أما وهواها عذرة ً وتنصُّلا – مهيار الديلمي
أما وهواها عذرة ً وتنصُّلا … لقد نقل الواشي إليها فأمحلا
سعى جهده لكن تجاوز حدَّه … وكثَّر فارتابت ولو شاء قلَّلا
وقال فلم تقبلْ ولكن تلوَّمتَ … على أنه ما قال إلا لتقبلا
وطارحها أنِّي سلوتُ فهل رأى … له الذمُّ مثلي عن هوى مثلها سلا
أأنفض طوعا حبَّها عن جوانحي … وإن كان حبّاً للجوانح مثقلا
أبى الله والقلبُ الوفيّ بعهدهِ … وإلفٌ إذاعدَّ الهوى كان أوّلا
أيا صاحبي نجوايَ يومَ سويقة ٍ … أناة ً وإن لم تسعدا فتجمَّلا
سلا ظبية َ الوادي وما الظبيُ مثلها … وإن كان مصقولَ الترائب أكحلا
أأنتِ أمرتِ البدرَ أن يصدعَ الدُّجى … وعلّمت غصنَ البان أن يتميَّلا
وحرَّمتِ يومَ البين وقفة َ ساعة ٍ … على عاشقٍ ظنّ الوداعَ محلَّلا
جمعتِ عليه حرقة َ الدمع والجوى … وما اجتمع الداءان إلا ليقتلا
هبي ليَ عيني واحملي كلفة َ الأسى … على القلب إنّ القلبَ أصبرُ للبلا
أراكِ بوجهِ الشمس والبعدُ بيننا … فأقنعُ تشبيها بها وتمثُّلا
وأذكرُ عذبا من رضابك مسكرا … فما أشربُ الصهباءَ إلا تعلُّلا
هنيئا لحبّ المالكيّة ِ إنه … رخيصٌ له ما عزّ منّى وما غلا
تعلّقتها غرّاً وليدا وناشئا … وشبتُ وناشي حبّها ما تكهَّلا
ووحَّدها في الحبّ قلبي فما له … وإن وجدَ الأبدالَ أن يتبدَّلا
رعى الله قلبي ما أبرَّ بمن جفا … وأصبره في النائباتِ وأحملا
وكرَّمَ عهدي للصديق فإنه … قليلٌ على الحالات أن يتحوَّلا
وليَّنَ أيّامي عليَّ فإنني … أزاحم ثهلانا عليه ويذبلا
وأهل زمانٍ لا هوادة َ بينهم … إذا استؤمنوا كانوا أخبَّ وأختلا
صديقُ نفاقٍ أو عدوُّ فضيلة ٍ … متى طبّ عاد الداءُ أدهى وأعضلا
ولوجٌ على الشرّ الذي يرصدونه … متى وجدوا يوما إلى الشرّ مدخلا
إذا ما رأوا عند امرئٍ زادَ يومهِ … مشوا حسداً أو باتَ جوعان مرمِلا
وفي الأرض عنهم مذهبٌ وتفسُّحٌ … فمن ليَ لو أسطيعُ أن أترحَّلا
أهمُّ ولكن من ورائي جواذبٌ … أخافُ على أعطانها أن تشلَّلا
وتعلقني الآمالُ في قللِ العلا … فأجعلها منهم ملاذاً ومعقلا
نعم عند ركن الدين وابن قوامه … غنى ً ومرادٌ أن أضامَ وأهملا
وفي يدهِ البيضاءِ يقطرُ ماؤها … ربيعٌ يردُّ الجدبَ أخضرَ مبقلا
وبالقصر من دار السلام متوَّجٌ … بإشراقه أخزى البدورَ وأخجلا
ترى خرزاتِ الملكِ فوق جبينه … كواكبَ نورٍ ضوءها يملأ الفلا
يميت النفوسَ قاطبا متنمِّرا … ويحيى أوانا باسما متهلِّلا
إذا كفروا النَّعماءَ شامَ سيوفه … وإن سألوا الإغضاء سامَ التفضُّلا
قريبٌ إلى المولى بعيدٌ بعزّه … على مغمز الأعداء أن يتسهَّلا
إذا منَّ أعطى حلمه متبيِّنا … وإن همَّ أعطى أمره متعجَّلا
حوى حوزة َ الدنيا فدبَّر أمرها … مليّاً بتقويمِ الأمور معدِّلا
أطاعته أعناقُ البلادِ وأقبلتْ … إليه القلوبُ رغبة ً لا تعمُّلا
ودانت له الأقدارُ حتى تصرَّفتْ … على أمره الماضي صعودا ونزَّلا
إذا طلبَ الأعداءَ أنفذَ جحفلا … لهاماً من الإقبال يتبعَ جحفلا
كفاه مكانَ السيفِ والرمحِ جدُّهُ … فلو شاء يوم الروعِ حاربَ أعزلا
وكم عادة ٍ لله في النصر عنده … تضمَّن باستمرارها وتكفَّلا
ومن آية ٍ قامتْ بتثبيتِ ملكه … وقد كادت الأقدامُ أن تتزيَّلا
ظهرتَ جلالَ الدولتين بفضلها … ومعجزها حتى ظنناك مرسلا
رأى اللهُ أنّ الأرضَ أصلحُ سيرة ً … عليك وان الناسَ أجملُ محفلا
وأنك تأوي في أمورك كلِّها … إليه منيبا نحوه متبتِّلا
فولاَّك في ضيق الشدائد فرجة ً … وأعطاك منجى ً في الخطوب وموئلا
وكم آبقٍ من رقِّ ملكك غامطٍ … لنعماك لم ينهضْ بما قد تحمَّلا
عفوتَ مرارا عن تمادي ذنوبه … فأنظرتهُ بالعفو حتى توغَّلا
وبالأمس لجُّوا في الشِّقاقِ وأجلبوا … عليك وظنَّوها وحاشاك فيصلا
فلم يجنِ ضعفُ الرأى إلا عليهمُ … ولا ازددتَ إلا قوّة ً وتأثُّلا
فسائلْ بهم إما طريدا مشرَّدا … يلوذ بصفح أو قتيلا مجدَّلا
فلا زالَ من عاداك أبعد شقّة ً … وأخبثَ أيّاما وأخشنَ منزلا
ولا زالت الراياتُ واسمك حليها … خوافقَ تحوى الأرضَ سهلا وأجبلا
إلى أن ترى بيضَ الملوك وسودها … قياما على أخرى بساطك مثَّلا
وبلِّغتَ في نجميك يا بدرُ كلَّ ما … تؤمِّل في نجمٍ على أفقٍ علا
قديمها والطالعُ الآن قابسا … ضياءك حتى يستقيمَ ويكمُلا
فكانا على الأعداءِ سيفى تناصرٍ … شبيهك فيما أحدثا وتقيَّلا
وشدَّاك والضِّرغامُ أمنعُ جانبا … وأنهضُ إقداما إذا كان مُشبِلا
وكثِّرتَ بالأولادِ ترهفُ منصُلا … طريرا إلى الدنيا وتطبعُ منصُلا
فإنك من قومٍ ثوى الملكُ فيهمُ … فلم ينوِ من بعد الحلولِ ترحُّلا
أصولهمُ منصورة ٌ بفروعهم … إذا قام منهم آخرٌ كان أوّلا
لكم في رقابِ الناس أمراسُ ذمّة ٍ … بعيدٌ على استحصافها أن تحلَّلا
مفاتيحُ هذا الرزقِ بين أكفِّهم … ونصرة ُ دين الله بيضاً وذبَّلا
فما يشهدون الحرب إلا إذا غلتْ … ولا يشترون الحمدَ إلا إذا غلا
أتعرف يا مولى الملوك كقصِّة ٍ … بليتُ بها الأمس والحرُّ يبتلى
أبعدَ قنوعي بالثمادِ تعفّفا … وهجري أبوابَ الملوك تعزُّلا
وظلمي فضلي واهتضامي توحُّدي … مخافة أن أوذى وأن أتبذَّلا
يسيئ رعاعُ الناس عندك سمعتي … ويشعر أنّي حزتُ مالاً مؤثَّلا
ويغرى بإفقارى وأنت الذي ترى … لمثلي أن يغنى وأن يتموَّلا
ولكنَّها ما غيَّرتْ لك شيمة ً … كرمتَ بها إلا قليلا كلاَ ولا
ولما سعى الساعي فجاءك كاذبا … عليَّ بجورٍ كنتَ أعلى وأعدلا
أتاك بزورٍ فاتحا فمهُ به … فألقمته بالردِّ تربا وجندلا
تسرَّع فيها جالبا لك إثمها … ولكن أراك الحقُّ أن تتمهَّلا
فلم تألني كشفاً لصدقِ براءتي … ولا نظراً في قصّتي وتأمُّلا
وزنتَ بذكر المالِ مجدك في العلا … فكان وزانُ المجد عندك أثقلا
وحكَّمتَ رأيا طاهرياوهمّة ً … بويهيَّة ً ما طبَّقتْ كان مفصلا
فأرضاك منّى الصدقُ لما علمته … ببيّنة ٍ لم أستعرها تقوُّلا
فإن فاجأتني همّة ٌ من طروقها … تروَّع منها جانبي وتوجَّلا
حبستُ ولكن كان حبسا مشرِّفا … أناف بذكرى واعتقالا مجمِّلا
ولم أر مثلي مستضاما مكرَّما … ولا كاسبا للعز من حيث ذلِّلا
لئن عدَّ قومٌ نكبة ً حبسَ ليلة ٍ … لقد كنتُ منكوباً من الناس مقبلا
وسبَّب لي هذا المقامَ تروُّعي … وقد كنتُ عنه ساهيا أو مغفَّلا
مكانٌ تمناه الكواكبُ عزَّة ً … فتبغى إليه مهبطا وتنزُّلا
ومن لجبين الشمس لو خرّ ساجدا … لأرضك أو وافى ثراك مقبِّلا
لبست به ثوبا ضفا ليَ فخرهُ … بمدحك مجرورا عليّ مذيَّلا
سيعلم منْ جرَّ السعاية َ أنه … بكرهي إلى ما ساق نفعي توصَّلا
لقد غرس التعريضَ بي في وبيئة ٍ … متى استثمرتْ أجنته صابا وحنظلا
إذا وسمتْ عرضَ اللئيم بميسمٍ … من الذمِّ باقٍ ودَّ لو كان أغفلا
فكان شقيّاً خاب عندك سعيهُ … وفزتُ وكنتَ المنعمَ المتفضِّلا
أقمْ فيَّ من عاداتِ سيبك سنّة ً … هي الغيثُ أو كانت أعمَّ وأجزلا
فكم من نوالٍ مسرفٍ قد حقرته … وفلَّلتَ من جمَّاعهِ فتفلَّلا
وعارفة ٍ لو يسألُ البحرُ بعضها … تعذَّر في إخراجها وتمحَّلا
فمر فيّ بالمعروف من سيب راحة ٍ … معوّدة ٍ أن تستهلَّ وتهطلا
وكن مرغما خصمى بأمر مشرِّفٍ … توفِّرُ لي منه الضمان المعجَّلا
وتجبرُ من جاهى الكسير وخلَّتي … فأجدرُ من أسمنتَ من كنتَ مُهزلا
وثق بجزاءٍ شعرُ عبدك ضامنٌ … لما طاب منه في الشِّفاهِ وما حلا
من الباقياتِ الصالحاتِ أروضها … بنفسي إذا طابت وقلبي إذا خلا
سوائرَ يقطعن البلاد حواملا … دعاء مجاباً أو ثناءً منخَّلا
إذا ما كسوتُ العيدَ منهنَّ لبسة ً … ترفَّلَ فيها تائها وتخيَّلا
ومدّ يدَ الراجي نوالكَ مدلياً … بحرمتها مستشفعا متوسِّلا
يبشِّرُ عنها أنه عائدٌ بها … عليك مدى الأيام عمرا مطوَّلا
هو اليومُ أعطاه الإله فضيلة ً … كما كنتَ ممّن يحملُ الأمرَ أفضلا
فقابل به وجهَ الخلود مبلَّغا … شروطَ المنى ما كرَّ عيدٌ وأقبلا
وكن مفطراً بالبرِّ والبسَ على التقى … ثوابكَ وانزع صومك المتقبَّلا
تزخرفُ جنّاتُ العلا لك مفطرا … وصائمَ فرصٍ كنتَ أو متنفِّلا
إلى أن ترى صمَّ الجبال فلائقا … مسيَّرة ً والجوَّ ماءً مسلسلا
إذا ما انجلى صبحٌ ولستَ مملَّكا … علينا فلا انشقَّ الظلامُ ولا انجلى