ألا أسعديني بالدموع السواكب – البحتري
ألا أسعديني بالدموع السواكب … على الوجد من صرم الحبيب المغاصب
وسحي دموعاً هاملات كأنما … لها آمر يرفض من تحت حاجبي
ألا واستزيريها إلينا تطلعاً … وقولي لها في السر: يا أم طالب
لماذا أردت الهجر مني ولم أكن … لعهدكم لي بالمذوق الموارب
فإن كان هذا الصرم منكم تدللا … فأهلا وسهلاً بالدلال المخالب
وإن كنت قد بلغت يا علو باطلا … بقول عدو فاسألي ثم عاقبي
ولا تعجلي بالصرم حتى تبني … أمبلغ حق كان أم قول كاذب
كأن جميع الأرض حتى أراكم … تصور في عيني بسود العقارب
ولو زرتكم في اليوم سبعين مرة … لكنت كذي فرخ عن الفرخ غائب
أراني ابيت الليل صاحب عبرة … مشوقاً أراعي منجدات الكواكب
أراقب طول الليل حتى إذا انقضى … رقبت طلوع الشمس حتى المغارب
إذا ذهبا هذان مني بلذتي … فما أنا في الدنيا لعيش بصاحب
فيا شؤم جدي كيف ابكي تلهفاً … على ما مضي من وصل بيضاء كاعب
رأت رغبتي فيها فأبدت زهادة … ألا رب محروم من الناس راغب
أريد لأدعو غيرها فيردني … لساني إليها باسمها كالمغالب
يظل لساني يشتكي الشوق والهوى … وقلبي كذي حبس لقتل مراقب
وإن بقلبي كلما هاج شوقه … حرارات أقباس تلوح لراهب
فلو أن قلبي يستطيع تكلماً … لحدثكم عني بجم العجائب
كتبت فأكثرت الكتاب إليكم … كذي رغبة حتى لقد مل كاتبي
أما تتقين الله في قتل عاشق … صريع قريح القلب كالشن ذائب
فأقسم لو أبصرتني متضرعاً … أقلب طرفي نحوكم كل جانب
وحولي من العواد باك ومشفق … أباعد أهلي كلهم وأقاربي
لأبكاك مني ما ترين توجعاً … كأنك بي يا علو قد قام نادبي
وقد قال داعي الحب: هل من مجاوب؟ … فأقبلت أسعى قبل كل مجاوب
فما إن له إلا إلي مذاهب … تكون ولا إلا إليه مذاهبي