أولى لها أن يرعوي نفارها – مهيار الديلمي

أولى لها أن يرعوي نفارها … وأنْ يقرَّ بالهوى قراراها

وأن ترى ميسورة ٌ خبطاتها … منْ مرجٍ منشوطة ً أسيارها

ترعى وتروى ما ضفا وما صفا … وللرَّعاة ِ بعدها أسآرها

حتى تروحَ ضخمة ً جنوبها … بخصبها شاكرة ًأوبارها

وكيفَ لا وماءُ سلع ماؤها … مقلوَّة ً والعلمانِ دارها

ودونها منْ أسلاتِ عامرٍ … جمرة ُ حربٍ لا تبوخُ نارها

وذمّة ٌ مرعيَّة ٌ أسندها … إلى حفاظِ غالبٍ نزارها

لا شلها مما تطورُ همَّة ٌ … لطاردٍ فيهِ ولا عوَّارها

كأنَّها بينَ بيوتِ قومها … نواظرٌ تمنعها أشفارها

نعمْ سقى اللهُ بيوتاً بالحمى … مسدلة ً على الدُّمى أستارها

وأوجهاً يشفُّ منْ ألوانها … عنصرها الكريمُ أو نجارها

سواهماً ما ضرَّها شحوبها … ومنْ صفاتِ حسنها استمرارها

لمْ أرَ ليلاً في الحياة ِ أبيضاً … إلاَّ بأنَّ تطلعَ لي أقمارها

كمْ زورة ٍ على الغضا تأذنُ لي … فيها بيوتٌ لمْ تصلْ زوَّارها

وليلة ٍ سامحني رقيبها … عمداً وأخلى مجلسي سمَّارها

فبتُّ أجني ثمرَ الوصلِ بها … منْ شجراتٍ حلوة ٍ ثمارها

وخلوة ٍ كثيرة ٍ لذاتها … قليلة ٍ على الصِّبا أوزارها

لم يتوصَّمني بريبٍ سرُّها … صوناً ولمْ يقدرْ عليَّ عارها

وأمُّ خشفٍ طيبٍ حديثها … بينَ الوشاة ِ طاهرٍ إزارها

باتتْ تعاطيني على شرطِ المنى … نخبة َ كأسٍ ريقها عقارها

سكرى وفي لثاتها جمَّارهاال … سَّاقي وعطرى نشرها عطَّارها

يعرفني بينَ البيوتِ ليلها … بمبسمٍ ينكرهُ نهارها

الحبُّ لا تملكني فحشاؤهُ ال … قصوى ولا يسمعني أمَّارها

وطرقُ العلياءِ لا تعجزني … سعياً ولا توحشني أخطارها

وقولة ٍ لا ترتقى هضبتها … ولا تخاضُ غزراً غمارها

عوصاءَ للألسنِ عنْ طريقها … تعتعة ُ الزَّالقِ أو عثارها

كنتُ إلى الفضلِ أبا عذرتها … وللرِّجالِ القالة ِ اعتذارها

قمتُ بها تمدَّني من خلفها … دافعة ٌ ما كسعتْ أعيارها

كأنَّني منْ فضلِ إيمانِ بني … عبد الرَّحيمِ واقفاً أمتارها

أرسلتها محكمة ً سيَّارة ً … لا لغوها منها ولا عوارها

وكيفَ لا وإنَّما آثارهمْ … قصَّتْ وعنهمْ رويتْ أخبارها

سقى الحيا ذكرَ ملوكٍ كلَّما … ماتَ النَّدى أنشرهُ تذكارها

وزادَ عزِّاً أنفساً تحلقتْ … فوقَ السُّها وما انتهتْ أقدارها

تزدادحرصاً كلَّما زادتْ ندى ً … ترى المعالي أنَّهُ قصَّارها

وإنْ قستْ أيدي الغمامِ والتوتْ … فقيلَ في يمينها يسارها

فعضدُ اللهُ أكفَّاً سبطة ً … تفدى ببوعِ غيرها أشبارها

ما ضرَّ أرضاً تستميحُ صوبها … أنَّ السَّماءَ لحزتْ أمطارها

دوحة ُ مجدٍ بسقتْ غصونها … منْ حيثُ طابَ وزكى قرارها

شقَّ لها في فارسٍ إماؤها … حرَّ التُّرابِ وهمْ أحرارها

مطعمة ٌ مورقة ٌ لا ظلَّها … يضوى ولا يغبُّكَ استثمارها

كلُّ زمانِ عامها ربيعها … لا جدبُ شهباءَ ولا إعصارها

وحسبها أنَّ الوزيرَ فلقٌ … أبلجٌ ممَّا قدحتْ أنوارها

شُجِّرَ منها وهو حكمُ العلا … قطبٌ على سعودهِ مدارها

ما برحتْ يبعثها استعلاؤها … على عضاهِ المجدِ واشتهارها

كأنَّها كانتْ ترى مذ بدأتْ … أنَّ إليهِ ينتهي فخارها

وللمعالي في القتى إمارة ٌ … واضحة ٌ منْ قبلها منارها

إلى عميدِ الدَّولة ِ اشتطَّتْ بنا … موائرٌ لا تقتفى آثارها

تنشرُ منْ أخفافها أجنحة ٌ … وخيدها على الثَّرى مطارها

كلُّ طريقٍ نفضتْ إلى العلا … فهي وإنْ تطاولتْ مضمارها

لا تتوقَّى شوكة َ الأرضِ ولو … ذابَ على حرِّ الظِّرابِ رارها

تسفرُ في الحاجاتِ وهي عدَّة ٌ … على بلوغِ ما ابتغى سفَّارها

تدلهً في الشُّبهاتِ سرجٌ … هنَّ على جرحِ الفلا مسبارها

لا تعرفُ الغذرَ على غضِّ السُّرى … إذا المطايا عذرتْ أبصارها

تمضي حنايا ذبُّلاً شخوصها … سهامها تنفضُ أو أوتارها

حتى إذا شرعنَ في حياضهِ … خالفَ منْ غيرادها إصدارها

تلقاهُ خفَّاً فإذا تروَّحتْ … فكالهضابِ فوقها أوقارها

يصوِّتُ الجودُ بها إلا كذا … عنِ الملوكِ فليعدْ زوَّارها

على نداكَ شرفُ الدينِ ربتْ … فصالها وبزلتْ بكارها

وعندكَ الفاسحُ منْ أعطانها … والأمنُ إنْ أرهقها حذارها

موسمُ فضلٍ لا تبورُ سوقهُ … ودارُ عزٍّ لا يزلُّ جارها

وأعطياتٌ وحلومٌ عجبتْ … منها جبالُ الأرضِ أو بحارها

قدْ درتْ الدُّنيا على جهلاتها … أنَّكَ خيرُ منْ حوتْ أقطارها

الكوكبُ المفردُ منْ أبنائها … إنْ خيَّرتْ لمْ يعدكَ اختيارها

تكثَّرتْ بواحدٍ منكَ كما … قللَّها منَ الورى إكثارها

وأيقنتْ دولة ُ آلِ باسلٍ … أنَّكَ يومَ بطشها جبَّارها

وأنَّ ما تنظمُ من تدبيرها … مريرة ٌ لغيركَ انتسارها

إذا قربتَ خافها أعداؤها … وإنْ نأيتَ خافها أنصارها

غادرتها منذُ اعتزلتَ بينها … لها نبوُّ العينِ وازورارها

يلاثُ قبحاً لا عفافاً وتقى ً … على صفاحِ وجهها خمارها

مطروحة ً للضَّيمِ لا يمنعها … قنا المحامينَ ولا شفارها

تمدُّ للخطبِ يداً مقبوضة ً … لا سيفها فيها ولا سوارها

واجتمعتْ على تنافي بينها ال … أهواءُ فيكَ واستوتْ أقدارها

واعترفتْ لكَ العدا اعترافنا … بالحقِّ إذ لمْ يغنها إنكارها

وآمنتْ انَّكَ فينا آية ً … باقية ٌ وحسنُ استبصارها

ولو رأتْ وجهَ الجحودِ جحدتْ … وإنَّما ضرورة ٌ أقرارها

يا منْ بهِ استحليتُ طعمَ عيشتي … من بعدِ ما قضَّ فمي إمرارها

وردَّ أيَّامي على إصرارها … منيبة ً يخجلني أعتذارها

ومنْ تحرَّمتُ بهِ فلمْ يضعْ … ذمامُ آمالي ولا ذمارها

في كلِّ يومٍ نعمة ٌ غريبة ٌ … أوهبها كأنَّني أعارها

تأتي وما أنصبني تطاولٌ … لها ولا عذَّبني انتظارها

محلَّياً منْ عطلي لبوسها … وراقعاً منْ خللي نضارها

أقربُ ما يكونُ مني وصلها … إذا نأتْ أو بعدتْ ديارها

فما يضرُّ حسنَ حظِّي منكمُ … تصاعدُ العيسِ ولا انحدارها

لكنَّ شوقاً حرَّهُ في أضلعي … جناية ٌ لا يملكُ اغتفارها

ولوعة ٌ إذا تنفستُ لها … عنْ كبدي حرَّقني أوارها

فهلْ لهذا الدَّاءِ منْ راقية ٍ … ينفثُ في عقدتهِ سحَّارها

أمْ هلْ يكونُ منْ لطيفِ برِّكمْ … زيارة ٌ تقضى بكمْ أوطارها

وإنَّها على النَّوى لآية ٌ … معجزة ٌ عندكمْ احتقارها

لا قلِّصتْ عنكمْ ظلالَ ملككمْ … نوائبُ الدَّهرِ ولا أقدارها

ولا أحالَ منْ قشيبِ عزِّكمْ … مرورُ أيَّامٍ ولا تكرارها

وحالفتكمْ نعمة ٌ صحيحة ٌ … عهودها طويلة ٌ أعمارها

وخمَّرتْ أوجهها عن غيركمْ … دولة ُ دنيا لكمْ أسفارها

عمنْ يعادي مجدكمْ زوالها … وعندكمْ برغمهِ استقرارها

وسائراتٌ بالثَّناءِ لا يرى … مستعفياً منْ دأبٍ سيَّارها

لا تخلقُ الظَّلماءُ في بسطتها … قبضاً كأنَّ ليلها نهارها

تطوى الفيافي لا خفاراتِ لها … إلاَّ الذي تضمنهُ أسطارها

تشتاقها الأرضُ وبعدُ لمْ تصلْ … لأنَّها تسبقها أخبارها

يخالها النَّادي إذا اجتازتْ بهِ … لطيمة ً مرَّ بها عطَّارها

تحملُ آثاماً بمدحِ غيركمْ … حتى تحطَّ بكمْ أوزارها

تهدي لكَ الأعيادُ منها طرفا … جواهراً تحتَ فمي بحارها

بما توحدتُ بهِ لمْ تفترعْ … لا عونها قبلُ ولا إبكارها

ودَّتْ تميمُ وفحولُ وائلٍ … منْ قبلها لو أنَّها أشعارها