أَحيثُ تَلوحُ المُنى تأْفلُ؟ – أحمد شوقي
أَحيثُ تَلوحُ المُنى تأْفلُ؟ … كفى عظة ً أيها المنزلُ؟
حكيْتَ الحياة وحالاتِها … فهلاَّ تخطَّيْتَ ما تنقل؟
أَمِن جنْحِ ليلٍ إلى فجرِه … حمّى يزدهي، وحمى يعطل؟
وذلك يوحش من ربة ٍ … وذلك من ربة ٍ يأهل؟
أجاب النعيُّ لديكَ البشيرَ … وذاقَ بكأسيهما المحفل
وأطرق بينهما والدٌ … أَخو ترْحَة ٍ، ليلُه أَلْيَل
يفىء ُ إلى العقل في أمره … ولكِنَّهُ القلبُ، لا يعقِل
تهاوت عن الوردِ أَغصانُه … وطارَ عن البيضة البلبل
وراحت حياة ٌ، وجاءت حياة ٌ … وأَظهرَ قدرتَه المُبْدِل
وما غيرُ منْ قد أتى مدبرٌ … ولا غيرُ منْ قد مضى مقبل
كأني بسامي هلوعُ الفؤادِ … إذا أَسمعَتْ همْسة ٌ يَعجَل
يرى قدراً يأملُ اللطفَ فيه … وعادي الردى دون ما يأمل
يُضيءُ لضِيفانه بِشْرُه … وبين الضلوعِ الغَضَى المُشْعَل
ويَقْرِيهُمُ الأُنَس في منزلٍ … ويجمعهُ والأسى منزل
… إلى غادة ٍ داؤها معضل
وذي في نفاستِهَا تَنطوي … وذي في نفائسها تَرفُل
تَقسَّمَ بينهما قلبُه … وخانته عيناه والأرجل
فيا نكدَ الحرِّ، هل تنقضي؟ … ويا فرح الحرِّ، هل تَكْمُل؟
ويا صبر سامي، بلغتَ المدى … ويا قلبه السهلَ، كم تحمل؟
لقد زدتَ من رقة ٍ كالصراط … ودون صَلابتِكَ الجَنْدَل
يَمرّ عليك خليطُ الخُطوب … ويجتازك الخفُّ والمثقل
ويا رجل الحِلْمِ، خُذ بالرضى … فذلك من متقٍ أجمل
أتحسب شهدا إناءً الزمانِ … وطينتُه الصابُ والحَنْظَل؟
وما كان مِن مُرِّهِ يَعتلي … وما كان مِن حُلوهِ يسْفل
وأَنت الذي شربَ المترَعاتِ … فأَيُّ البواقي به تَحفِل؟
أَفي ذا الجلالِ، وفي ذا الوقارِ … تُخِيفُك ضَراءُ أَو تُذهِل؟
أَلم تكن الملْكَ في عزِّه … وباعُك من باعه أَطْوَل؟
وقولك من فوق قولِ الرجالِ … وفعلك من فعلهم أنبل؟
ستعرفُ دنياك من ساومتْ … وأن وقارك لا يبذل
كأنك شمشون لهذي الحياة ِ … وكلُّ حوادثها هيكل