أهي الوحشة , أم قوس قزح أم سلاسل سارا – محمد القيسي

1

عقد قرآن على غزالة :

نهار هادىء يتدفق عذوبة

ومطر خفيف

فلماذا ازدحم بالأسئلة

هذه الفاكهة العسيرة

يعزف البحر على ضلوع خضراء وسوداء

أناشيد منسيّة من زمن الإشتباك

وأغنية يانعة

لرجل وحيد

يعبر ساطعا كنجمة صبح

بلا عروس ولا ضوء

وعلى الأشياء ،

يوزّع عزلته ذات الثياب الرماديّة

ويزدحم بالأسئلة

مطر خفيف وأنا عازب والمساء

قابل للأغاني

ولكنّ جدتي

عقدت قراني على غزالة بريّة

وأمّي بنقائها الفطريّ

بنت بيت عرسي

أما شقيقاتي فقد نسجن ثوب الزفاف

وجمّلنه بالخطّ العربيّ

أيها المساء الكستنائيّ

أنا عازب ، وغزالتي بعيدة

وأطفالي عديدون

وأريد بعد قليل :

أن أستحمّ في الصحراء

أن أسكن الرمل والندى

وأن أستبرد بالسعف العليل

هكذا آخذ راحتي

مستندا على تراث من الورد والصقيع

وأتكلم مع سارا

2

انطفاءات :

في معجم البلدان

يقرأ أسماء حبيبته الحسنى

يا حادي العيس أهجت الركبان

يا والدتي قرّي عينا

أمام جلال حزني

ما رأيت مدينة وبحرا

يتخاصران بمثل هذا الهياج

ويتحاوران بلغة نافذة كالقطيعة

أمام جلال حزني

ما رأيت مدينة وبحرا

يتخاصران أو يتراشقان كاليأس

فهل للمساء دخل في ذلك

أم أنّني السفينة المهجورة

مطر خفيف

ولم استقل بعد من وظيفة الحلم

ولا تخلّيت عن هودجي

أو حدود البادية

فأي معنى لحمامة بلا هديل

أو قمر بلا ليل

يا هلالي البعيد

ثمّة انطفاءات لا حصر لها

وعتمة في منازلي الداخلية

ثمّة مدن قابلة للرحيل والغرق

وأخرى للفوضى

وثّمة قتلى وعصافير نائحة

وسجّانون وأزهار

وقصائد وحجارة

ثمّة منازل مشلوحة

وسلال أجاص غامض

وستائر رماديّة

وقرميد فاقع الحمرة

وثّمة ما هو أقسى من الذاكرة

فأنّا أغنّي على أطراف حدائق مجاورة

لمقابر تنمو

على حساب سريري الخاص

سريري العشب

وسريري الأزهار

فأيّ الهواتف يا هلالي

تقودني الآن

وتقيّدني إلى سلاسل سارا

ومكالمة سارا

أهي الوحشة ،

أم قوس قزح لا أراه

3

فضاء لقبرّة ساحلية :

شبابيك ضوء وزينة

وعقد من الأرجوان

لمن يا بنات المدينة

لمن يعقد المهرجان ؟

لمن يا بنات المدارس

تحلّق هذي النوارس

وتطلع في القلب عوسج

لمن يا قتيل البنفسج ؟

نبيّ يعتمر الأشجار

ويؤاخي الحجارة ،

يلقي بظلال القلب على الأشياء

يحلم بسواعد وأطفال يعرفون الفرح

بالحنطة ، بالقرنفل الذابل ، بالنرجس الجبليّ ،

يحلم بفضاء شاسع ،

بصدر قبّرة ساحليّة

من أجل يوم تمشّط الرض فيه بقبلها ..

أجساد أناس ذهبوا

وليحصى كم ضلعا فقد

وكم ضلعا أبقى

نبيّ يعتمر الأشجار

ويؤاخي الحجارة ،

يعلن أمام احتشاد العناصر

نشيده الصامت

ونبأ انتسابه المبكر إلى عائلة النهر

هي الريح قالت ، وقال النهر جملته ، النورس

الشارع ، الواجهات ، الخطى ، السيدات الأنيقات

قلن ، بنات المدارس ، والشيخ والبحر ، والحرب

والسلم والموت حبّا ، وزارا ..

ولكنّه قال سارا

أسمّي المدينة سارا

لأحضن كلّ الشوارع

وأهتف يا دار سارا

فتسلّمني للزوابع

4

تهليلة كنعانية :

وماذا بعد ؟

يا عزّ عيني وقلبي

يا زناك أمك الفضيّ المتأرجح تحت مظلّة عنقها

كطتئر خرافيّ

منذ أوّل امرأة كنعانية

يا زناك أمك ، ويا قرطيها اللامعين

كاستدارة قمر الأسلاك

يا ملاءتي البيضاء

وجملتي المفيدة في المحيط الضار

يا رسولي إلى المحبّة ،

ويقيني بدمي

يا صغيرتي وامتدادي لمجدّ المسّرات

حيث الأشياء إلى أصولها تعود

ويتألق اسمك في الأرض

أبجدية وشمس

يا صغيرتي وعزّ عيني

أرح بال أمك – غزالة السهوب الشاردة

ونخلة الله في بادية العرب

أرح بالها

أرح

أ………

5

اعتذار إلى الياسمين :

نخب دالية الليل يا ياسمين النهار

للحدائق دوما مزايا

ولي أن أطوّف حتى أموت شهيد الندى والشرار

أمس يا سيّدي الياسمين

قلت أمشي إلى البحر أستوضح الأمر عنها

فعاجلني بالسهام ، وطوّقني بالحنين

فكأني أراها

طيور الظهيرة تنفضّ أجنحة من نحاس

وكأني أراها

لماذا إذن يعتريني اليباس

باهظ حبّها

لاذع نخبها

يا دمي لا تهن

يا شباكي المحار المحار

نخب دالية الليل يا ياسمين النهار

نخب دالية الليل والانتظار

آه من بعد سارا ومن طائر الرعد ،

من صافنات الخشب

آه من أين نأتي لأطفالنا باللعب

إنّها لا تجيء ، ولكن تضيء ..

جوانح أيامنا باللهب

آه سارا .

رعاك الذي لا ينام شجى وطوافا

ولا يعرفّن التعب

نخبك الآن ، نخب مدينتنا ،

نخب دالية الليل ، حتى أراك ،

وحتى يطيح العنب ..