إذا المرء لم ينصف بقدر جهاده ده – جبران خليل جبران
إذا المرء لم ينصف بقدر جهاده ده … فإن له فضلا بقدر اجتهاده
توخ عظيمات المنى وانح نحوها … برأي يضيء الدهر وري زناده
وثابر تصب فوزا فما الفوز للفتى … بإسرافه في الجهد بل باقتصاده
بنا حاجة النسر المهيض جناجه … إلى جوه العالي ورحب مراده
أيرقى إلى أوج الكمال مصعد … ويعدوه دون الوج نقصان زاده
يقال الرضى بعض الغنى قلت كله … ولكن لجسم المرء لا لفؤاده
نفينا من الأنغام ما ليس مفضيا … إلى ذل من يهوى ومنح قياده
جعلنا جميع اللحن شجوا وأنه … لدل حبيب معرض أو عناده
ولا عيد إلا للأسى في قلوبنا … أما مله قلب لفرط اعتياده
سكارى يكاد الصوت يوقر هامنا … إذا ما علا عن رتبة في انطياده
ألا طرب يا قوم في جأر مغضب … لأمته أو عرضه أو وداده
ألا طرب والجيش يحدوه معزف … شديد الوغى يوري اللظى في جماده
ألا طرب والبحر في ثورانه … يصور إيقاع جلال امتداده
ألا طرب والنهر تهوي سيوله … إلى قاعه مصطكه بصلاده
ألا طرب والقفر كالقبر ساكن … لناء شجته حمحمات جواده
ألا يوم مشهود ألا فوز حافل … ألا رهط يعلو صوته باتحاده
أما للفتى قول كبير لنده … ولا صيحة في فخره واعتداده
الا رعد هداد ألا برق خاطف … ألاعارض تجري الربى في اشتداده
ألا نغم إلا إذا حيت الصبا … غريب حمى طالت ليالي بعاده
تصوغ أقل اللحن دون أجله … ونهوى انتقاص الفن دون ازدياده
ولا وصف إلا أن يمثل حالة … من النفس لم تبلغ بديهة باده
لها لمعان النصل بين استلاله … إلى وشك أن يعرى وبين اغتماده
نحب من الإنشاد كل مكرر … بلحن جمود الفكر من مستفاده
وتنبو بنا الآذان عن مستجده … فكل عتيق فهو من مستجاده
ومهما يعد في صيغة بعد صيغة … مقاربة لم نشك من مستعاده
بنا حاجة النسر المهيض جناحه … إلى جوه العالي ورحب مراده
أيرقى إلىأ وج الكمال مصعد … ويعدوه دون الوج نقصان زاده
بني وطني إن نلتمس لرقينا … عتادا فهذا الفن بعض عتاده
إذا نحن أحكمناه أعلى همومنا … وأنجى سوادا هالكا من سؤاده
وحرر قوما صاغرين فردهم … كبار المساعي والمنى والمشاده
متى يغد منا الجيش يستقبل الردى … ويسمع مسرورا نشيد بلاده