أمن عرش الشآم إلى أثينا – أحمد محرم
أمن عرش الشآم إلى أثينا … لقد هانت عروش المالكينا
أفيصل في بني الأعراب آناً … وفنزيلوس في اليونان حينا
لكل مصرعٌ جللٌ وخطبٌ … يرن صداه في الدنيا رنينا
أمن ملكٍ يطاع إلى شريدٍ … تحييه الخلائق ساخرينا
يجوب الأرض ينشد في بنيها … أولى القربى ويلتمس المعينا
أفنزيلوس إن تنزل بمصرٍ … فقد عرفتك بين النازلينا
وما جهلت مكانك حين تزجي … جيوشك في الممالك فاتحينا
أبادت في قرى إزمير قوماً … وغالت في أدرنة آخرينا
تغير على البلاد فتحتويها … وتستلب المعاقل والحصونا
كتائب لم تدع للترك ذكراً … بفرسالا ولا جبلى ملونا
فمن ينسى الفتوح محجلاتٍ … بلاريسا فإنا ما نسينا
تعيد بها شباب الملك غضاً … وتمنع أن يذل وأن يهونا
وتحمي من بلادك ما استباحت … بحد السيف أيدي الغاصبينا
ودائع في بني عثمان حلت … بأيدي الباسلين حمى أمينا
بلغت بها المدى وطلبت شأواً … يفوت مدى القياصر أجمعينا
فلم تر غير ملك النجم شيئاً … ولم تر منك حين هممت لينا
تظن مناله أملاً كذوباً … وتطمع أنت وحدك أن يكونا
أبت وأبيت فاقتحمتك غضبى … وكان فرارك النصر المبينا
وما برح الغزاة ذوي فرارٍ … إذا كرهت نفوسهم المنونا
يرى الحكماء أمضى الناس بأساً … غداة الحرب أكثرهم جنونا
وما من حكمة ٍ في الأرض إلا … لقومك فضلها في العالمينا
فدع ما أحدث العلماء وارجع … إلى علم الثقات الأولينا
ولا تؤمن بساسته زماناً … يعد سياسة الجهلاء دينا
شهادة مفسد الأحداث مؤذٍ … يرى الإصلاح دأب المفسدينا
هم السم المشوب يظن شهداً … وتفضحه منايا الشاربينا
ألم تر للشعوب وكيف أمست … تقلبهم أكف اللاعبينا
إذا دارت بهم ذهبوا وجاءوا … أذلاء النفوس مسخرينا
إذا كان السلام بقوا متاعاً … فإن تكن الوغى ذهبوا طحينا
إذا نظر الفتى شعباً جريحاً … أصاب حياله شعباً دفينا
جناية معشرٍ غلبت عليهم … نفوس جبابر ما يرعوينا
ملأن مآتم الهلكى عويلاً … وزدن مصارع الجرحى أنينا
ملكن الأرض فاستعلين فيها … وأحدثن الحوادث والشؤونا
كأن الله ليس بذي محالٍ … يهد عزائم المتجبرينا
له الآيات تصدع كل شك … وتعصف بالألى جهلوا اليقينا
رأيت ذوي العمى في الناس هلكى … ولا مثل القلوب إذا عمينا
ومن زعم الغوائل غافلاتٍ … فقد ظلم المزاعم والظنونا
وإن حقائق الحدثان تأتي … فتدمغ ترهات الجاهلينا
سل الدنيا عن الماضين وانظر … إلى الدول الخوالي هل بقينا
وقل لرواية الأجيال ماذا … وعيت عن الكرام الكاتبينا
طوتهم حادثات الدهر فيها … فهم صحفٌ بأيدي القارئينا
كذلك نحن نصبح بعد حينٍ … صحائف عبرة ٍ للغابرينا
شقينا بالحياة وأي شعبٍ … تطيب له حياة المسلمينا
أننكب في الشعوب بكل خطبٍ … ونذهب في البلاد مشردينا
نعوذ بباعث الموتى ونرجو … عوارفه رجاء العاملينا
وليس بمفلحٍ شعبٌ جهولٌ … تخادعه أماني العاجزينا
يظل بمستقر الهون ملقى … يناجي الطير أو يحصي السنينا
يروعه الذباب فإن تمنى … رمى الرئبال واستلب العرينا
وسال البر من فمه جنوداً … وماج البحر في يده سفينا
حنانك ربنا إنا أنبنا … إليك فنجنا مما لقينا
كلمات: سعود بن بندر
ألحان: طلال مداح