إذا كان صبريَ للعاجلِ – ابن الرومي
إذا كان صبريَ للعاجلِ … مُلاوة َ صبريَ للآجلِ
فما ليَ أتركُ مالا يزولُ … وأعملُ للعَرضِ الزائلِ
أأصبرُ هذا المدى كُلَّه … لغير رغيبٍ ولاطائلِ
ويعجُزني صبرُ أضعافِه … لما دونَه أمَلُ الآملِ
شهدْتُ إذاً أنني مائقٌ … وأنْ لستُ بالرجلِ العاقلِ
يُباعُ النفيسُ بما دونَهُ … لإيثار مستسلفٍ عاجلِ
فما عُذرُ مَنْ باع أسنى الحظو … ظِ بالوَكْسِ من مُوكِس ماطل
أأتركُ آخرتي ضَلة ً … وأخدُم دنيايَ بالباطل
وأُسخطُ ربّي وأُرضي العبا … دَ بغيرِ ثوابٍ ولانائلِ
شهدتُ إذاً أنني جاهلٌ … بحظّي وزدتُ على الجاهِل
أبا أحمدٍ طال هذا المطا … لُ وَحَسْبُك بالدهر من غائل
فأنجِزْ عِداتك أو أعطني … أماناً من الحَدَثِ النازل
تذكَّر فكم ليَ من مِدحة ٍ … تركَّضتُ في ذَيْلها الذائل
وكائنْ كسوتُكَ من حُلة ٍ … مشيتَ بها مِشية َ الرافل
وكم لك من بارقٍ خُلَّبٍ … كذوبٍ ومن عِدة ٍ حائل
يُحصَّلُ في الزّق نفخُ اليرا … عِ وما لِعدانك من حاصل
ولو لم تكنْ عُقُماً عُقَّراً … لقد جاوزتْ مدّة َ الحاملِ
منحتُك مدحي فلم تجزهِ … ألا ضلّ سعْيَ من عاملَ
كأني في كلّ ما قُلتُهُ … زَرَعتُ حصا في صفا صامل
رجعتُ إلى فضلِ مَنْ فضْلُهُ … على الإنس والجنّ والخابل
دفعْتُ لساني إلى صيْقلٍ … وأسلمتُ عِرضي إلى غاسل
وكم كنتُ نبَّهتُ من خاملٍ … وكم كنتُ حلَّيتُ من عاطل
فلو كنتُ أعشقُ جدوى يدي … كَ لحان ذهولي مع الذَّاهلِ
إذا مدحَ المادحُ الناقصي … نَ ذكَّرهُم فوزَة َ الفاضلِ
فأهدى لهم مِدحة ً حسْرة ً … لتقصيرهِم عن مَدى الكاملِ