حُجّاجُهُمْ بالمَشْعَرِ
وَتَرَى لَهُمْ بِمنىً بُيُوتَ أعِزّةٍ … رَفَعَتْ جَوانِبَها صُقُوبُ العَرْعَرِ
يَقِفُونَ يَنْتَظِرُونَ خَلْفَ ظُهُورِنا … حَتى نَمِيلَ بِعارِضٍ مُثْعنْجِرِ
مُتٍغطْرِفينَ، وَخِندِفٌ من حَوْلهِمْ … كاللّيلِ، إذْ جاءَتْ بِعِزٍّ قَسْوَرِ