أفضْ عليكَ لبوسَ الصبر والجلدِ – الهبل
أفضْ عليكَ لبوسَ الصبر والجلدِ … فإنه الموتُ لا يبقي على أحدِ ؛
وبالتجلدِ قابلْ كلَّ حادثة ٍ ؛ … إن لم يكنْ لكَ عند الخطبِ من جلدِ ؛
إنَّ الذي يظهرُ الإنسان من جزعٍ … أمرٌ ؛ إذا جاءَ أمر الله لم يفدِ
فالموتُ أكؤسه لا بدّ دائرة ٌ … لكلّ مقتربٍ منا ومبتعدِ ؛
كلٌّ لهُ عمرٌ مفض إلى أجلٍ ؛ … متى أتى المرءَ ؛ لم ينقصْ ولم يزدِ ؛
عمرُ الفتى حلبة ٌ والموتُ غايتها … والمرؤ من موتهِ يسعى إلى أمدِ ؛
وقد يهون ما في القلب من جزع … أن لا بقاء لغير الواحد الصمد ؛
يا درة َ العقد في آل المؤيد لم … يتركْ مصابكِ من قلبٍ ولا كبدٍ
لو كانَ يدفعُ منْ ماضي القضا عددٌ … حطناكِ بالعددِ الموفورِ والعددِ
لو أنه كانَ يرضي الموت فيكِ فدى ً … إذاً فدنياكِ بالأهلين والولدِ
لكنه الموتُ ؛ لا يرضيه بذلُ فدى … ولاَ يصيخُ إلى عذلٍ ولا فندِ ؛
ولا يرقّ لذي ضعفٍ وذي خورٍ … ولا يحاذرُ بطشَ الفارسِ النجدِ
يأتي الملوكَ ؛ ملوكَ الأرضِ مقتحماً … ويخرجُ الشبلَ من عريسة ِ الأسدِ
منْ للمساكين ؛ قد أصليتِ أكبدهمْ … بلاعجٍ من ضرام الحزنِ متقدِ
منْ للأراملِ ؛ تبكيكَ الدماءَ لما … حملنَ بعدكِ من كربٍ ومن كمد ؛
كمْ من فؤادٍ حيرانَ ملتهباً … حزناً ومن مدمعٍ في الخدّ مطردِ ؛
لا غرو إنْ متنَ منْ حزنٍ عليكَ فقد … فقدنَ منكَ لعمري خيرَ مفتقدِ
أما كرزئك ؛ لاّ واللهِ ما سمعتْ … أذنٌ ولا دارَ في فكرٍ ولا خلدِ .
رزوٌ غدا منهُ شملُ المجدِ منصدعاً … وفتّ في ساعد العلياء والعضدِ ؛
جلَّ المصابُ ؛ فما خلقٌ يقولُ إذنْ … يا صبرَ اسعدْ ؛ ولا يا حزنُ قدك قدِ ؛
وحسبنا أسوة ٌ طهو حيدرة ٌ … والآلُ أجمعُ منْ داعٍ ومقتصدِ ؛
فاصبرْ عمادَ الهدى للحكم محتسباً … أجراً وسلمْ لأمرِ الواحد الصمدِ ؛
فالصبرُ عقدٌ نفيسٌ مالهُ ثمنٌ … ولا يكونُ لغير السيد السندِ ؛
وما الرزية ُ يا مولايَ هينة ٌ ؛ … وإن أمرتَ بحسنِ الصبرِ والجلدِ
لكن نسومكَ عاداتٍ عرفتَ بها ؛ … أنْ لستَ تلقي إلى حزنٍ غزا بيدِ ؛
وليسَ مثلكَ منْ بالصبر نأمرهُ ؛ … فأنتَ الذي يهدي إلى الرشدِ ؛
كم حادثٍ لا تطيقُ الشمُّ وطأتهُ ؛ … لاقيتهُ من جميل الصبرِ في عددِ .
ألستَ من سادة ٍ شمًّ غطارفة ٍ … أحيوا بوبل الندى الوكافِ كلَّ ندي ؛
القومُ تضربُ أمثالَ العلى بهمُ … بينَ البرية طراً آخرَ الأبدِ ؛
المقدمونَ وأسدُ الغابِ خاضعة ٌ … والباذلون الجود والأنواء لم تجدِ ؛
غرٌّ رقوا من مراقي المجدِ أرفعها … وقوموا كلَّ ذي زيغٍ وذي أودِ ؛
واشكرْ لمولاك إذ أولاكَ عافية ً ؛ … لا زلتَ ترفلُ في اثوابها الجددِ
وما بقيتَ لنا فالصدعُ ملتئمٌ ؛ … فأنتَ للدين مثلُ الروحِ للجسدِ