أقِلّي اللّوْمَ عاذلَ وَالعِتابَا – جرير

أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا … وَقولي إِن أَصَبتُ لَقَد أَصابا

أَجَدِّكَ ما تَذَكَّرُ أَهلَ نَجدٍ … وَحَيّاً طالَ ما اِنتَظَروا الإِيابا

بَلى فَاِرفَضَّ دَمعُكَ غَيرَ نَزرٍ … كَما عَيَّنتَ بِالسَرَبِ الطِبابا

وَهاجَ البَرقُ لَيلَةَ أَذرِعاتٍ … هَوىً ما تَستَطيعُ لَهُ طِلابَ

فَقُلتُ بِحاجَةٍ وَطَوَيتُ أُخرى … فَهاجَ عَلَيَّ بَينَهُما اِكتِئابا

وَوَجدٍ قَد طَوَيتُ يَكادُ مِنهُ … ضَميرُ القَلبِ يَلتَهِبُ اِلتِهابا

سَأَلناها الشِفاءَ فَما شَفَتنا … وَمَنَّتنا المَواعِدَ وَالخِلابا

لَشَتّانَ المُجاوِرُ دَيرَ أَروى … وَمَن سَكَنَ السَليلَةَ وَالجِنابا

أَسيلَةُ مَعقِدِ السِمطَينِ مِنها … وَرَيّا حَيثُ تَعتَقِدُ الحِقابا

وَلا تَمشي اللِئامُ لَها بِسِرٍّ … وَلا تُهدي لِجارَتِها السِبابا

أَباحَت أُمُّ حَزرَةَ مِن فُؤادي … شِعابَ الحُبِّ إِنَّ لَهُ شِعابا

مَتى أُذكَر بِخورِ بَني عِقالٍ … تَبَيَّنَ في وُجوهِهِمِ اِكتِئابا

إِذا لاقى بَنو وَقبانَ غَمّاً … شَدَدتُ عَلى أُنوفِهِمِ العِصابا

أَبى لي ما مَضى لي في تَميمٍ … وَفي فَرعَي خُزَيمَةَ أَن أُعابا

سَتَعلَمُ مَن يَصيرُ أَبوهُ قَيناً … وَمَن عُرِفَت قَصائِدُهُ اِجتِلابا

أَثَعلَبَةَ الفَوارِسِ أَو رِياحاً … عَدَلتَ بِهِم طُهَيَّةَ وَالخِشابا

كَأَنَّ بَني طُهَيَّةَ رَهطَ سَلمى … حِجارَةُ خارِئٍ يَرمي كِلابا

فَلا وَأَبيكَ ما لاقَيتُ حَيّاً … كَيَربوعٍ إِذا رَفَعوا العُقابا

وَما وَجَدَ المُلوكُ أَعَزَّ مِنّا … وَأَسرَعَ مِن فَوارِسِنا اِستِلابا

وَنَحنُ الحاكِمونَ عَلى قُلاخٍ … كَفَينا ذا الجَريرَةِ وَالمُصابا

حَمَينا يَومَ ذي نَجَبٍ حِمانا … وَأَحرَزنا الصَنائِعَ وَالنِهابا

لَنا تَحتَ المَحامِلِ سابِغاتٌ … كَنَسجِ الريحِ تَطرِدُ الحَبابا

وَذي تاجٍ لَهُ خَرَزاتُ مُلكٍ … سَلَبناهُ السُرادِقَ وَالحِجابَ

أَلا قَبَحَ الإِلَهُ بَني عِقالٍ … وَزادَهُمُ بِغَدرِهِمِ اِرتِيابا

أَجيرانَ الزُبَيرِ بَرِئتُ مِنكُم … فَأَلقوا السَيفَ وَاِتَّخِذوا العِيابا

لَقَد غَرَّ القُيونُ دَماً كَريماً … وَرَحلاً ضاعَ فَاِنتُهِبَ اِنتِهابا

وَقَد قَعِسَت ظُهورُهُمُ بِخَيلٍ … تُجاذِبُهُم أَعِنَّتَها جِذابا

عَلامَ تَقاعَسونَ وَقَد دَعاكُم … أَهانَكُمُ الَّذي وَضَعَ الكِتابا

تَعَشّوا مِن خَزيرِهِمُ فَناموا … وَلَم تَهجَع قَرائِبُهُ اِنتِحابا

أَتَنسَونَ الزُبَيرَ وَرَهطَ عَوفٍ … وَجِعثِنَ بَعدَ أَعيَنَ وَالرَبابا

وَخورُ مُجاشِعٍ تَرَكوا لَقيطاً … وَقالوا حِنوَ عَينِكَ وَالغُرابَ

وَأَضبُعُ ذي مَعارِكَ قَد عَلِمتُم … لَقينَ بِجَنبِهِ العَجَبَ العُجابا

وَلا وَأَبيكَ ما لَهُم عُقولٌ … وَلا وُجِدَت مَكاسِرُهُم صِلابا

وَلَيلَةَ رَحرَحانِ تَرَكتَ شيباً … وَشُعثاً في بُيوتِكُمُ سِغابا

رَضِعتُم ثُمَّ سالَ عَلى لِحاكُم … ثُعالَةَ حَيثُ لَم تَجِدوا شَرابا

تَرَكتُم بِالوَقيطِ عُضارِطاتٍ … تُرَدِّفُ عِندَ رِحلَتِها الرِكابا

لَقَد خَزِيَ الفَرَزدَقُ في مَعَدٍّ … فَأَمسى جَهدُ نُصرَتِهِ اِغتِيابا

وَلاقى القَينُ وَالنَخَباتُ غَمّاً … تَرى لوكوفِ عَبرَتِهِ اِنصِبابا

فَما هِبتُ الفَرَزدَقَ قَد عَلِمتُم … وَما حَقُّ اِبنِ بَروَعَ أَن يُهابا

أَعَدَّ اللَهُ لِلشُعَراءِ مِنّي … صَواعِقَ يَخضَعونَ لَها الرِقابا

قَرَنتُ العَبدَ عَبدَ بَني نُمَيرٍ … مَعَ القَينَينِ إِذ غُلِبا وَخابا

أَتاني عَن عَرادَةَ قَولُ سوءٍ … فَلا وَأَبي عَرادَةَ ما أَصابا

لَبِئسَ الكَسبُ تَكسِبُهُ نُمَيرٌ … إِذا اِستَأنوكَ وَاِنتَظَروا الإِيابا

أَتَلتَمِسُ السِبابَ بَنو نُمَيرٍ … فَقَد وَأَبيهِمُ لاقوا سِبابا

أَنا البازي المُدِلُّ عَلى نُمَيرٍ … أُتِحتُ مِنَ السَماءِ لَها اِنصِبابا

إِذا عَلِقَت مَخالِبُهُ بِقَرنٍ … أَصابَ القَلبَ أَو هَتَكَ الحِجابا

تَرى الطَيرَ العِتاقَ تَظَلُّ مِنهُ … جَوانِحَ لِلكَلاكِلِ أَن تُصابا

فَلا صَلّى الإِلَهُ عَلى نُمَيرٍ … وَلا سُقِيَت قُبورُهُمُ السَحابا

وَخَضراءِ المَغابِنِ مِن نُمَيرٍ … يَشينُ سَوادُ مَحجِرِها النِقابا

إِذا قامَت لِغَيرِ صَلاةِ وِترٍ … بُعَيدَ النَومِ أَنبَحَتِ الكِلابا

وَقَد جَلَّت نِساءُ بَني نُمَيرٍ … وَما عَرَفَت أَنامِلُها الخِضابَ

إِذا حَلَّت نِساءُ بَني نُمَيرٍ … عَلى تِبراكَ خَبَّثَتِ التُرابا

وَلَو وُزِنَت حُلومُ بَني نُمَيرٍ … عَلى الميزانِ ما وَزَنَت ذُبابا

فَصَبراً يا تُيوسَ بَني نُمَيرٍ … فَإِنَّ الحَربَ موقِدَةٌ شِهابا

لَعَمروُ أَبي نِساءِ بَني نُمَيرٍ … لَساءَ لَها بِمَقصَبَتي سِبابا

سَتَهدِمُ حائِطَي قَرماءَ مِنّي … قَوافٍ لا أُريدُ بِها عِتابا

دَخَلنَ قُصورَ يَثرِبَ مُعلِماتٍ … وَلَم يَترُكنَ مِن صَنعاءَ بابا

تَطولُكُمُ حِبالُ بَني تَميمٍ … وَيَحمي زَأرُها أَجَماً وَغابا

أَلَم نُعتِق نِساءَ بَني نُمَيرٍ … فَلا شُكراً جَزَينَ وَلا ثَوابا

أَلَم تَرَني صُبِبتُ عَلى عُبَيدٍ … وَقَد فارَت أَباجِلُهُ وَشابا

أُعِدَّ لَهُ مَواسِمَ حامِياتٍ … فَيَشفي حَرُّ شُعلَتِها الجِرابا

فَغُضَّ الطَرفَ إِنَّكَ مِن نُمَيرٍ … فَلا كَعباً بَلَغتَ وَلا كِلابا

أَتَعدِلُ دِمنَةً خَبُثَت وَقَلَّت … إِلى فَرعَينِ قَد كَثُرا وَطابا

وَحُقَّ لِمَن تَكَنَّفَهُ نُمَيرٌ … وَضَبَّةُ لا أَبالَكَ أَن يُعابا

فَلَولا الغُرُّ مِن سَلَفي كِلابٍ … وَكَعبٍ لَاِغتَصَبتُكُمُ اِغتِصابا

فَإِنَّكُمُ قَطينُ بَني سُلَيمٍ … تُرى بُرقُ العَباءِ لَكُم ثِيابا

إِذاً لَنَفَيتُ عَبدَ بَني نُمَيرٍ … وَعَلَيَّ أَن أَزيدَهُمُ اِرتِيابا

فَيا عَجَبي أَتوعِدُني نُمَيرٌ … بِراعي الإِبلِ يَحتَرِشُ الضِبابا

لَعَلَّكَ يا عُبَيدُ حَسِبتَ حَربي … تَقَلُّدَكَ الأَصِرَّةَ وَالعِلابا

إِذا نَهَضَ الكِرامُ إِلى المَعالي … نَهَضتَ بِعُلبَةٍ وَأَثَرتَ نابا

يَحِنُّ لَهُ العِفاسُ إِذا أَفاقَت … وَتَعرِفُهُ الفِصالُ إِذا أَهابا

فَأَولِع بِالعِفاسِ بني نُمَيرٍ … كَما أولَعتَ بِالدَبَرِ الغُرابا

وَبِئسَ القَرضُ قَرضُكَ عِندَ قَيسٍ … تُهَيِّجُهُم وَتَمتَدِحُ الوِطابا

وَتَدعو خَمشَ أُمِّكَ أَن تَرانا … نُجوماً لا تَرومُ لَها طِلابا

فَلَن تَسطيعَ حَنظَلَتى وَسُعدى … وَلا عَمرى بَلَغتَ وَلا الرِبابا

قُرومٌ تَحمِلُ الأَعباءَ عَنكُم … إِذا ما الأَمرُ في الحَدَثانِ نابا

هُمُ مَلَكوا المُلوكَ بِذاتِ كَهفٍ … وَهُم مَنَعوا مِنَ اليَمَنِ الكُلابا

يَرى المُتَعَيِّدونَ عَلَيَّ دوني … أُسودَ خَفِيَّةِ الغُلبِ الرِقابا

إِذا غَضِبَت عَلَيكَ بَنو تَميمٍ … حَسِبتَ الناسَ كُلُّهُمُ غِضابا

أَلَسنا أَكثَرَ الثَقَلَينِ رَجلاً … بِبَطنِ مِنىً وَأَعظَمُهُ قِبابا

وَأَجدَرَ إِن تَجاسَرَ ثُمَّ نادى … بِدَعوى يالَ خِندِفَ أَن يُجابا

لَنا البَطحاءُ تُفعِمُها السَواقي … وَلَم يَكُ سَيلُ أَودِيَتي شِعابا

فَما أَنتُم إِذا عَدَلَت قُرومي … شَقاشِقَها وَهافَتَتِ اللُعابا

تَنَحَّ فَإِنَّ بَحري خِندِفِيٌّ … تَرى في مَوجِ جِريَتِهِ عُبابا

بِمَوجٍ كَالجِبالِ فَإِن تَرُمهُ … تُغَرَّق ثُمَّ يَرمِ بِكَ الجَنابا

فَما تَلقى مَحَلِّيَ في تَميمٍ … بِذي زَلَلٍ وَلا نَسَبي اِئتِشابا

عَلَوتُ عَلَيكَ ذِروَةَ خِندِفِيٍّ … تَرى مِن دونِها رُتَباً صِعابا

لَهُ حَوضُ النَبِيِّ وَساقِياهُ … وَمَن وَرِثَ النُبُوَّةَ وَالكِتابا

وَمِنّا مَن يُجيزُ حَجيجَ جَمعٍ … وَإِن خاطَبتَ عَزَّكُمُ خِطابا

سَتَعلَمُ مَن أُعِزُّ حِمىً بِنَجدٍ … وَأَعظَمُنا بِغائِرَةٍ هِضابا

أُعُزُّكَ بِالحِجازِ وَإِن تَسَهَّل … بِغَورِ الأَرضِ تُنتَهَبُ اِنتِهابا

أَتَيعَرُ يا اِبنَ بَروَعَ مِن بَعيدٍ … فَقَد أَسمَعتَ فَاِستَمِعِ الجَوابا

فَلا تَجزَع فَإِنَّ بَني نُمَيرٍ … كَأَقوامٍ نَفَحتَ لَهُم ذِنابا

شَياطينُ البِلادِ يَخَفنَ زَأري … وَحَيَّةُ أَريَحاءَ لي اِستَجابا

تَرَكتُ مُجاشِعاً وَبَني نُمَيرٍ … كَدارِ السوءِ أَسرَعَتِ الخَرابا

أَلَم تَرَني وَسَمتُ بَني نُمَيرٍ … وَزِدتُ عَلى أُنوفِهِمُ العِلابا

إِلَيكَ إِلَيكَ عَبدَ بَني نُمَيرٍ … وَلَمّا تَقتَدِح مِنّي شِهابا