أنورُ سناءَ لاحَ في مشْرِق الغرْبِ – لسان الدين الخطيب
أنورُ سناءَ لاحَ في مشْرِق الغرْبِ ... وفرعُ اعتلاءَ لاحَ في دَوْحة ِ العُرْب
ووارثُ أعلامِ العلا نَشِبَ النّدى ... ومَوْقِدُ نورِ البِشْرِ في ظُلَمِ الكرب
نَطَقْت فحُزْتَ الحُكمَ فَصْلاً خطابُه ... يُقَلَّبُ من وَشْي البلاغة ِ في عَصْب
ومَنْ كأبي بكرٍ عميدا مؤملا ... خُلاصَة َ شَعْب العِلْمِ ناهيكَ من شعب
كفيلٌ بنَيْلِ الجودِ قبل سُؤالهِ ... وَصُولٌ إلى الغاياتِ في المَرْكَبِ الصعب
وأي انْسِكابٍ في سحائب كفِّه ... إذا كَلَحَت شهباءُ عن ناجذِ الجدب
وأي مضاءَ في لطيفِ طِباعِه ... كما سكَنَ التّصْميمُ في ضُبَّة ِ القُضْب
سُلالة ُ أعْلامٍ وفَرْعُ مكارِم ... بهم فَلَكُ العَلْياءِ دارَ على قُطْب
عَشَوْا نحوَ نورِ الله يَقْتبسونه ... وقد خَرَقُوا من دُونِه ظُلمَ الحُجْب
حَمَوْا حائمَ التّهْويم وِرْدَ جُفونِهِم ... وشَدُّوا وثاقَ السُّهد في شَرَكِ الهُدْب
أتوْا دَوْحة َ التّحقيقِ تَدْنو قُطوفُها ... فحازُوا جناها وهي معْرِفة الرَّب
وهَزُّوا فُروعَ العلْمِ وهي بواسِقٌ ... فلله ما جازُوهُ من رُطَبِ رَطب
فإن جَرَتِ الأيامُ في غُلُوائها ... وجرَّت وشيجَ القَسْر في مأزقِ الخَطْب
فما لقِيتْ إلا شُجاعا مُجرَّبا ... ولاّ عَجَمَتْ إلا على عُودِكَ الصُّلْب
وإن أغْفَلْتُ من فرضِ بِرَّكَ واجباً ... على أنها قد أوطأتْك ذُرى الشُّهْب
فقد دَرأتْ حقّ الوصِيّ سفاهَة ً ... عليّ وأعْلتْ من قِداح بني حَرْب
ورُبّما حادَ اللئيمُ بنائلٍ ... وشَنّ بأقْصى سرْجِه غارَة َ العضْب
وأنت من الصِّيدِ الذين سَمَت بهم ... أرُومَة ُ لَخْمٍ في حدائقِها الغُلْب
إلى عمرِ هندٍ حيثُ يخْتَصِمُ العلا ... ويَشْهَدُ نَصْلُ السَّيفِ في حَومَة الحرب
إلى مُرْتَقى ماء السَّماء الذي كسا ... زمانَ احتدام المَحْل أردِيَّة َ الخِصْب
فلا العِزُّ يُعْزَى مُنْتهاه لحاجِبٍ ... ولا الجودُ يُجْدي أن تُذُوكِرَ في كَعْب
فكم أنجبوا من صارم ذي حفيظة ٍ ... إذا كَهَمَتْ ذُلْقُ الصِّفاحِ لَدَى الضَّرْب
وكم أعقبوا من ضَيْغَم يرغَم الطُّلا ... ويهزِمُ أسبابَ الكتائب والكُتْب
إذا عَمَّ طرسَ اليومِ نفسُ دُجُنَّة ٍ ... وعمَّمَ بُرْسُ الغُرِّ في هامَة ِ الهُضْب
حشا باهظُ الأجزالِ وقد ضِرامِها ... فأوْرتْ جحيما لافِحاً أوجهَ السُّحْب
وأعملَ في الكَوْماء حَدَّ حُسامِه ... فخَرَّت وشِيكاً للجبينِ وللجَنْب
فأثقل أكْتاداً وعمَّ حقائباً ... وأنْهَلَ ضَيْماً نبعَ مطّرِدٍ عذب
يروم بسَكْبِ الجُود كَسَب ثنائهم ... فلله من سَكْبٍ كريمٍ ومن كَسَب
مآثرُكُم آل الحكيمِ بقِيتُم ... بَلَغْنَ مَدى الحصرِ المُواصِلِ والحَسْب
فماذا عسَى أحصي وماذا عسَى أفي ... أيُنْضِبُ لُجَّ اليَمِّ مُسْتَنزَرُ الشُّرْبِ
على أنني مهما اقتضبتُ بديهة ً ... على خبَرِ العنْقاء إن ذُكِرَتْ تُرْبي
وما الشِّعرُ إلا ما أفوهُ بسحْرِهِ ... وما خَلَّصَت إبْريزَه شُعْلة ُ اللُّب
ولستُ كمن يَعْتَدُّ بالشِّعرِ مَكْسَباً ... هَبِلتُ رضيعَ المجدِ إن كان منْ كَسْب
لا يوجد تعليقات حالياً