إليك أبان بن الوليد تغلغلت – الفرزدق
إليْكَ، أبَانَ بنَ الوَلِيدِ، تَغَلْغَلَتْ … صَحِيفَتِيَ المُهْدَى إلَيْكَ كِتابُهَا
وَأنْتَ امْرُؤٌ نُبّئْتُ أنّكَ تَشْتَرِي … مَكَارِمَ، وَهّابُ الرّجَالِ يَهابُهَا
بإعطائكَ البِيضَ الكَوَاعِبَ كالدُّمى … مَعَ الأعْوجِيّاتِ الكِرَام عِرَابُها
وَشَهْبَاءَ تُعشي النّاظرِينَ إذا التَقَتْ … تَرَى بَينَها الأبطال تَهْفُو عُقابُها
وَسَلّةِ سَيْفٍ قَدْ رَفَعْتَ بها يَداً … عَلى بَطَلٍ في الحَرْبِ قَد فُلّ نابُها
رَأيْتُ أبَانَ بنَ الوَلِيدِ نَمَتْ بِهِ … إلى حَيْثُ يَعْلُو في السّمَاءِ سحابُها
رَأيْتُ أُمُورَ النّاسِ باليَمَنِ التَقَتْ … إلَيكُمْ بأيْديها، عُرَاهَا وَبابُها
وَكُنْتُمْ لِهَذا النّاسِ حِينَ أتاهُمُ … رَسُولُ هُدى الآيات ذَلّتْ رِقَابُها
لَكُمْ أنّها في الجاهليّةِ دَوّخَتْ … لَكُمْ مِن ذُرَاها كلَّ قَرْمٍ صِعابُها
أخَذتُمْ على الأقْوَامِ ثِنْتَينِ أنّكُمْ … مُلُوكٌ، وَأنْتُمْ في العَديدِ تُرَابُها
وَجَدْتُ لَكُمْ عَادِيّةً فَضَلَتْ بها … مُلُوكٌ لَكُمْ، لا يُستطاعُ خطابُها
فَما أحْي لا تَنفَكُّ مِنّي قَصِيدَةٌ … إلَيْكَ، بها تَأتِيكَ مِنّي رِكابُها
فَدُونَكَ دَلْوِي يا أبَانُ، فَإنّهُ … سَيُرْوِي كَثِيراً مِلْؤها وَقُرَابُها
رَحِيبَةُ أفْواهِ المَزَادِ سَجيلَةٌ، … ثَقِيلٌ على أيْدي السُّقَاةِ ذِنَابُها
أعنّي، أبَانَ، بنَ الوَلِيدِ، بِدَفْقَةٍ … مِنَ النّيلِ أوْ كَفّيْكَ يجري عُبابُها